ترامب يشعل سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية في أول مناظرة للمرشحين الجمهوريين

إيران والصحة والبيئة والأنظمة المصرفية ومصير 11 مليون مهاجر قضايا شكلت جبهة مواجهة بين المرشحين

دونالد ترامب يتوسط سكوت ووكر وجيب بوش ومايك هاكابي في أول مناظرة رئاسية بالانتخابات الأميركية المنتظرة أول من أمس (الخميس) (أ.ف.ب)
دونالد ترامب يتوسط سكوت ووكر وجيب بوش ومايك هاكابي في أول مناظرة رئاسية بالانتخابات الأميركية المنتظرة أول من أمس (الخميس) (أ.ف.ب)
TT

ترامب يشعل سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية في أول مناظرة للمرشحين الجمهوريين

دونالد ترامب يتوسط سكوت ووكر وجيب بوش ومايك هاكابي في أول مناظرة رئاسية بالانتخابات الأميركية المنتظرة أول من أمس (الخميس) (أ.ف.ب)
دونالد ترامب يتوسط سكوت ووكر وجيب بوش ومايك هاكابي في أول مناظرة رئاسية بالانتخابات الأميركية المنتظرة أول من أمس (الخميس) (أ.ف.ب)

انطلقت أول من أمس (الخميس) المناظرة الأولى للمتنافسين على نيل ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية بحضور عشرة من المرشحين. وخطف الملياردير الأميركي دونالد ترامب الذي يأتي في الطليعة في استطلاعات الرأي للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، الأضواء، بينما واجه خصومه صعوبة في إثبات جديتهم.
وبهذه المناظرة التي أذاعتها شبكة «فوكس نيوز» بالتعاون مع موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، فقد انطلق رسميًا السباق الحزبي نحو البيت الأبيض الذي سينتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بإجراء الانتخابات العامة.
وخلال المناظرة التي استمرت على مدار ساعتين تقريبا، سلط كل من المرشحين الضوء على أهم أولوياته في حالة فوزه في انتخابات الرئاسة، وفيما يلي نظرة على المواقف السياسية الرئيسية لأبرز المرشحين الجمهوريين الذين شاركوا في المناظرة.
رجل الأعمال المليونير دونالد ترامب ذكر أنه سوف يطرد المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة ويشيد جدارًا على الحدود الجنوبية مع المكسيك. وأعرب ترامب عن معارضته للإجهاض، ووصف الاتفاق النووي مع إيران بأنه سيجلب الدمار على أجزاء كبيرة من العالم.
حاكم فلوريدا السابق جيب بوش ركز على نجاحه في خلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي في ولايته فلوريدا وتناول سياسات مكافحة الإجهاض في الولاية. وأشار إلى رغبته في تحويل المهاجرين إلى «دافع لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام» عن طريق إصلاح السياسات. وذكر أنه يتعين اجتثاث تنظيم داعش المتطرف «بجميع الأدوات المتاحة لدينا».
حاكم ويسكونسون سكوت ووكر أعرب عن رغبته في تعزيز الأمن على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ورفع الضوابط الاتحادية عن الاقتصاد. وذكر أنه سوف يرسل مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا ومزيدًا من القوات إلى شرق أوروبا ويعيد تفعيل نظام الدفاع الصاروخي في بولندا وجمهورية التشيك.
وأكد قطب العقارات في المناظرة التي جرت في ملعب لكرة السلة في كليفلاند، أنه لا يستبعد الترشح للانتخابات الرئاسية التي تجري نوفمبر 2016 كمستقل إذا هزم في الاقتراع التمهيدي. وهو المرشح الجمهوري الوحيد الذي يفكر في هذا الخيار الذي سيعود بالفائدة بالتأكيد على مرشح الحزب الديمقراطي. ويثير هذه الموقف قلق الحزب الجمهوري، حيث يعيد الأذهان إلى عام 1992 عندما اجتذب المرشح إتش روس بيروت دعم الجمهوريين من مرشح الحزب جورج بوش الأب، مما أدى إلى هزيمته أمام الديمقراطي بيل كلينتون.
وقال دونالد ترامب: «لن أقطع هذا الوعد في المرحلة الحالية»، مثيرًا غضب مرشح آخر وهتافات مناهضة من قبل ناشطين حضروا المناظرة التي استمرت ساعتين.
لكن رجل الأعمال أثار الضحك عندما ذكر أنه في الماضي «أعطى الكثير من الأموال لمعظم الناس الموجودين على هذه المنصة الآن» لشراء دعمهم.
وتحدث عن منحه أموالاً حتى لهيلاري كلينتون. وردًا على أسئلة صحافيي قناة «فوكس نيوز» التي نظمت المناظرة عن السبب، قال: «طلبت منها أن تحضر حفل زفافي وحضرت. لم يكن لديها خيار آخر».
ومنذ بدء حملته الانتخابية يونيو (حزيران) الماضي، احتل ترامب الطليعة في استطلاعات الرأي. وقد سببت له شعبيته انتقادات من خصومه الذين يتهمونه بالتقلب في مواقفه على مر السنين حول قضايا مهمة للمحافظين مثل حق الإجهاض والهجرة والتأمين الصحي الذي أراد تأميمه في الماضي.
وقالت كارلي فيورينا الرئيسة السابق لمجموعة «هوليت باكارد» في مناظرة سابقة شارك فيها المرشحون السبعة الأقل شعبية في استطلاعات الرأي «بما أنه غير رأيه حول قرارات العفو (عن مهاجرين سريين) وحول الصحة وحول الحق في الإجهاض، أريد فقط أن أعرف المبادئ التي سيحكم بموجبها».
وكان المرشحون الجمهوريون الـ17 برهنوا على وحدة عقائدية واضحة بإدانتهم «عهد أوباما - كلينتون» وتعهدهم التراجع عن الكثير من القرارات التي اتخذت في عهد الرئيس الديمقراطي حول إيران والصحة والبيئة والأنظمة المصرفية.
ويبدو أن قضية الهجرة الساخنة ومصير 11 مليونًا من الذين يقيمون بطريقة غير مشروعة في الولايات المتحدة شكلت جبهة مواجهة بين المرشحين.
فقد اقترح جيب بوش شقيق الرئيس السابق جورج دبليو بوش وابن الرئيس الأسبق جورج بوش تنظيم أوضاع هؤلاء تدريجيًا مقابل دفع غرامة وشروط أخرى، وهو أمر مرفوض من قبل الكثير من المحافظين.
وقال: «أعتقد أن غالبية الناس الذين يأتون بطريقة غير مشروعة لا خيار آخر لديهم. إنهم يريدون مساعدة عائلاتهم».
وكشفت مناقشات سادها التوتر حول حجم برامج المراقبة الأميركية، الهوة التي تفصل بين الجناح المدافع عن الحريات المدنية في الحزب وأنصار إبقاء الآليات الحالية للمراقبة.
وكانت شخصيات كبيرة في الحزب الجمهوري توقعت أن يكون ترامب مرشحًا عابرًا. لكن تصريحاته النارية حول خصومه أو الهجرة عززا موقعه.
وسعى كل من المرشحين الـ17 وبينهم سيدة واحدة هي كارلي فيورينا إلى إثبات أنه الوحيد القادر على التغلب على هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية الأوفر حظًا في انتخابات 2016.
وأكد جيب بوش الذي ينتمي إلى عائلة سياسية أنه قادر على تحقيق ذلك ودافع عن حصيلة أدائه كحاكم سابق لولاية فلوريدا. من جهته، صرح السيناتور ليندساي غراهام بأن هيلاري كلينتون «تمثل ولاية ثالثة لرئاسة فاشلة».
وعندما طلب صحافي شبكة «فوكس» من المرشحين وصف هيلاري كلينتون ببضع كلمات، رددوا: «غير جديرة بالثقة» و«لا تتمتع بأي رؤية» و«اشتراكية».
وكانت كلينتون وجهت خلال المناظرة رسالة إلى مؤيديها، وقالت: «في هذه اللحظة يتشاجر عشرة رجال دبلوماسيين على شاشة التلفزيون لمعرفة من سيكون الأفضل لإعادة بلدنا إلى الوراء. لا أتابعهم ولا أحتاج إلى ذلك».
وتأتي هذه المناظرة قبل ستة أشهر من بدء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. وبداية من الآن وحتى موعد إجراء الانتخابات، سيختار كل من الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين مرشحًا عن كل حزب في سباق انتخابي من ولاية لأخرى.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.