رئيس البرلمان السوداني: زيارتي لواشنطن لا تتضمن لقاء مسؤولين أميركيين

إبراهيم أحمد عمر يتوقع صياغة دستور دائم خلال دورته الحالية

إبراهيم أحمد عمر
إبراهيم أحمد عمر
TT

رئيس البرلمان السوداني: زيارتي لواشنطن لا تتضمن لقاء مسؤولين أميركيين

إبراهيم أحمد عمر
إبراهيم أحمد عمر

قطع رئيس البرلمان السوداني بأن زيارته المزمعة للولايات المتحدة الأميركية نهاية الشهر الحالي تختص بالمشاركة في اجتماع رؤساء البرلمانات بالاتحاد الدولي للبرلمانات الذي سيعقد هناك، ولا تتضمن لقاءات ومباحثات مع الإدارة الأميركية أو الكونغرس، وأبلغ الصحافيين بأنه سيزور روسيا بدعوة من البرلمان «مجلس الدوما» لبحث ما سماه قضايا حقيقية مشتركة بين البلدين، ولتمتين علاقة الحكومة السودانية بروسيا أسوة بعلاقتها ببلدان الشرق مثل الصين وماليزيا.
ووصف رئيس الهيئة التشريعية القومية (البرلمان السوداني) إبراهيم أحمد عمر في حديث للصحافيين بالخرطوم أمس، ما تداولته وسائل إعلام محلية بأن زيارته تتضمن لقاءات مع مسؤولين أميركان، بأنه غير دقيق، وقال: «الزيارة تأتي في إطار الاتحاد الدولي للبرلمانات للاجتماع مع رؤساء البرلمانات، وليس فيها ترتيبات للقاء مسؤولين أميركان، لكن إذا حدث خلال وجودنا لقاء أو دعوة فلن نرفضها».
وفي الأثناء، كشف عمر عن دعوة وصلته من البرلمان الروسي (الدوما) لزيارة لبحث القضايا المشتركة، ولتمتين العلاقة مع روسيا أسوة بعلاقات حكومة الخرطوم بدول الشرق مثل الصين وماليزيا، وأضاف: «قد تتضمن هذه الزيارة أشياء أهم مثل بحث قضايا التعدين، وأن يتسع التفاتنا إلى الشرق ليتضمن روسيا».
ونوه رئيس البرلمان بأن دورته الحالية ستهتم بتوسيع مشاركة البرلمان والنواب بشكل أكثر فعالية بالمشاركات الخارجية، وبتوزيعهم على لجان خارجية للمشاركة في أنشطة ممثلو الشعوب في كل أنحاء الدنيا، وقال: «نحن نعرف أن كل المصائب التي تقع في السودان تأتي من الخارج، لذلك يجب أن نكون موجودين، وطلبت من الرئيس الإيفاء باشتراكات المنظمات البرلمانية حتى يشارك البرلمانيين في أعمالها، ولكي لا يكون هناك نائب في واحدة من تلك المؤسسات لم يسدد فيها السودان اشتراكاته لعشرة أعوام»، وأضاف: «أميركا وراء كل مصايب السودان، لذلك على الناس البحث عن كيفية التعامل معها».
وتوقع رئيس البرلمان أن تشهد الدورة البرلمانية الحالية أحداثًا مهمة تتضمن صياغة «الدستور الدائم» للبلاد، بقوله: «ظللنا نتحدث عن دستور مؤقت طوال الفترات السابقة، الآن حان الوقت لدستور دائم، وأتوقع أن تشهد هذه الدورة صياغته، وتحقيق أمنية شعب السودان بالدستور باعتباره الوثيقة التي تتدرج تحتها كل القوانين الأخرى».
وأوضح أن الدورة البرلمانية الحالية والتي تشهد عمليات الحوار الوطني وإصلاح جهاز الدولة تتطلب جهدًا برلمانيًا كبيرًا وخاصًا، بيد أنه رفض الربط بين الحوار الوطني وإصلاح جهاز الدولة قائلاً: «نعم هناك علاقة سببية بين الحوار والإصلاح، لكن الناس لا يمكن أن تنتظر اكتمال كل الأشياء دفعة واحدة، إصلاح جهاز الدولة مهم مثله مثل الحوار الوطني، وارتباطهما لا يعني انتظار نتائج الحوار ليبدأ الإصلاح»، ووعد أن تكون الدورة الحالية أكثر استقلالية وأكثر فاعلية.
وكشف عمر أن حكومته تستجيب للضغوط الدولية يحقق المصالح الوطنية، وقال: «نعم نحن نستجيب للضغط الدولي في حدود السيادة، إذا كانت هذه الاستجابة تحقق مصلحة للسودان سنعمل بها، نحن دولة ذات سيادة، أما إذا اخترقت سيادتنا فلن نقبل، وإذا كانت الاستجابة لمصلحة السودان فليس فيها عيب».
وبشأن اتهامات إعلامية بخضوع البرلمان للجهاز التنفيذي وفقدان ثقة المواطنين للثقة فيه، قال عمر إن برلمانه ليس ضد الحكومة ولا ضد الجهاز التنفيذي، وأضاف: «البرلمان والجهاز التنفيذي والقضائي أجهزة متكاملة تعمل مع بعض في إطار الدولة لكن لكل حدوده، وحتى لا يظن أحد أني شخصيًا أو أي شخص آخر جاء ليكون عنده صراع مع الدولة، فإذا أخطأت الدولة نصححها، ونؤيدها إذا سارت على الطريق الصحيح».
وأعاد رئيس البرلمان طرح سؤال عن تأثير التدخل السياسي في إضعاف الخدمة المدنية بقوله: «السؤال الصحيح والشفاف هل أضعف التعيين السياسي الخدمة المدنية، فإذا كانت الخدمة المدنية مهنية فإن التدخل السياسي سيضعفها، لذلك فإن الحديث عن إصلاحها يعني أن تكون الوظيفة وفقًا للخبرة والكفاءة».
واختير عمر رئيسًا للبرلمان عقب انتخابات أبريل (نيسان) الماضي، التي لا تعترف المعارضة والدول الغربية بنتيجتها، وهو أحد قادة الإسلاميين السودانيين المخضرمين، وشغل مناصب كثيرة بعد انقلاب يونيو (حزيران) 1989.
ويحوز حزب المؤتمر الوطني الحاكم على 323 مقعدا في البرلمان البالغة عضويته 426 نائبًا، وحازت الأحزاب المؤتلفة معه على 84 مقعدًا، بينما نالت مجموعة مرشحين مستقلين معظمهم منشقون عنه 19 مقعدًا، ما يجعل من حزب الرئيس عمر البشير مالكًا لأغلبية مطلقة في البرلمان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.