تايلاند لا ترجح ضلوع مجموعة إرهابية في اعتداء بانكوك

تطالب الإنتربول بمساعدتها في ملاحقة المشتبه به

تايلاند لا ترجح ضلوع مجموعة إرهابية في اعتداء بانكوك
TT

تايلاند لا ترجح ضلوع مجموعة إرهابية في اعتداء بانكوك

تايلاند لا ترجح ضلوع مجموعة إرهابية في اعتداء بانكوك

أعلنت السلطات التايلاندية اليوم (الخميس) أنّه من غير المرجح ضلوع مجموعات إرهابية دولية في انفجار بانكوك الذي أوقع 20 قتيلا الاثنين؛ لكنها طلبت من الإنتربول المساعدة في ملاحقة أجنبي تعتبره المشتبه به الرئيسي.
ومعظم ضحايا الهجوم الذي استهدف معبد إيراوان في وسط بانكوك من الزوار الآسيويين. وقد أثار الاعتداء مخاوف من حصول تفجيرات أخرى.
وتثير قوة الانفجار واستهداف السياح، الأمر الذي لم تشهده العاصمة التايلاندية في السابق، تساؤلات كثيرة بشأن الجهة الضالعة.
من جهّتها أقرّت الشرطة التايلاندية اليوم بأنها لا تعلم ما إذا كان الأجنبي الذي يشتبه في أنه وضع القنبلة في المعبد قد غادر البلاد أم لا، ولم تحدد انتماءاته، وطلبت مساعدة الإنتربول.
من ناحية أخرى، قال الجنرال ابيشار سوريونيا، قائد وحدة الإنتربول في تايلاند، لوكالة الصحافة الفرنسية «سنطلب مساعدة الإنتربول اليوم»، موضحًا أنّه لا يعلم ما إذا كان المشتبه به، وهو أجنبي بحسب مذكرة التوقيف الصادرة أمس، قد غادر البلاد.
وكانت المحكمة الجنائية في جنوب بانكوك أصدرت أمس مذكرة توقيف بحق أجنبي لم تحدد هويته، على علاقة بالهجوم، وذلك بعيد نشر صورة تقريبية للمشتبه به.
من جانبه، اعتبر المجلس العسكري الحاكم في تايلاند، اليوم، أنّه «من غير المرجح» أن يكون اعتداء بانكوك من تنفيذ مجموعة إرهابية دولية.
وأفاد الكولونيل وينثاي سوفاري، الناطق باسم المجلس العسكري، في خطاب متلفز، بأنه «من غير المرجح أن يكون الانفجار من تنفيذ مجموعة إرهابية دولية»، مضيفا أن «الصينيين لم يكونوا الهدف المباشر» للهجوم.
وأكد تحديد هويات غالبية الضحايا؛ لكن «يجب التعرف على هوية جثتين». وصباح اليوم كان لا يزال هناك 67 شخصًا في المستشفى بينهم 12 في حالة الخطر.
والضحايا من الصين وهونغ كونغ وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وبريطانيا.
ثم أعطى قائد الشرطة التايلاندية تفاصيل إضافية عن المجموعة غير المعروفة التي تقف وراء الهجوم، مشيرا إلى تورط أكثر من عشرة أشخاص.
وقال سوميوت بومبانمونغ «هذا الانفجار خصصت له فرق متعددة»، موضحًا أن التحضيرات استغرقت أكثر من شهر، مضيفا «أعتقد أنّ هذه الشبكة لها علاقات مع أشخاص في تايلاند، وهناك أكثر من عشرة أشخاص ضالعين» في الهجوم، موضحًا أن فريقا عمل على المراقبة، ووفّر آخر المعدات، وكُلف ثالث بتسهيل الفرار من المكان.
وبين الضحايا 13 أجنبيا بينهم الكثير من الصينيين الذين يزورون بانتظام معبد إيراوان في وسط حي شيدلوم التجاري، حيث وقع الانفجار بقربه.
وكانت الشرطة التايلاندية أكدت أن الرجل الذي يشتبه في أنه وضع القنبلة في وسط بانكوك ينتمي إلى «شبكة»، مشيرة إلى عملية بحث حثيثة عنه، وذلك بعد نشر صور التقطتها كاميرات المراقبة وبدا فيها رجل وهو يضع حقيبة ظهر أمام معبد إيراوان قبل دقائق من الانفجار.
وكانت السلطات استبعدت كما يبدو فرضية ضلوع من تصفهم بـ«المتمردين المسلمين» في جنوب البلاد. وتشهد هذه المنطقة المتاخمة لماليزيا نزاعًا أوقع أكثر من 6400 قتيل منذ عام 2004، وغالبًا ما تقع فيها اعتداءات؛ لكن ليس بهذا الحجم. وعلى الرغم من سنوات النزاع الطويلة لم يؤكّد وقوع أي هجوم خارج تلك المنطقة.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»