شباب مغاربة يحيون في الرباط الذكرى الثالثة لانطلاق حركة «20 فبراير»

انتقدوا رئيس الحكومة.. وجددوا مطالبها

عبد الاله  ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وخالد الناصري وزير الاعلام السابق قبيل اللقاء الذي نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء اول من امس في الرباط (تصوير : مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وخالد الناصري وزير الاعلام السابق قبيل اللقاء الذي نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء اول من امس في الرباط (تصوير : مصطفى حبيس)
TT

شباب مغاربة يحيون في الرباط الذكرى الثالثة لانطلاق حركة «20 فبراير»

عبد الاله  ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وخالد الناصري وزير الاعلام السابق قبيل اللقاء الذي نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء اول من امس في الرباط (تصوير : مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وخالد الناصري وزير الاعلام السابق قبيل اللقاء الذي نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء اول من امس في الرباط (تصوير : مصطفى حبيس)

نظم عشرات من الشباب المغاربة مساء أول من أمس (الخميس) تجمعا جماهيريا في شارع محمد الخامس بالرباط، إحياء للذكرى الثالثة لانطلاق «حركة 20 فبراير»، للمطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية في المغرب.
ورفع المتظاهرون أعلاما حمراء وسوداء تحمل اسم الحركة المستوحى من تاريخ انطلاقتها في 20 فبراير (شباط) 2011، في خضم ما عرف بالربيع العربي، ورددوا هتافات تطالب بتحقيق الأهداف التي خرجوا من أجلها قبل ثلاث سنوات، أي تحقيق العدالة الاجتماعية، والحريات العامة، ومحاربة الفساد. وحمل الشباب أعلام حركتهم، والأعلام المغربية، وحمل آخرون العلم الأمازيغي، وتناثرت حولهم بعض اللوحات الفنية التي تسخر من الواقع السياسي في المغرب، ومن عمل الحكومة.
وانتقد المتظاهرون عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، ورفعوا لوحة كبيرة تضمنت صورة كاريكاتيرية ساخرة منه، مطالبين باستقالة فورية للحكومة، وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. وقال أحد المتظاهرين، وهو يردد الهتافات، إن الدستور الجديد الذي رأى النور عام 2011 لا يلبي «مطالب الشعب»، ووصفه بالدستور الممنوح.
وكان لافتا حضور عدد معتبر من غير الشباب، ومعظمهم من الناشطين الحقوقيين، وفي مقدمتهم خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة لبعض القياديين في أحزاب سياسية، من بينها «العدالة والتنمية»، الذي يقود الحكومة، وأجانب من دول غربية تابعوا عن قرب مجريات الوقفة التي امتزج فيها الاحتفال بالاحتجاج.
وبعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقتها الأولى، فقدت «20 فبراير» الكثير من حضورها الجماهيري في الشارع، فالمتظاهرون في شارع محمد الخامس لم يتجاوزوا العشرات، في حين انضم إليهم عشرات آخرون من حاملي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل، الذين دأبوا على التظاهر أمام مقر البرلمان، مطالبين بالتوظيف المباشر في الوظيفة العمومية، من دون اجتياز امتحانات الحصول على وظيفة، التي فرضتها الحكومة.
وقال أحمد ويحمان، القيادي في حركة «20 فبراير»، إنه رغم مرور ثلاث سنوات على «الشرارة الأولى» فإن الحركة لم تفقد ألقها، وما زالت تحتفظ بوجودها، لأنها مرتبطة بـ«مشروعية المطالب السياسية والاجتماعية التي تركز عليها»، حسب تعبيره.
وأضاف ويحمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الأهداف الكبرى والمطالب الأساسية التي خرجت الحركة من أجلها إبان انطلاقة «الربيع العربي» لم تتحقق بشكل كامل، وأن ما جرى كان مجرد محاولات لتلافي الاحتجاجات، و«بالتالي سنواصل النضال حتى تحقيق المطالب».
وعقب انطلاقتها في العشرين من فبراير (شباط) 2011، أعلن الملك محمد السادس، في خطاب وجهه للشعب المغربي في التاسع من مارس (آذار) من نفس السنة، نيته فتح الباب أمام إصلاحات سياسية كبرى، بدأت بدستور جديد أعدته لجنة استشارية، وصوت عليه المغاربة في يوليو (تموز) بنسبة أكثر من 98 في المائة، وبنسبة مشاركة تجاوزت 70 في المائة، رغم دعوات المقاطعة التي أطلقتها بعض الحركات من أبرزها «جماعة العدل والإحسان» المحظورة.
وبموجب الدستور الجديد تغير نمط عمل الحكومة، وأعطيت لها ولرئيسها صلاحيات واسعة، كما خول الدستور الجديد مكانة متميزة لمختلف المكونات العرقية والثقافية في المملكة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».