قوات «الدعم السريع» نصير للجيش السوداني أم نظير له؟

قوات الدعم السريع (صفحة محمد حمدان دقلو - فيسبوك)
قوات الدعم السريع (صفحة محمد حمدان دقلو - فيسبوك)
TT

قوات «الدعم السريع» نصير للجيش السوداني أم نظير له؟

قوات الدعم السريع (صفحة محمد حمدان دقلو - فيسبوك)
قوات الدعم السريع (صفحة محمد حمدان دقلو - فيسبوك)

أُنشئت قوات «الدعم السريع» في عهد الرئيس السابق عمر البشير، كقوة شبه نظامية في بادئ الأمر، تتبع لجهاز الأمن الوطني (جهاز المخابرات العامة الحالي)، منذ أغسطس (آب) 2013، بعد تطويرها من وحدة تابعة لقوات حرس الحدود، وأوكل لها البشير دوراً مهماً في الحرب ضد الحركات المتمردة في دارفور وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وأجاز المجلس الوطني (البرلمان) قانون قوات «الدعم السريع» في 18 يناير (كانون الثاني) 2017، وبموجبه انتقلت إمرتها من المخابرات العامة إلى القوات المسلحة (الجيش) وصارت تتبع للقائد العام مباشرة.
في 30 يوليو (تموز) 2019، أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بصفته رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، مرسوماً دستورياً حذف بموجبه المادة (5) من قانون قوات «الدعم السريع»، وكانت تنص على «الخضوع لأحكام قانون القوات المسلحة»، ما جعل تلك القوات شبه مستقلة، لا سيما أن قائدها محمد حمدان دقلو ظل يحتفظ بمنصبه نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي، ثم لمجلس السيادة الانتقالي، حتى هذه اللحظة، ما وسع من دائرة استقلاليتها.
ورغم التصريحات العديدة من قادة الجيش وقادة «الدعم السريع» بأنها قوات «ولدت في رحم الجيش»، فإنها تتبع له شكلياً، ولم يعد قانون القوات المسلحة السودانية حاكماً لها.
وتكنّ قوات «الدعم السريع» ولاءً كبيراً لمؤسسها وقائدها محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، ونائب القائد شقيقه عبد الرحيم، ولا تملك قيادة الجيش إقالة قادتها أو تعيين قادة جدد بدلاء لهم.
وارتفعت أسهم قوات «الدعم السريع» إبان ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، بسبب قرار قائدها الانحياز للاحتجاجات وعدم تفريقها بالقوة، مخالفة بذلك أوامر الرئيس المعزول عمر البشير، ما جعل منها «لاعباً» مهماً في الساحة، بل في وقت من الأوقات كانت اللاعب المحوري.
لكن قوات «الدعم السريع» أهدرت بسرعة شديدة ما كسبته من أسهم شعبية دفعة واحدة، في جريمة فض اعتصام القيادة العامة، بالصورة الوحشية التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولي. ولم تفلح كل جهود «الدعم السريع» في إزالة هذه الوصمة، وإقناع السودانيين بأن الرجال الذين ظهروا في الفيديوهات وهم يمارسون أبشع أنواع القتل والانتهاك لحقوق الإنسان ليسوا من صفوفها.
ووقعت قوات «الدعم السريع» في خطأ «استراتيجي» ثانٍ بمشاركتها في انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وبرغم تراجعها وإعلان قائدها فشل الانقلاب، واقترابه من المدنيين وقبوله الخروج من العملية السياسية والاندماج في القوات المسلحة، فإن «الوصمتين» لا تزالان تحولان بينها وبين التقبل الشعبي لها.
ولا توجد إحصائيات رسمية منشورة لعديد قوات «الدعم السريع»، لكن تقارير سابقة قدرتها بأكثر من 40 ألفاً من الضباط وضباط الصف والجنود قبيل سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير. غير أن عديدها تزايد باطراد بعد الثورة الشعبية، ليتجاوز المائة ألف بين مقاتل وضابط، وفقاً لتقديرات غير رسمية أيضاً. ويشار إلى أن وجودها لم يعد قاصراً على المناطق التي انتشرت فيها عند إنشائها، بل انتشرت و«جندت» مقاتلين في معظم ولايات البلاد، وعلى وجه الخصوص العاصمة الخرطوم.
ولا توجد معلومات دقيقة ورسمية عن نوعية تسليح قوات «الدعم السريع» وعتادها العسكري، لكن يظهر من خلال الاستعراضات العسكرية التي دأبت على تنظيمها أنها تملك مدرعات خفيفة ومتوسطة ومدفعية ميدان وقاذفات صاروخية ومضادات طيران ودروع، إضافة إلى عشرات الآلاف من سيارات الدفع الرباعية من طراز «لاندكروزر بيك آب» المسلحة.
وراجت معلومات عن حصول قوات «الدعم السريع» على مسيرات مقاتلة متطورة، وأجهزة تجسس عالية الدقة، لكنها نفت تلك المعلومات واعتبرت تداولها تشويهاً لصورتها.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السودان: تهديدات الطائرات دون طيار تتمدد إلى مناطق آمنة جديدة

جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
TT

السودان: تهديدات الطائرات دون طيار تتمدد إلى مناطق آمنة جديدة

جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)

ألحقت طائرات دون طيار (درون) أطلقتها «قوات الدعم السريع» خسائر كبيرة بين المدنيين والعسكريين في مدينة الفاشر بغرب السودان، وذلك في طور جديد من أطوار الحرب.

فبعد أن كانت «الدعم» تعتمد المسيّرات الانتحارية من طراز «RF260» محدودة التأثير، أدخلت في عملياتها القتالية مسيّرات أحدث قال ضابط بالجيش السوداني إنها من طراز «long wing II» صينية الصنع، فيما اتسع نطاق عمليات المسيّرات لمناطق كانت آمنة.

وذكرت مصادر متطابقة أن «قوات الدعم السريع» هاجمت، الأحد، سوقاً في مدينة الفاشر بأنواع حديثة من المسيّرات، وقتلت 35 شخصاً بينهم 8 عسكريين، فضلاً عن عشرات الجرحى والمصابين، وذلك بعد يوم واحد من قصف مسيّرة من الطراز نفسه أحد المستشفيات «السعودي»، وقتلت 8 أشخاص، وألحقت دماراً كبيراً بالمبنى.

من آثار الاشتباكات في شرق السودان (رويترز)

وكانت طائرة مسيّرة استهدفت قوات المدرعات بمدينة الفاشر، الاثنين الماضي، وأطلقت عدة صواريخ، ما أدى لمقتل نحو 25 جندياً بينهم 5 ضباط، وذلك وفقاً للناشط محمد خليفة المتتبع لأوضاع الحرب.

ومنذ اندلاع الحرب، يستخدم الجيش السوداني الطيران الحربي والمسيّرات في حربه ضد «قوات الدعم السريع»، فيما تستخدم الأخيرة طائرات «انتحارية» من طراز «RF260» صينية الصنع.

ويسعى الطرفان لتحديث أسلحتهما من المسيّرات القتالية ومسيّرات الاستطلاع. وراج أخيراً أن الجيش السوداني حصل على مسيّرات تركية من طراز «بيرقدار» الشهيرة، ومسيّرات إيرانية من طراز «مهاجر 6»، إلى جانب مسيّرات انتحارية تجارية طورت محلياً.

واستخدمت «قوات الدعم السريع» بكثافة المسيّرات «الانتحارية» ومعظمها ذات منشأ صيني، يُحصل عليها في الغالب من أسواق السلاح السوداء، بينما تشير أصابع الجيش إلى أنها من مصدر إقليمي، بجانب مسيّرات معدّلة استولت عليها بعد سيطرتها على «مجمع جياد العسكري» التابع للجيش.

ونقلت «سودان تربيون»، عن ضابط بالجيش السوداني، أن المسيّرة التي استخدمتها «قوات الدعم السريع» أخيراً من طراز «long wing II» صينية الصنع، نُقلت جواً لمطار نيالا وإلى الفاشر.

وفي الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الدفاع السوداني الفريق ياسين إبراهيم، في مؤتمر صحافي ببورتسودان، إن المسيّرات الاستراتيجية التي أصبحت تشارك في الهجمات ضد قواته، تنطلق من مطارات في دولة تشاد، فيما وصفها الناشط محمد خليفة بأنها «حديثة» وصواريخها دقيقة التصويب، وتحمل قذائف شديدة الانفجار.

مسيَّرة «بيرقدار تي بي 2» التركية الصنع (موقع شركة بايكار)

وتُعد الطائرة دون طيار التي استهدفت قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في يوليو (تموز) الماضي، أثناء مشاركته بتخريج ضباط في منطقة «جبيت العسكرية» بشرق البلاد، وراح ضحيتها 5 أشخاص بينهم حراس شخصيون للرجل وعدد من الضباط، إحدى أخطر عمليات تطور استخدام المسيّرات؛ إذ تبعد المنطقة آلاف الكيلومترات عن أماكن سيطرة «قوات الدعم السريع».

وفي تقريرها الصادر 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قالت «مبادرة جمع البيانات وتحليلها ورسم خرائط الأزمات»، المعروفة اختصاراً بـ«ACLED»، إن التهديدات القادمة من «أعلى في السودان، بدأت تهدد مناطق كانت آمنة، جراء استخدام المسيّرات المقاتلة، وحطمت الشعور بالأمن في المناطق البعيدة عن مناطق الصراع».

وأوضحت أن استمرار الحرب دفع طرفي القتال للحصول على ونشر أنواع مختلفة من الطائرات المقاتلة دون طيار، واستخدمت على نطاق جغرافي واسع، ما جعل مناطق كانت آمنة عرضة للهجمات.

البرهان يحيّي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت العسكرية» (شرق) في 31 يوليو (أ.ف.ب)

ووفقاً للمبادرة، فإن الجيش خلال العام الأول من الحرب نفّذ أكثر من 280 ضربة بطائرات دون طيار، 98 في المائة منها بالخرطوم، بينما نفّذت «قوات الدعم السريع» أكثر من 10 ضربات بطائرات دون طيار.

وأوضحت أن الجيش يستخدم المسيّرات تكتيكياً لدعم هجماته، بينما تستخدمها «الدعم» بطريقة أكثر استراتيجية، مستهدفة استنزاف الجيش في المناطق التي كانت تعتبر آمنة، ولخلق شعور بالتهديد يُجبر الجيش على تمديد دفاعاته، وإضعاف قدرته على تحمُّل الاشتباكات المطولة.

وشنت «الدعم السريع»، في الأشهر الماضية، هجمات بالمسيّرات استهدف عدة مناطق تقع تحت سيطرة الجيش، خاصة مدن عطبرة والدامر وشندي وكوستي وربك والقضارف، مستهدفة مقرّات عسكرية ومطارات وقواعد جوية، وقال الجيش إن دفاعاته تصدت لها بنجاح.