إغلاق إذاعة «سبوتنيك» الروسية في أذربيجان

سيمونيان.. لماذا كانت سببًا في اتخاذ القرار؟

مارغريتا سيمونيان المديرة المشرفة على إذاعة «سبوتنيك» الروسية
مارغريتا سيمونيان المديرة المشرفة على إذاعة «سبوتنيك» الروسية
TT

إغلاق إذاعة «سبوتنيك» الروسية في أذربيجان

مارغريتا سيمونيان المديرة المشرفة على إذاعة «سبوتنيك» الروسية
مارغريتا سيمونيان المديرة المشرفة على إذاعة «سبوتنيك» الروسية

في إجراء غير مسبوق وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة التي تربط روسيا وأذربيجان، فاجأت السلطات الأذربيجانية نظيرتها الروسية باتخاذ قرار إغلاق إذاعة «سبوتنيك» المعروفة بتبعيتها المباشرة للكرملين. وكنا على صفحات «الشرق الأوسط» قد تناولنا المشروع الإعلامي الضخم حول إنشاء وكالة «سبوتنيك» الروسية في العام الماضي بوصفها البديل المناسب لروسيا لتقديم العالم بعيدا عن معايير عالم القطب الواحد. ومن هذا المنظور كانت إذاعة «سبوتنيك» إضافة إلى قنوات «روسيا اليوم» الناطقة باللغات الإنجليزية والعربية والإسبانية التي ترأس تحريرها مارغريتا سيمونيان التي طالما حظيت بتسمية «دلوعة الكرملين» منذ أن عهدت إليها إدارة الكرملين إدارة هذا المشروع الإعلامي الضخم عند الإعلان عن تأسيسه في عام 2005 - 2006 ولم تكن قد تجاوزت الخامسة والعشرين من العمر إلا بقليل. وفي إطار التوسع الجغرافي لشبكة القنوات التلفزيونية والإذاعات التابعة لـ«سبوتنيك»، وانطلاقا من العلاقات الودية بين روسيا وأذربيجان، جرى افتتاح إذاعة «سبوتنيك» في العاصمة باكو في مايو (أيار) الماضي.
غير أنه لم يمض من الزمن أكثر من شهرين حتى أفاق الأذربيجانيون من «غفوتهم» ليفاجئوا الداخل والخارج باتخاذ قرار إغلاق هذه الإذاعة دون إعلان الأسباب التي كانت معروفة للقاصي والداني. وقالت مصادر أذربيجانية إنه كان معروفا للجميع أن المديرة المشرفة على هذه الإذاعة مارغريتا سيمونيان ذات الأصول الأرمنية، والتي تعتبر أحد أكثر الرموز الإعلامية للطائفة الأرمنية في موسكو تأثيرا في الساحة الروسية، وهو ما لا بد أن يكون سببا كافيا ذا تأثير مباشر على المناخ الإعلامي العام، انطلاقا من حتمية تبني الإذاعة الروسية لوجهة النظر الأرمنية في النزاع التاريخي بين البلدين حول «قره باغ» الذي اندلع في أواخر ثمانينات القرن الماضي وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. ويذكر الكثيرون المعارك الضارية بين جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا حول هذه المقاطعة التي كانت تتبع أذربيجان وانتهى بها الحال إلى الانفصال والإعلان عن انضمامها لأرمينيا، وما تلا ذلك من هجرة مئات الألوف من الأرمن من أذربيجان في أعقاب اشتعال الحرب بين الجمهوريتين الذي سرعان ما أسفر عن احتلال القوات الأرمنية لما يقرب من 20 في المائة من الأراضي الأذربيجانية. ورغم كل الجهود الدولية التي استهدفت التوصل إلى تسوية سياسية للمشكلة لم تصل الأطراف المعنية إلى حل للمشكلة، لتبقى الأوضاع على ما كانت عليه مع نهاية ثمانينات القرن الماضي، دون أي بوادر تشير إلى قرب التوصل إلى تسوية لهذا النزاع العسكري.
إزاء ذلك ولأسباب قالوا إنها تعود إلى الغزل المتبادل بين رئيسة تحرير قنوات «روسيا اليوم» وإذاعة «سبوتنيك» مع أرمينيا الوطن الأم، كان لا بد لأذربيجان أن تصحو وتسارع بتصحيح ما قالوا إنه «خطأ فادح». وقال أصحاب القرار إن هذه الإذاعة تخدم عمليا الأهداف الإعلامية للدولة الروسية ولا تقدم شيئا يمكن أن تستفيد منه أذربيجان على حد قول ممثلي الإدارة الأذربيجانية. لكن السبب الرئيسي وحسبما يعتقد الكثيرون ممن يملكون سلطة التأثير والقرار في أذربيجان، يكمن في مواقف وقناعات مارغريتا سيمونيان التي تتخذ موقفا راسخا من تبني قضايا الوطن الأم وما تعرض له من مآس وكوارث، ومنها «الحملات التركية لإبادة الأرمن» التي تلقى إدانة عالمية على مدى ما يقرب من مائة عام منذ ارتكابها في عام 1915 وكانت سببا في تشتت الأرمنيين من أبناء أرمينيا ممن وجدوا الملاذ في مختلف البلدان العربية والولايات المتحدة والبلدان الأوروبية. وكثير من بلدان العالم أعربت في أكثر من مناسبة عن تعاطفها مع الشعب الأرمني وشاركت مؤخرا في احتفالات أرمينيا بالذكرى المئوية التي أقامتها بهذه المناسبة الحزينة. وإذا أخذنا في الاعتبار العلاقات الوثيقة التي تربط تركيا وأذربيجان بحكم الأصول المشتركة والعداء التاريخي بين تركيا وأرمينيا، فإنه يكون من الطبيعي أن نستنتج ما يمكن أن يتخذه المسؤولون من قرارات بحق سيمونيان الأرمينية الأصل، وما يتبع ذلك من أضرار لحقت بالجانب الروسي، رغم أن أحدا لم يقدم الدليل على استغلال سيمونيان لهذه الإذاعة لخدمة مصالح أرمينيا خصما من حساب المصالح المشتركة لكل من روسيا وأذربيجان.
اكتفى الجانب الأذربيجاني بمبررات شكلية تقول إن المجلس الوطني للإذاعة والتلفزيون في أذربيجان لم يتخذ أي قرار بالسماح بأي نشاط لأي إذاعة روسية حسبما أشار الموقع الإلكتروني «haqqin.az» الذي كان أول من التفت إلى هذه الإذاعة وأعلن عن تفجير هذه المشكلة. وأشار نوشيروان ماهرام علي رئيس المجلس الوطني للإعلام: «إن أحدا لم يكن ليسمح لنفسه بالإذن بانطلاقة أي إذاعة على الأراضي الأذربيجانية يمكن أن تترأسها أرمينية. فذلك لا يمكن أن يحدث أبدا». وأضاف المسؤول الأذربيجاني أن البث الإذاعي والتلفزيوني داخل الأراضي الأذربيجانية يقتصر على البث باللغة الأذربيجانية، وغير مسموح بغير ذلك، بما في ذلك اللغة الروسية. وأضاف أنه إذا كان هناك استثناء سمح بمثل هذا البث من خلال التعاون مع إحدى القنوات المحلية، فإنه كان لا بد من توخي الحذر إذا ما كانت الإذاعة أو القناة الأجنبية يقف على رأسها «رئيس تحرير» ذو أصول أرمينية.
وكانت الأوساط الاجتماعية الأذربيجانية انتقدت ظهور هذه الإذاعة وألقت بكامل المسؤولية على عاتق من اتخذ قرار السماح لها بالبث طوال الأشهر الثلاثة الماضية التي قالوا إنها طالما تخللتها البرامج التي تديرها مارغريتا سيمونيان من منطلقات تخدم المصالح الأرمينية، على حد قولها. وخلص القائمون على الموقع الإلكتروني الأذربيجاني haqqin.az، إلى تأكيد «أن الحرب حول قره باغ لم تضع أوزارها بعد، والتحلي بالحرص واليقظة يجب أن يظل واحدا من أهم الأسلحة في هذه الحرب»، فيما عاد وانتقد عدم التفات المجلس الوطني للإعلام وقياداته تجاه ظهور مثل هذه الإذاعة التي قال إنها تخدم المصالح الأرمنية وتعمل في سياق التوجهات الإعلامية لأرمينيا.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».