الحكومة الموريتانية تدعو الأحزاب السياسية لطاولة حوار.. والمعارضة تعدها «عبثية»

قالت إن الهدف هو تعزيز المكتسبات الديمقراطية وصيانة الوحدة الوطنية

الحكومة الموريتانية تدعو الأحزاب السياسية لطاولة حوار.. والمعارضة تعدها «عبثية»
TT

الحكومة الموريتانية تدعو الأحزاب السياسية لطاولة حوار.. والمعارضة تعدها «عبثية»

الحكومة الموريتانية تدعو الأحزاب السياسية لطاولة حوار.. والمعارضة تعدها «عبثية»

وجهت الحكومة الموريتانية دعوة رسمية إلى الأحزاب السياسية، من أجل الجلوس على طاولة «حوار شامل» يبدأ في أجل أقصاه السابع من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، من دون أن تحدد مواضيع هذا الحوار ولا سقفه الزمني، في حين قالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إنها ستدرس وترد على دعوة الحكومة في الوقت المناسب. وجاءت دعوة الحكومة إلى الحوار مساء أول من أمس (الأربعاء) في رسالة موقعة من طرف الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، مولاي ولد محمد لقظف، وهو الوزير المكلف من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز منذ العام الماضي بملف الحوار مع أحزاب المعارضة. وأوضحت الحكومة في الرسالة أن دعوتها للحوار تأتي لتؤكد حرص الرئيس على «التقيد بنهج التشاور والحوار الشامل دون شروط مسبقة ومن دون محرمات»، مشيرة في السياق ذاته إلى أن «الهدف المنشود من هذا الحوار هو تعزيز وترسيخ وتحسين المكتسبات الديمقراطية لبلادنا، وصيانة وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي، وترشيد حياتنا السياسية».
وعبرت الحكومة عن يقينها أن الحوار المرتقب «سيتمخض عن نتائج حاسمة، تعود بالخير والنفع العميم على بلدنا»، مشيرة إلى أنه سيتم على مرحلتين: «برمجة فعاليات الحوار، تجديد جدول أعمال الحوار»، فيما خلصت إلى أنها «تريد حوارا شاملا وجادا وصادقا ومسؤولا، خدمة لتعزيز وحدتنا الوطنية وانسجامنا الاجتماعي، وترسية للديمقراطية، وتكريسا لثقافة المواطنة، وسعيا إلى عصرنة مؤسساتنا الوطنية»، على حد تعبيرها.
دعوة الحكومة للحوار فاجأت الرأي العام الموريتاني، لأنها تأتي بعد أيام فقط من مؤتمر صحافي عقدته أحزاب الأغلبية الرئاسية، وجهت خلاله اتهامات قوية وانتقادات حادة للمعارضة التي حملتها مسؤولية فشل مساعي الحوار، مما رجح إمكانية وجود تباين مواقف من الحوار داخل معسكر الأغلبية.
في غضون ذلك، تجاهلت دعوة الحكومة للحوار الكتل السياسية وتعاملت مع الأحزاب بشكل منفرد، وذلك ما أثار انتقادات بعض الأحزاب السياسية المعارضة التي عدت الأمر محاولة لتفكيك المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر تشكيل سياسي معارض في موريتانيا. وقال قيادي معارض لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الأفضل أن توجه رسالة إلى المنتدى بدل التعامل مع الأحزاب منفردة، وهذا يعطي فكرة سيئة عن نية الحكومة». ولا تزال أحزاب المعارضة تلتزم الصمت حيال دعوة الحكومة، فيما تشير المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إلى تباين في مواقف هذه الأحزاب خاصة في ما يتعلق بمستوى جدية الحكومة في هذه الدعوة. وأوضحت هذه المصادر أن منتدى المعارضة سيجتمع لاتخاذ موقف موحد من الدعوة. ووصف قيادي في منتدى المعارضة، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دعوة الحكومة بأنها «عبثية ولا تحمل أي نوع من الجدية»، كما أوضح المصدر الذي فضل حجب هويته أن هذه الدعوة «لا تحمل أي جديد، خاصة في ما يتعلق بالممهدات والشروط التي قدمتها المعارضة من أجل الدخول في الحوار».
من جهة أخرى، أكد مصدر شبه رسمي لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة مصرة على تنظيم الحوار السياسي من أجل إنهاء حالة التأزم التي تعيشها الساحة السياسية.
وأوضح المصدر أن الهدف من الدعوة الأخيرة هو الدخول في حوار سياسي مع من يلبي النداء من أحزاب المعارضة، فيما تشير التوقعات إلى أن أحزابا وازنة ستتخلف عنه في مقدمتها حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه أحمد ولد داداه الزعيم التاريخي للمعارضة، وحزب التحالف الشعبي التقدمي الذي يرأسه مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان السابق. وتنشط المعارضة الموريتانية على شكل كتل سياسية في مقدمتها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الذي يضم 11 حزبا سياسيا ويوصف بمواقفه الراديكالية من النظام القائم في موريتانيا، والمعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة وهي الكتلة التي تضم ثلاثة أحزاب سياسية معارضة اشتهرت بمواقفها اللينة تجاه النظام. وتواجه الكتل السياسية المعارضة خيارات عديدة قبل الدخول في الحوار بسبب مواقفها المتباينة من النظام، فيما يرجح بعض المراقبين إمكانية تفكك هذه الكتل ودخول عدد من أحزابها في الحوار مع الحكومة، فيما سيلجأ مقاطعو الحوار إلى الشارع للضغط على النظام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.