بعد عام من دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإجراء «حوار وطني» شامل حول مختلف القضايا، انطلقت (الأربعاء) فعاليات الجلسة الافتتاحية، بحضور رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وبمشاركة واسعة من ممثلي الأحزاب السياسية والنقابات، مع التأكيد على «استبعاد كل من مارس العنف أو حرّض عليه»، في إشارة إلى تنظيم (الإخوان) الذي تصنّفه السلطات المصرية «إرهابياً»، إلى جانب «كل من لا يقبل الدستور الحالي للبلاد الصادر عام 2014».
وشهدت الجلسة الافتتاحية تأكيداً على ضرورة إنهاء ملف الحبس الاحتياطي، وقال ضياء رشوان، المنسق العام لـ«الحوار الوطني»، في كلمته خلال الافتتاح «هناك توافق على ضرورة تعديل أحكام الحبس الاحتياطي». في حين قال الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى «آن الأوان للتعامل مع هذا الملف وإغلاقه فوراً».
وكان الرئيس المصري، قد دعا خلال حفل إفطار رمضاني في 26 أبريل (نيسان) العام الماضي، إلى إجراء «حوار وطني» حول مختلف القضايا «يضم جميع الفصائل السياسية باستثناء واحد»، في إشارة إلى تنظيم «الإخوان».
وأكد الرئيس المصري، في كلمة مسجلّة خلال الافتتاح «أهمية الحوار لرسم ملامح الجمهورية الجديدة، ووضع خريطة طريق لمستقبل واعد مشرق في سياق سعي المصريين لبناء دولة ديمقراطية حديثة».
وقال السيسي إن «دعوته للحوار تأتي من يقين راسخ لديه، بأن الأمة المصرية، تمتلك من القدرات والإمكانات، التي تتيح لها البدائل المتعددة، لإيجاد مسارات للتقدم في المجالات كافة». وتابع «أحلامنا وآمالنا، تفرض علينا، أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على كلمة سواء، كما أن تعاظم التحديات، التي تواجه الدولة المصرية على الصعد كافة، تعزز من ضرورة الحوار».
وشدد الرئيس المصري على أن «الاختلاف في الرأي، لا يفسد للوطن قضية». وقال إن «حجم التنوع، والاختلاف في الرؤى والأطروحات، يعزز بقوة من كفاءة المخرجات (نتائج الحوار الوطني)».
وجدد السيسي التأكيد على «دعمه المستمر للحوار، وتهيئة كل السبل لإنجاحه، وتفعيل مخرجاته، في إطار من الديمقراطية والممارسة السياسية الفاعلة»، معرباً عن تطلعه للمشاركة في المراحل النهائية من الحوار.
تزامنت دعوة الرئيس المصري لـ«الحوار الوطني» مع إعادة تفعيل «لجنة العفو الرئاسي»، التي تعلن بين الحين والآخر قوائم بالعفو عن موقوفين (احتياطياً) بموجب «عفو رئاسي» بالتوازي. وقال المنسق العام لـ«الحوار الوطني» إن «الفترة الماضية شهدت الإفراج عن 1400 من المحبوسين احتياطياً في إطار لجنة (العفو الرئاسي)؛ ما شكّل دَفعة للحوار الوطني».
وأضاف أن «مصر لم تعرف حواراً كهذا على مدار تاريخها منذ عام 1952»، موضحاً أنه «رغم عقد حوارات وطنية منذ الستينات من القرن الماضي، وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك 1994، فإن هذه هي المرة الأولى التي ينطلق فيها حوار وطني دون أهداف مسبقة».
وجدد رشوان التأكيد على «مشاركة جميع القوى السياسية في الحوار، وعدم رفضه من أي جهة سياسية، وإن كان هناك تحفظات عليه من أفراد»، على حد قوله. وأشار إلى أن «جميع القضايا مطروحة ولا توجد خطوط حمراء إلا ما يقتضيه الدستور والقانون»، وقال إنه تم «الاتفاق على استبعاد ثلاث قضايا بإجماع الآراء، وهي قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الاستراتيجي، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالدستور، حيث اتفق الجميع أنه لا مساس به».
ودافع رشوان عن طول الفترة التحضيرية للحوار، وقال إن «التحضير استغرق عاماً كاملاً، لكن هذا لم يكن سدى، حيث تم فتح أبواب مغلقة وبناء جسور مقطعة عبر مئات الجلسات غير المعلنة، لبناء جسور الثقة التي يمكن عليها بدء الحوار»، داعياً المصريين للمشاركة في الحوار ومراقبته والصبر حتى يخرج بنتيجة.
وعلى مدار عام كامل عقد مجلس أمناء الحوار الوطني 23 اجتماعاً تحضيرياً، واستقر على مناقشة 113 قضية من بين عشرات الآلاف من القضايا التي عُرضت عليه في جميع المجالات.
بدوره، أكد عمرو موسى أهمية الحوار الوطني في ظل ما وصفه بـ«الإرث الثقيل» و«الأمر الخطير» والذي يتطلب «الحديث فيه بصراحة واستعراض الرأي والرأي الآخر»، على حد قوله. وقال موسى إن «الشعب المصري يشعر بالقلق ولديه الكثير من التساؤلات حول سياسات وتوجهات البلاد ومصيرها، تساؤلات حول فقه الأولويات في المشروعات، ومبادئ الشفافية فيما يتعلق بالديون، ومجالات إنفاقها وكيفية سدادها في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، إلى جانب تساؤلات أخرى حول أسباب تراجع الاستثمار»، مشدداً على «ضرورة إعلام الناس بالحقيقة حتى لو كانت صامدة، وهذه مسؤولية مؤسسات الدولة وبينها (الحوار الوطني)»، وقال «يجب أن تذهب نتائج الحوار للناس بالتزامن مع رفعها للرئيس». وأشار موسى إلى عدد من القضايا التي تجب معالجتها، ومن بينها التعليم، والعشوائيات، وإعلاء قيم المواطنة وتأهيل سيناء، إضافة إلى تجديد الخطاب الديني، مشيراً إلى التطور التاريخي في المملكة العربية السعودية في مجال تجديد الخطاب الديني.
من جانبه، قال الدكتور حسام بدراوي، مستشار الحوار الوطني لرؤية مصر 2030، إن "الدستور ورؤية مصر 2030 يجب أن تكون إطار الحوار". وأضاف إن "الأساس هو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي لها حكومة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية وتحمي الخصوصية وحرية التعبير". وشدد على ضرورة الحفاظ على القوات المسلحة المصرية، مشيدا بدورها في الحفاظ على البلاد. وقال "لا بد من إيجاد صيغة جديدة تحترم توازن القوى ولكن لا تهدر قواعد الدولة المدنية الحديثة، وهذا ما يجب أن يسعى إليه كل اصحاب المصلحة في المجتمع والحوار حوله بلا حساسية ولا خوف"، مؤكدا أن نظام الحكم الرئاسي هو الأنسب لمصر.
وتطرقت كلمات الحضور من رؤساء الأحزاب وممثلي الحركة المدنية إلى «أهمية توفير ضمانات لنجاح الحوار والإفراج عن المحبوسين».
«الحوار الوطني» بمصر ينطلق مع استبعاد «الإخوان»... وداعياً لإنهاء «الحبس الاحتياطي»
بعد عام على دعوة السيسي لإجرائه
«الحوار الوطني» بمصر ينطلق مع استبعاد «الإخوان»... وداعياً لإنهاء «الحبس الاحتياطي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة