سجن «كوبر» السوداني «استضاف» أشهر القادة السياسيين وكبار المجرمين

بينهم رؤساء ووزراء وسياسيون... والمهدي والميرغني والترابي ونقد أبرزهم

الصادق المهدي (ا.ف.ب)  -  محمد عثمان الميرغني  -  محمد إبراهيم نقد  -  حسن الترابي (ا.ف.ب)
الصادق المهدي (ا.ف.ب) - محمد عثمان الميرغني - محمد إبراهيم نقد - حسن الترابي (ا.ف.ب)
TT

سجن «كوبر» السوداني «استضاف» أشهر القادة السياسيين وكبار المجرمين

الصادق المهدي (ا.ف.ب)  -  محمد عثمان الميرغني  -  محمد إبراهيم نقد  -  حسن الترابي (ا.ف.ب)
الصادق المهدي (ا.ف.ب) - محمد عثمان الميرغني - محمد إبراهيم نقد - حسن الترابي (ا.ف.ب)

يُعد السجن المركزي السوداني (كوبر) أحد أضخم وأقدم وأشهر السجون (السياسية) السودانية، إذ احتجز فيه عدد كبير من القادة السياسيين وكبار المجرمين، وآخرهم الرئيس السابق عمر البشير وعدد من كبار مساعديه الذين فروا منه أخيراً بسبب الاضطرابات الناتجة عن الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع».
وشيد المستعمرون البريطانيون سجن «كوبر» في عام 1903 بمدينة «الخرطوم بحري» بالقرب من النيل الأزرق، وبجوار قيادة سلاح الإشارة الحالية. وتبلغ مساحته 5 آلاف متر مربع، وقاموا بتصميمه هندسياً ليحاكي السجون البريطانية. وهناك روايتان لتسميته بـ«كوبر»، تقول الأولى إنه أخذ اسمه من الضابط الإنجليزي (Cooper) الذي كلف إدارته بعيد افتتاحه، ومنه أخذ الحي المجاور له اسم «حي كوبر». أما الرواية الثانية فتقول إنه لقب المدير الإداري للمنطقة (كوبرول)، ومنه أُخذت التسمية.
وبغض النظر عن منشأ التسمية، يُعد سجن «كوبر» أشهر سجون السودان، وفيه احتجز معظم الزعماء السياسيين، وعتاة المجرمين في الوقت ذاته. وكان الهدف الاستعماري من تشييده عزل السياسيين الوطنيين عن المجتمع، إلى جانب النزلاء الخطرين ومعتادي الإجرام ومن يُعرفون بـ«مترددي السجون».
وتحجب أسوار عالية وعريضة السجن عن الخارج، وتجعل محاولات الهروب أكثر صعوبة، ويلاحظ المارة الحراس المسلحين يتجولون بين أبراجه الأربعة المقابلة للجهات الأربع خلال مناوباتهم اليومية.
وكان يعرف مدير «كوبر» على أيام الاستعمار البريطاني بـ«حكمدار السجن»، وتعاقب عليه عدة حكام إداريين إنجليز، ثم أعقبهم في إدارته بعد الاستقلال قرابة 40 مديراً سودانياً، كان أولهم الحكمدار مصطفى سعيد، ومر بإدارته أحد أشهر قادة السجون: الفريق أحمد وادي.
ويتكون «كوبر» من 6 أقسام: الأوسط، الغربيات، الشرقيات، الهداية، المدرسة، المستشفى، ثم أعيدت تسميتها في أوقات لاحقة. وأشهر النزلاء الذين سُجنوا فيها من المجرمين: جمال دقلش، والواثق صباح الخير، اللذان نُفّذ فيهما حكم الإعدام بالمشنقة الخاصة به.
ويعد زعماء «ثورة اللواء الأبيض» من الضباط الذين تمردوا على الحكم الإنجليزي عام 1925، وهم: علي عبد اللطيف، وصالح عبد القادر، وعبيد حاج الأمين، ومحمد شريف، وحسن صالح، وأحمد مدثر إبراهيم، وآخرون، أول السجناء السياسيين الذين أغلقت عليهم زنازين «كوبر».
ويُعد الزعيم إسماعيل الأزهري، أول رئيس سوداني بعد الاستقلال، من أشهر المعتقلين الذين أدخلهم الاستعمار السجن الشهير عام 1952، وبرفقته القادة السياسيون محمد نور الدين، وخضر عمر، وسليمان موسى، وحسين محمد أحمد.
وبعد انقلاب مايو (أيار) 1969، بقيادة المشير جعفر النميري، اعتقل فيه كل من الزعيم إسماعيل الأزهري، ورئيس الوزراء محمد أحمد محجوب، كما شملت الاعتقالات قادة الحزب الشيوعي السوداني بعيد خلافهم مع النميري، وأُعدم قائده عبد الخالق محجوب وعدد من الضباط الشيوعيين الذين اتهموا بالمشاركة في حركة يوليو (تموز) 1971 ضد نظام النميري.
ومن «الزبائن» المشهورين «والمزمنين» في السجن معظم قادة الحزب الشيوعي والأحزاب اليسارية بشكل عام، وأبرزهم الزعيم الراحل محمد إبراهيم نقد، والتجاني الطيب بابكر، وتيسير مدثر، ومحمد علي جادين من حزب «البعث»، كما شهد السجن حادثة اعتقال وإعدام زعيم «الإخوان الجمهوريين» محمود محمد طه، وهي تُعدّ من أكثر جرائم الإعدام ترويعاً في تاريخ السجن.
وانقلب السحر على الساحر؛ إذ بعد إسقاط حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري في الثورة الشعبية، أبريل (نيسان) 1985، دخل السجانون السابقون من قيادات حكمه إلى سجن «كوبر»، وأشهرهم نائبه اللواء عمر محمد الطيب، وعضو مجلس قيادة الثورة اللواء أبو القاسم محمد إبراهيم، واللواء خالد حسن عباس وآخرون، وظلوا في السجن إلى أن أُطلق سراحهم بعد مجيء نظام الإنقاذ.
ويعد القادة السياسيون: الصادق المهدي، ومحمد عثمان الميرغني، وحسن الترابي، وعمر نور الدائم، من الرواد الدائمين للسجن، وقضوا فيه شطراً مهماً من حياتهم.
بينما الرئيس السابق عمر البشير، وكبار مساعديه الذين فروا من السجن، أول من أمس، يعتبرون أشهر السجانين الذين تحولوا إلى مساجين، وقضوا فيه 4 سنوات منذ الإطاحة بحكمهم في أبريل (نيسان) 2019.
وتعرض سجن كوبر للاقتحام بواسطة الثوار، وأُخرج منه المساجين السياسيون عنوة مرتين في تاريخه؛ فعقب انتصار الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري (1985)، كسرت الجماهير الثائرة بوابات السجن، وأخرجت القادة السياسيين والمناضلين على أكتافها إلى الميادين. وتكرر الأمر مرة أخرى بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير، في أبريل 2019 (نيسان)، بتوجه مظاهرة شعبية إلى سجن «كوبر»، وأخرجت المعتقلين السياسيين، وأشهرهم في ذلك الوقت قادة «تجمع المهنيين السودانيين»، وحملوهم على الأعناق إلى محل الاعتصام الشهير بجوار القيادة العامة.
وغنى أحد المغنين بهذه المناسبة: «الشعب بأسرو اندلع، حرر مساجينو وطلع».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسكو تحذَّر رعاياها من زيارة ليبيا إثر اعتقال سلطات طرابلس روسيّاً

المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
TT

موسكو تحذَّر رعاياها من زيارة ليبيا إثر اعتقال سلطات طرابلس روسيّاً

المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)

تكّسر صفو العلاقة بين سلطات العاصمة الليبية طرابلس وروسيا على نحو مفاجئ وغير متوقع، اليوم (الخميس)، بعد الإعلان عن اعتقال أحد المواطنين الروس في ليبيا، وهو ما دفع السفارة الروسية في ليبيا إلى تحذير رعاياها من زيارة ليبيا، وخاصة الجزء الغربي منها، وقالت إن الوضع العسكري السياسي بالبلاد «لا يزال متوتراً للغاية».

وأضافت السفارة الروسية موضحة أن «ليبيا ليست وجهة سياحية، وزيارتها لأغراض غير رسمية خطر على الحياة والصحة». وأبرزت في هذا السياق أن على الراغبين في زيارة ليبيا «الانتظار قليلاً إلى أن تصبح الفرصة مواتية لرؤية جمالها»، مشيرة إلى أن «التحذير ينطبق على الراغبين في عبور ليبيا، سواء بحافلة أو سيارة أو درجات نارية أو هوائية، أو غيرها من وسائل النقل».

ورداً على هذه الخطوة، قال بيان صحافي صدر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، إن الوزارة «تتابع ببالغ الاهتمام البيان الصادر عن السلطات الروسية، الذي يُحذر مواطنيها من السفر إلى ليبيا». ودعت نظيرتها الروسية إلى تقديم «توضيح عاجل حول دوافع وأسباب هذا التحذير، وذلك في إطار ما تقتضيه العلاقات الثنائية من احترام متبادل وشفافية».

وأوضحت الوزارة أن الإجراءات المتخَذة بحق المواطن الروسي، إثر اعتقاله من طرف سلطات طرابلس، تمت وفق القوانين والتشريعات الليبية، وبالتنسيق الكامل مع مكتب النائب العام؛ مبرزة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن المعني «متورط في أنشطة تضر بالنظام العام، وتستهدف إفساد الشباب الليبي، بالإضافة إلى وجود ارتباطات مع جماعات مسلحة أجنبية تنشط في أفريقيا».

وشددت الوزارة على أن هذه الإجراءات «تأتي في إطار الحفاظ على الأمن الوطني»، معلنة رفضها «أي محاولة للإساءة إلى صورتي الاستقرار والأمن، اللتين حققتهما حكومة الوحدة الوطنية بجهود حثيثة خلال الفترة الماضية».

كما جددت وزارة الخارجية والتعاون الدولي التزامها بسيادة القانون وحماية المواطنين وضيوف ليبيا، وأكدت حرصها على تعزيز التعاون البناء مع جميع الدول الصديقة، مشددة على أن الحوار الدبلوماسي هو الأساس لحل أي قضايا عالقة، بما يخدم المصالح المشتركة، ويحترم سيادة وقوانين الدول.

وكانت روسيا قد قررت إعادة افتتاح سفارتها بالعاصمة طرابلس في 22 فبراير (شباط) 2024، الأمر الذي وصفته سلطات طرابلس آنذاك بأنه «خطوة مهمة» ستعزز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.