36 ساعة في ميلانو

مدينة تحتفظ بأروع كنوزها طي الكتمان

ساحة الدومو عصب الحياة في المدينة (شاترستوك)
ساحة الدومو عصب الحياة في المدينة (شاترستوك)
TT

36 ساعة في ميلانو

ساحة الدومو عصب الحياة في المدينة (شاترستوك)
ساحة الدومو عصب الحياة في المدينة (شاترستوك)

تتسم مدينة ميلانو بالاطمئنان والهدوء، وتحتفظ بأروع كنوزها طي الكتمان، بعيداً في الحدائق المخفية، والأزقة الضيقة، والأحياء النائية. ويحظى أولئك الذين يتعمقون متوغلين في هذه المدينة الواسعة وسريعة الخطى بمتع كثيرة. اعتمدت وجهات جديدة للهندسة المعمارية والتصميم خلال الدورة الستين لمعرض «سالون ديل موبيلي»، معرض الأثاث الدولي الذي يتصدر أسبوع التصميم السنوي في ميلانو، والذي أُعيد تنظيمه في يونيو (حزيران) مع أول فعالية كاملة منذ عام 2019. واليوم، هناك طاقات متفائلة في الشوارع، حيث تعمل المشاريع الثقافية الجديدة على إحياء المساحات الصناعية المعطلة، وهناك مشهد طهوي متنوع يزدهر، مع الاكتشافات غير المتوقعة التي تنتظر المسافرين إلى هذه المدينة الصامدة، والناهضة، والأنيقة للغاية.
الجمعة: الطعام في الأطباق الورقية
ما يفتقده مطعم «أوستيريا آلا كونكورنزا» -المطبخ- يعوّضه بالأجواء الرائعة. ففي هذا المطعم الصاخب، المُفتَتَح العام الماضي بطاقمه المهذب وديكوراته ذات الطراز القديم، لا يبدو أن أحداً من الرواد يُمانع أن الكثير من الطعام يُقدم على أطباق ورقية. هذا هو المشروع الثاني للطاهي الشهير دييغو روسي، من مطعم «تريبا»، أحد أكثر مطاعم المدينة صعوبة في الحجز، والمكتظ بالرواد ليلاً. احجز مسبقاً للانضمام إلى المرح وتناول الطعام على الكروستيني (المقرمشات الخفيفة) -وربما لاردو، وبيستو، وبارميجيانو، أو بانسيتا والخرشوف- إضافةً إلى فوكاتشيا المحشوة بالجبن، ولسان اللحم البقري مع الخضراوات المخللة. ويكلف عشاء شخصين نحو 60 يورو.

معرض المفروشات في ميلانو من أشهر الأماكن في المدينة (شاترستوك)

السبت: تناول الطعام في مختبر الخبز
في جميع أنحاء المدينة، هناك موجة جديدة من البانفيشي والباستيسيري -المخابز ومتاجر الحلويات- التي تبحث عن الإلهام خارج حدود إيطاليا. ولتجربة عينات من هذا التوجه اللذيذ، اذهب إلى «توني ميلانو»، وهو مخبز ومقهى و«مختبر الخبز» الذي افتتح العام الماضي. وهذا المكان الودي، الذي سُمي باسم الفرن المستدير على شكل برميل الذي يستعمل عادةً في خَبز الخبز في جورجيا، يُقدم مجموعة من المخبوزات، من بوريك العجين الشعيري، والكيك الآيسلندي اللذيذ، إلى خبز الفوكاتشيا الشهيّ بالخوخ والروزماري. وعند الغداء، جرب «خاتشابوري أدجارولي» (خبز الجبن الجورجي) على شكل قارب والمصنوع هنا من العجين المُخمر، المحشو بالجبن الناعم، وتعلوه بيضة سائلة ويقدم دافئاً (10 يوروات).

تنتشر محال بيع المعجنات والحلوى بشكل كبير في ميلانو (شاترستوك)

ابحث عن الكنوز
يتوقع المرء أماكن تجارية ممتازة في العاصمة الإيطالية للأزياء والتصميم. لكن المكان الحقيقي للعثور على سلع غير متوقعة حقاً هو «كلويستر». يقع المتجر ذو السلع المتعددة في حي «كاسا دي غريفي»، وهو قصر يعود إلى القرن الخامس عشر، في أحد الأزقة اللامتناهية في حي «سينكي في»، وهو متخم بالكنوز غير الشائعة، بدءاً من العباءات عتيقة التصميم وسترات ملابس العمل -وجميعها في حالة ممتازة- إلى المجوهرات والديكور، والنباتات، والعطور، والفنون، والإكسسوار. أماطت عملية استكشاف حديثة اللثام عن زوج قديم من الأحذية ذات الكعب العالي من جلد الشامواه إنتاج «هرميس»، وسراويل الاستحمام القصيرة للرجال من سبعينات القرن الماضي، وأشرطة مطرزة قديمة، ومجموعة من الكتب والمجلات النادرة.
تناول المعكرونة
انسَ عرض العشاء الإيطالي الرسمي، المؤلف من البريمو والسيكوندو والدولتشي، ففي مطعم «باستامادري» غير الرسمي في حي بورتا رومانا النابض بالحياة، تتحرك المعكرونة من القاع إلى القمة على قائمة الطعام دائمة التغير. وداخل غرفة الطعام الخفيفة المبهجة، مع أرضيات التيرازو والأثاث الخشبي بتفاصيله الدقيقة، تبدأ الوجبة الجديدة بالحبار المقلي الخفيف وطبق «البتوتا دي مانزو» (اللحم بالصوص التتري) مع نبات القبار بصلصة البيستو، وزهور الكوسة المقلية. ومن بين الأطباق الرئيسية، بجميع أنواع المعكرونة الطازجة، كان الأبرز هي كومة من «إسباغيتي إلا شيتارا» بصلصة الطماطم الكرزية الصفراء، تعلوها حفنة من جبن «ستراتشيلا» الطازجة، والجمبري الأحمر بالصوص. يكلف عشاء لشخصين نحو 75 يورو.
الأحد: ميلانو دومو
في مرحلة ما، سوف يتوقف كل زائر متعجباً من الواجهة القوطية والأعمدة المرتفعة في كاتدرائية «ميلانو دومو». لكن للفحص الدقيق لهذه الكاتدرائية الرائعة، التي يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر، اصعد إلى السطح من أجل رؤيةٍ قريبة لتلك الأبراج المفصلة بدقة، بالإضافة إلى المئات من مخلوقات الغرغول القبيحة، والتماثيل والنقوش الحجرية (أسعار تذاكر من 10 يوروات). ثم اخرج في جولة بانورامية موسعة، من القبة الزجاجية المتلألئة في «غاليريا فيتوريو إيمانويلي الثاني» المجاورة لناطحات السحاب الجديدة المصنوعة من الزجاج والصلب، ومن ورائها جبال الألب البعيدة.
أماكن الزيارة الرئيسية
«بار باسو»، مقهى كلاسيكي بديكورات وردية داخلية، مُحبب لدى كلٍّ من رواد الموضة وسكان الحي.
تقدم كاتدرائية «ميلانو دومو» نظرة على الأبراج الصاعدة ومخلوقات الغرغول القبيحة، فضلاً عن نظرة واسعة للمدينة وجبال الألب خلفها.
تعد سوق «ميركاتو سنترال ميلانو» سوقاً مترامية الأطراف للأغذية المحلية في محطة السكك الحديدية المركزية الكبرى في المدينة.
المعارض والمعالم السياحية
- يعد «ديمور سنترال»، الذي يضم المقر الجديد لشركة التصميم «ديموريستوديو»، مركزاً ثقافياً به مساحات للعرض.
- يقع «كاسا ميوسيو بوتشي دي ستيفانو» في المسكن السابق لزوجين من هواة اقتناء الفنون، تمكنا معاً من جمع مجموعة رائعة من الفنون الإيطالية في القرن العشرين.
- «فوندازيوني برادا ميلان» هو موقع رائد للفنون المعاصرة داخل مصنع سابق للتقطير.
- «أوسيرفاتوريو» هو معرض يعرض الأعمال البصرية، والصور، والفيديوهات التي تستكشف التيمات المجتمعية.
- متجر «كلويستر»، الواقع في قصر يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر، هو متجر مليء بالكنوز، من فساتين الزينة إلى النباتات والعطور.
أماكن تناول الطعام
تناول الطعام على موائد موزعة في حديقة بجانب «بازيليكا دي سانت يوستورغيو».
- لدى مطعم «أوستريا آلا كونكورنزا» ديكورات قديمة الطراز، وأطباق شهية مثل «فوكاتشيا» المحشوة بالجبن.
- يبيع مخبز «توني ميلانو» المخبوزات المتنوعة، من بوريك العجين الشعيري إلى خبز الفوكاتشيا الشهي بالخوخ والروزماري.
- يرفع مطعم «باستامادري» المعكرونة من القاع إلى القمة على قائمة الطعام دائمة التغير.
- مقهى «لوستي كافيه» هو مقهى مُشمس مستوحى من الطراز الاسكندنافي (جرب كعكات الهال المزبدة).
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.