الائتلاف الوطني السوري يضغط لإدخال تعديلات على خطة دي ميستورا التي تبناها مجلس الأمن

غليون لـ {الشرق الأوسط}: التجاوب مع الطرح الحالي يجعلنا شهود زور على قتل شعبنا

مدفعية تابعة لقوات المعارضة السورية تقصف مواقع للمتطرفين في إحدى قرى ريف حلب (غيتي)
مدفعية تابعة لقوات المعارضة السورية تقصف مواقع للمتطرفين في إحدى قرى ريف حلب (غيتي)
TT

الائتلاف الوطني السوري يضغط لإدخال تعديلات على خطة دي ميستورا التي تبناها مجلس الأمن

مدفعية تابعة لقوات المعارضة السورية تقصف مواقع للمتطرفين في إحدى قرى ريف حلب (غيتي)
مدفعية تابعة لقوات المعارضة السورية تقصف مواقع للمتطرفين في إحدى قرى ريف حلب (غيتي)

تعقد الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري المعارض، على مدار 3 أيام، اجتماعًا طارئًا في مدينة إسطنبول التركية خصص لمناقشة خطة عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الأخيرة، التي تبناها مجلس الأمن من خلال بيان رئاسي في 17 أغسطس (آب) الحالي. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة السياسية للائتلاف كانت قد وضعت أكثر من ملاحظة على هذه الخطة، ولا سيما لجهة انتقادها المدة التي سيستغرقها مسار العمل المقترح وقلة وضوح آلية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي في المسودتين اللتين تقدم بهما دي ميستورا.
الاجتماع انطلق بعد ظهر يوم أمس (الجمعة) على أن ينتهي بإصدار بيان رسمي مساء غد (الأحد)، تحدد فيه الهيئة العامة موقفها من المشاركة في مجموعات العمل الأربع التي تضمنتها خطة عمل دي ميستورا، والآليات المقترحة بشأنها. ويدفع الائتلاف، الذي التقت هيئته السياسية في الأيام الماضية فريق دي ميستورا وممثلين عن الولايات المتحدة وتركيا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، باتجاه إدخال تعديلات إلى الخطة التي طرحها المبعوث الدولي، وذلك لكي تنسجم مع «بيان جنيف»، وقرارات مجلس الأمن، بل والأهم لكي تطلق مسار الانتقال السلمي للسلطة وتضع حدًا لإراقة دماء السوريين، وفق عضو الائتلاف أحمد رمضان.
رمضان أكد أمس تعاطي الائتلاف «بإيجابية، كما دائمًا، مع الحلول السياسية المقترحة للأزمة السورية، شرط أن تكون ذات أهداف واضحة ومحددة، ولا تتعارض مع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في السنوات الماضية».
وأردف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نسعى لتجنبه هو إعطاء المزيد من الوقت لنظام الأسد لقتل شعبه، علما بأن الخطة التي يطرحها دي ميستورا تعطي هذا النظام 3 أشهر إضافية للاستمرار بعمليات القتل الممنهج».
وأوضح رمضان أن الاجتماع الحالي للهيئة العامة للائتلاف سيحدد برنامج العمل الذي ستلتزم به الهيئتان السياسية والرئاسية بالمرحلة المقبلة، بما يتعلق بموضوع التفاوض والتسوية السياسية، ولفت إلى أن دي ميستورا كان قد عرض «مسودتين تضمنتا عددًا من الأفكار، لكننا وبعد مشاوراتنا معه ومع فريقه طلبنا إصدار مسوّدات جديدة لتكون الأفكار التي توافقنا عليها مكتوبة، فيكون لنا موقف واضح منها».
وسبق لوسائل إعلام مقربة من النظام السوري أن تحدثت عن تقديم دي ميستورا وثيقتين إلى الأطراف السورية حول مبادرته للحل، تنصّان على وجوب تشكيل «مجموعات عمل مشتركة تتوصّل إلى مسودة وثائق تمهد لـ(جنيف 3)، كما تضع المفاوضات في مسار تدريجي». وتطلب الوثيقة الأولى من الأطراف السورية «تزويد الفريق الأممي بأسماء للمشاركة في مجموعات العمل لوضع أسس الحل، بحيث تتوصل تلك المجموعات المشتركة إلى مسودة وثائق تعتبر أرضية مسهلة لمفاوضات جنيف 3». وتضع الوثيقة الثانية المفاوضات في إطار «مسار تفاوضي متدرّج، يبدأ بالملفات السهلة غير المختلف عليها، فتكون هيئة الحكم الانتقالي بندا ختاميا على جدول الأعمال».
من ناحية أخرى، تحدث الدكتور برهان غليون القيادي البارز في المعارضة السورية وعضو الائتلاف، عن «تحفظات كبيرة» لدى معظم أطراف المعارضة السورية حول خطة دي ميستورا الأخيرة، لافتًا إلى أن البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن بدا وكأنه «بديل» عن القرارات السابقة للأمم المتحدة التي «أصلاً لم ينفذ أي منها». وأوضح غليون في حديث «الشرق الأوسط» أنه «كان على المجتمع الدولي والأمم المتحدة الانصراف إلى تطبيق القرارات السابقة التي اتخذوها بشأن سوريا وليس إلغاء تلك القرارات واستبدال قرارات وطروحات أكثر غموضًا بها، بما يوحي بأنه لا إرادة دولية باتخاذ موقف جدي بوضع حد للأزمة السورية المتمادية».
وأشار غليون أيضًا إلى أن الائتلاف «يتعرّض لضغوط من عدد من الدول للمشاركة بتطبيق خطة دي ميستورا تمامًا، كما حصل قبيل توقيع اتفاق جنيف الأول»، وأضاف: «يريدون منا أن نتصرّف وكأن لا ذاكرة لنا ولا شعور بالمسؤولية، ويدفعون بنا لمجاراة الأمم المتحدة بمماطلتها، علمًا بأن كل ما تقوم به هو مسايرة إيران وموسكو و(رئيس النظام بشار) الأسد.. ولعلنا لن نستغرب أن يطلبوا منا في النهاية الاعتراف بالأسد كرئيس والموافقة على بقائه بالسلطة». وشدّد غليون على أن قوى المعارضة مجتمعة قادرة على «مواجهة تسويف الأمم المتحدة، لأنه وبتجاوبنا مع كل ما يطلبونه وآخر الطلبات طرح دي ميستورا، نكون شهود زور على قتل شعبنا».
جدير بالذكر أن دي ميستورا اقترح في يوليو (تموز) الماضي إنشاء «مجموعات عمل» تشرف عليها الأمم المتحدة لحل أربع قضايا كبرى «في ظل عدم استعداد أطراف الصراع لإجراء مفاوضات سلام رسمية». وتركز الخطة الجديدة للمبعوث الدولي على ملفات السلامة والحماية، بما في ذلك إنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الطبية، والمسائل السياسية والدستورية، مثل إنشاء هيئة الحكم الانتقالي والانتخابات، والمسائل العسكرية والأمنية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب ووقف إطلاق النار، والمؤسسات العامة والتنمية، مع التركيز على كيفية تقديم الخدمات العامة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.