أحفاد ديليسبس يحولون قصره متحفًا لقناة السويس في الإسماعيلية

يفتتح قريبًا.. ويضم بعض متعلقات ديليسبس الشخصية

أحفاد ديليسبس يحولون قصره متحفًا لقناة السويس في الإسماعيلية
TT

أحفاد ديليسبس يحولون قصره متحفًا لقناة السويس في الإسماعيلية

أحفاد ديليسبس يحولون قصره متحفًا لقناة السويس في الإسماعيلية

في قلب مدينة الإسماعيلية المصرية يقبع قصر فرديناند ديليسبس، الدبلوماسي الفرنسي الذي وقف وراء مشروع قناة السويس ومؤسس شركة قناة السويس في فرنسا، متجاوزا 150 سنة ومحتفظا بمقتنيات تلك الشخصية الفرنسية التي لا تزال حاضرة في التاريخ المصري الفرنسي. ويسعى عدد من أصدقاء قناة السويس في فرنسا وأعضاء جمعية أصدقاء فرديناند ديليسبس لتحويل هذا القصر إلى متحف لقناة السويس يخلد تاريخها العظيم، خاصة بعد بيع مقر شركة قناة السويس التاريخي بباريس نهاية العام الماضي، والذي يعود تاريخه إلى عام 1858. حينما أعلن ديليسبس عن فتح باب الاكتتاب في أسهم القناة.
وكشف الكاتب الصحافي الدكتور أحمد يوسف، المنسق العام لمشروع متحف قناة السويس عضو جمعية أصدقاء فرديناند ديليسبس في فرنسا، لـ«الشرق الأوسط» أن قناة السويس تراث بشري وهدية من مصر للعالم، وهي تمثل أهمية كبرى للفرنسيين حيث ارتبطت تاريخيا في بدايتها كفكرة بنابليون بونابرت، ثم ديليسبس الذي لولاه لما تمت فكرة حفر القناة. ويحتفظ الأرشيف القومي الفرنسي بوثائق القناة منذ أن كانت فكرة وحتى تأميمها، كما تحتفظ جمعية فرديناند ديليسبس بكل وثائق القناة منذ لحظة حفرها، بما فيها مراسلات ديليسبس ووثائق وصور نادرة ليوميات الحياة في القناة وغيرها. وظلت الجمعية محتفظة بكل ذلك وتمت أرشفته رقميا. وكانت تعقد الندوات حول تاريخ القناة بمقر القصر المنيف بباريس الذي كان مقرا لشركة قناة السويس للملاحة حتى نهاية عام 2014. حينما قررت الشركة التي تدير القصر بيعه نظرا للتكاليف الباهظة التي يتكلفها ترميمه سنويا والتي تقدر بقيمة 300 مليون يورو.
ويشير يوسف إلى أن «أرشيف قناة السويس بخير وتم نقله إلى مقر آخر على أطراف العاصمة الفرنسية باريس، أما القصر التاريخي فلا قلق عليه لأنه مسجل كأثر فرنسي قومي ولا يمكن المساس به بأي حال من الأحوال».
ويضيف: «لكن الإغلاق والبيع في فرنسا يواكبه إحياء لإرث القناة في مصر فقد تم وضع حجر الأساس للمتحف في قصر ديليسبس الأثري بالإسماعيلية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. بعد اجتماعات ولقاءات بين جمعية أصدقاء فرديناند ديليسبس بباريس، والفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، ليحتضن ما تملكه الجمعية من أندر وأهم وثائق وصور فوتوغرافية وأقراص مدمجة، بهدف جعل المتحف عنصر جذب سياحي جديدا في ظل الترويج العالمي لمشروع قناة السويس الجديدة. وكان من المقرر افتتاح المتحف في بداية 2015، لكن أعاق ذلك الترتيبات والاستعدادات الضخمة لحفل الافتتاح الكبير».
مشيرا إلى أنه «منذ أن افتتحت قناة السويس للملاحة البحرية العالمية منذ أكثر من 146 عاما ورغم أهمية القناة لمصر، فإنه لا يوجد لديها متحف يليق بتاريخها حتى الآن. وقد خضنا في مفاوضات منذ عهد الرئيس محمد حسني مبارك لكي يترك الحزب الوطني مقره في قصر ديليسبس لإعادة ترميمه وجعله متحفا لقناة السويس، تتبناه جمعية أصدقاء فرديناند ديليسبس. وبالفعل تم ذلك ولكن تعطلت مسيرة المشروع بسبب ثورة يناير وتبعاتها».
وأوضح: «حصلنا على وعد من الفريق مميش بافتتاح المتحف في أقرب فرصة عقب افتتاح القناة الجديدة، ولم تبق سوى بعض اللمسات النهائية ليكون المتحف متأهبا لاستقبال الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث سيتم وضع تمثال ديليسبس في الحديقة الأمامية للقصر، وتمثال للفلاح المصري تخليدا للدور الذي قام به الفلاحون المصريون في حفر القناة».
وتعود أهمية قصر ديليسبس إلى كونه المقر الذي كان يدير منه العمل في القناة، وهو مغلق منذ أن تسلمت الإدارة المصرية قناة السويس في أعقاب التأميم في يوليو (تموز) 1956م. تتمثل قيمته في كونه قصرا من القرن الـ19 من الطراز الإسلامي في غاية الجمال يطل على القناة في مدينة الإسماعيلية، تحيطه حديقة غناء على الطراز الفرنسي.
والقصر مكون من طابقين، ويحتوي على عدد من اللوحات الزيتية لكبار فناني أوروبا في النصف الثاني للقرن الـ19. كما تحمل جدرانه صورا لديليسبس وأفراد أسرته وضيوف حفل افتتاح قناة السويس وحكام مصر من أسرة محمد علي وهي لوحات لا تقدر بثمن. هذا فضلا عن متعلقات ديليسبس الشخصية ومنها: سريره، والناموسية، ومكتبه ويعلوه نسخة عتيقة من الإنجيل باللغة اللاتينية وقلمان (ريشة) كان يكتب بهما، وكتاب «وصف مصر» بحجمه الأصلي، وطوله متر وعرضه نصف متر، وهو أحد أجزاء كتاب وصف مصر للحملة الفرنسية، ويضم رسومات أصلية للمعالم مصرية والأثرية. بالإضافة إلى أدوات المعيشة، ترمومتر زئبقي، نموذج مصغر لمركب بضائع يحمل السجائر الصغيرة (سيجاريللوس)، وكان يقدمها ديليسبس إلى ضيوفه. أما في حجرة ديليسبس توجد صورة له هو وزوجته، والمهندس نيجريللي (النمساوي) منفذ مشروع القناة. والصورة الأصلية لصفحة من عقد الامتياز بـالفرنسية، وصورة لبيت ديليسبس في فرنسا، وأخرى له بين أصدقائه بالزي العربي، ومجموعة من كروت (التاروه)، فضلاً عن قطع الدومينو والشطرنج، وكيس قماش به عملات نادرة عثر عليها أثناء الحفر، ولوحة كنفاه عليها أول حرفين من اسمي ديليسبس وزوجته. ومجموعة من القارورات الزجاجية الزرقاء الصغيرة ومتفاوتة الأحجام للعطور. وهناك مدفأة كلاسيكية فرنسية الطراز بجوار الصالون الكبير ومقاعد مصنوعة منذ 150 سنة وصورة نادرة توضح قصر ديليسبس وحيدًا في الصحراء، حوله قوافل البدو، وجرامفون، يعمل بالبطاريات.
وحول تاريخ جمعية فرديناند ديليسبس وأنشطتها، يقول رئيس الجمعية الحالي الخبير الدولي أرنو راميير دي فورتانـييه، المفتش العام الأسبق للأرشيف القومي الفرنسي، لـ«الشرق الأوسط»: «تأسست الجمعية في بداية الثمانينات من القرن الماضي، تحديدا عام 1978. وكان ذلك بعد أن قرر مقر شركة قناة السويس في فرنسا أن تتم إعادة العلاقات الثقافية مع مصر وإحيائها من جديد، بعد ما أصابها الخلل إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956». وقال: إن معظم أعضاء الجمعية فرنسيون، وكان منهم رولاند ديليسبس حفيد لديليسبس، الذي توفي عام 2004. ولكن باقي أفراد أسرة ديليسبس، وعلى رأسهم أنطوان ديليسبس، وأحفاده لبناته أعضاء فاعلون بالجمعية ويريدون التبرع بثرواتهم لصالح هذا المتحف. وتسعى الجمعية حاليا لنقل ما بقي من أرشيفات الجمعية لتكون نواة للمتحف.
ويشير فورتانـييه: «نسعى لأن يضم المتحف بالإسماعيلية قسما خاصا بالصور، تزيد عن 300 صورة فوتوغرافية موزعة على 7 ألبومات، قام بالتقاطها إيبوليتآرنو، والأخوان زانجاكي بين عامي 1869 و1885، ومصوِّر القناة والموانئ في عام 1905. يضم الألبوم الأول 58 صورة عن الأجهزة، ومواقع البناء، وغيرهما من الأعمال، والثاني بعنوان (بورسعيد) وبه 47 صورة، والثالث بعنوان (من بورسعيد إلى الإسماعيلية) وبه 55 صورة، والرابع بعنوان (الإسماعيلية وبحيرة التمساح) ويضم 63 صورة، والخامس (من الإسماعيلية إلى بورتوفيق) ويجمع 20 صورة، والسادس بعنوان (بورتوفيق والسويس) وبه 26 صورة، والألبوم السابع (صور للقناة والموانئ) ويجمع 64 صورة».
ويؤكد: «تم تسليم وثائق الحياة اليومية إبان حفر القناة بخط ديليسبس ومعاونيه وتقارير العبور والنقل البحري، وحركة الملاحة البحرية والإيرادات والتقارير الشهرية والسنوية للقناة ويصل عددها إلى 21 ألف صفحة. هذا فضلاً عن محاضر اللجنة الاستشارية الدولية ويصل عددها إلى 2500 تقرير، و3500 صفحة تضم تقارير عن الأعمال أثناء حفر القناة، كذلك أكثر من 10000 ورقة من الخطابات الموجهة إلى المدير العام ورئيس الشركة، بالإضافة إلى النشرة الصحافية التي كانت تصدر كل 10 أيام عن القناة في الفترة من 1872 إلى 1957. وعددها 2341 نشرة».
وأضاف: «كما حرصت الجمعية على نقل عدد من الخرائط عن القناة والمدن المحيطة بها. ومواد ميكروفيلمية تضم 13 فيلما صامتًا من بينها فيلم حفل افتتاح مدينة بورفؤاد ويظهر به يخت المحروسة والملك فؤاد، بعض الأفلام حول ورش العمل التي كانت تقام للعمال ومن بينها مناورة الحريق وأفلام تسجل لخروج العاملين وأفلام تستعرض المعدات والرافعات المستخدمة في تلك الفترة»، مشيرا إلى أن الجمعية الفرنسية ستواصل مساهماتها بصنع ماكيتات في فرنسا لنماذج السفن الملكية الموجودة لديها ومنها اليخت الإمبراطوري لأوجيني لايجيل الذي عبر قناة السويس في افتتاحها، كما ستقوم بإهداء بعض أصول الأسهم الأولى للقناة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».