تعطل أجهزة الصرف الآلي بسبب «ورقة الألف ليرة» المطبوعة في روسيا.. وخوف من التضخم

اقتصاديون سوريون معارضون يحذرون من الآثار السلبية لاستخدام العملة التركية في المناطق المحررة

ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
TT

تعطل أجهزة الصرف الآلي بسبب «ورقة الألف ليرة» المطبوعة في روسيا.. وخوف من التضخم

ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)

فوجئ الموظفون والعاملون في الدولة مطلع الشهر الحالي عندما قبضوا رواتبهم من الصرافات الآلية، بغياب الورقة النقدية الجديدة من فئة الألف ليرة سوريا، وبقاء الورقة القديمة فئة الألف ليرة البالية والمهترئة جدا، هذا في الوقت الذي بدأت فيه بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في اعتماد الليرة التركية في دفع رواتب موظفيها.
وقال موظف حكومي إنه اضطر للانتظار ساعة ونصف الساعة أمام الصراف الآلي ليحصل على راتبه بعد تعطل ماكينة الصراف بسبب العملة الورقية الجديدة، والتي كما يبدوا أن طباعتها سيئة جدا وسماكة أوراقها تختلف من ورقة لأخرى مما سبب في تعطل أجهزة الصرف الآلي. ويضيف الموظف أنه «تم تدارك الأمر بسحب الورقة الجديدة من الصرافات الآلية وضخ الأوراق القديمة».
وطرح النظام السوري أوراقا نقدية جديدة من فئة الألف ليرة سورية، بتصميم جديد خلا من صورة الرئيس الأب حافظ الأسد، وتحمل رسوما ترمز إلى تاريخ سوريا القديم، وقال حاكم البنك المركزي أديب ميالة إن «الأوراق الجديدة لن تؤثر على معدل التضخم بل إنها ستحل محل سبعين مليار ليرة من العملة البالية التي سيتم سحبها من السوق».
يشار إلى أن شركة «جوزناك» الروسية هي التي طبعت العملات السورية الجديدة في السنوات الأربع الأخيرة بعد أن امتنعت الشركة النمساوية عن طباعتها منذ عام 2011 بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة على النظام السوري.
وسبق لاقتصاديين سوريين أن حذروا من الانعكاسات السلبية لطرح عملة ورقية جديدة من فئة الألف الموجودة بالأساس، إذ رأوا أن ذلك سيهبط بقيمة الليرة ويرفع معدل التضخم، في وقت تدهورت فيه قيمة الليرة السورية، وأنه كان من الأفضل طرح فئة جديدة غير موجودة مثلا ورقة بقيمة ثلاثة آلاف. بينما رأى آخرون أن إصدار طبعات جديدة للعملة لا يحل مشكلة الليرة التي تدنت قيمتها كثيرا في الأشهر الأخيرة. حتى تجاوز سعر الدولار الواحد عتبة الثلاثمائة ليرة وأربع ليرات. وتشهد الليرة السورية تقلبات مفاجئة في سعرها تحت تأثير الأحداث السياسية والعسكرية، فقبل عام 2011 كان الدولار الأميركي الواحد يساوي 46 ل.س.
وتم بعد مناقشات مطولة ضمن بعض فصائل المعارضة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في محافظة حلب، التوصل إلى قرار استبدال الليرة السورية بالليرة التركية واعتمادها عملة تداول في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وأصدرت (اللجنة السورية لاستبدال عملة التداول في المناطق المحررة)، بيانًا أعلنت فيه البدء بتطبيق قرار مشترك من قبل الفصائل المعارضة والفعاليات والمحاكم القضائية التابعة لها استبدال العملة السورية بالتركية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري. ولفتت البيان إلى أن هذا القرار مؤقت ويهدف إلى «الضغط على نظام الأسد اقتصاديًا لحين سقوطه وإصدار عملة وطنية جديدة».
وبدورها أقرت المحكمة الشرعية في حلب القرار ببدء التداول بالليرة التركية، وأكدت عبر شريط مصور نشرته توزيع الرواتب للعاملين لديها بالليرة التركية، وقال رئيس المحكمة في كلمة له في الشريط إن «المؤسسات الثورية اتفقت جميعها على التداول بهذه العملة»، مؤكدًا على حسن استجابة الموظفين في هذه المؤسسات لهذا القرار.
وأكدت مواقع معارضة عدة أن قرار استبدال الليرة السورية بالتركية جاء نتيجة قلق السوريين من هبوط مفاجئ بقيمة العملة السورية، فغالبية التجار يسعون يوميا إلى استبدال فائض السيولة إلى دولار أميركي، ولا يحتفظون سوى بمبالغ سورية ضئيلة تحسبا من انهيار اقتصادي مفاجئ.
إلا أن استبدال العملة المحلية بعملة دولة مجاورة لم يكن بالقرار السهل، وحذر منه اقتصاديون معارضون على اعتبار أنه قرار يستفيد منه كبار التجار العاملين بالاستيراد والتصدير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وهي المناطق لا تزال مرتبطة اقتصاديا بحكومة دمشق، وهناك مئات من العاملين فيها يقيمون بمناطق المعارضة ويتقاضون رواتبهم من حكومة النظام، الأمر الذي سيؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بهم. كما أن الليرة السورية لا تزال العملة الأساسية للتداول ولعمليات الشراء والبيع اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مثل المواد الغذائية والخبز والخضراوات بالإضافة إلى المحروقات والألبسة كلها تُباع حتى الآن بالليرة السورية، باستثناء بعض الأجهزة الإلكترونية كالجوالات والحواسيب فهي تُباع بالدولار، كون أسعارها مرتفعة ولأنها مستوردة بالدولار من الدول الأجنبية.
د.أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن محاذير هذا القرار تتركز في أن الشعب السوري لم يؤخَذ رأيه في الأمر، ولا يجوز لهيئة شرعية أو مؤسسة مجتمع مدني، أو هيئة تنفيذية، أو حتى فصيل عسكري القيام بالتدخل في مسألة سيادية بهذا الحجم، لأن هذا يسمح لهيئة شرعية أخرى في درعا - مثلاً - باستبدال العملة السورية بالريال السعودي أو الدينار الأردني مثلاً. وقال إن لهذا القرار انعكاسات خطيرة على مفهوم السيادة السورية بعد انتهاء الأزمة، ويصعب بعدها استعادة سيادة الليرة مرةً أخرى. وأضاف أن «القرار سينعكس سلبا على الموظفين الذي يتلقون رواتبهم من النظام أو (داعش)، واضطرارهم لتحويل الليرة التركية إلى ليرة سوريا، وما ينتج عن ذلك من تلاعب بسعر التحويل، وسعر السلع».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».