ليبيا تسعى إلى أن يكون «الكسكسي» مسجلاً باسمها أيضاً في اليونيسكو

منيرة زويت تحضّر طبقها المفضل «الكسكسي»
منيرة زويت تحضّر طبقها المفضل «الكسكسي»
TT

ليبيا تسعى إلى أن يكون «الكسكسي» مسجلاً باسمها أيضاً في اليونيسكو

منيرة زويت تحضّر طبقها المفضل «الكسكسي»
منيرة زويت تحضّر طبقها المفضل «الكسكسي»

تسعى ليبيا إلى أن تثبت أن طبق «الكُسكُس» الذي يشتهر به المغرب العربي والمعروف محلياً بـ«الكسكسي»، يعنيها بقدر ما يعني جيرانها المغرب والجزائر وتونس؛ إذ يطمح الليبيون إلى تقدير دولي لتراثهم المطبخي والثقافي الغني بعدما مزّقت الفوضى بلدهم منذ أكثر من عقد.
في موقع المسرح الروماني القديم في مدينة صبراتة، على بعد نحو 70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، ينشغل عشرات الطهاة في التحضير: في غضون ساعات قليلة، سيقدمون طبق الكسكس العملاق للجمهور.
وقال أحد المشاركين في عملية الطهو، لوكالة الصحافة الفرنسية بينما كان يرتاح لبضع دقائق وقد بدت عليه ملامح التعب «لم أنم طوال الليل».


في قدور ضخمة مصنوعة من الفولاذ، يواصل البعض الآخر تقليب السميد الذي حوّلت صلصة الطماطم لونه إلى أحمر، في حين وُضعَت المكونات الأخرى التي سبق تجهيزها في أطباق كبيرة مغطاة بورق الألمنيوم.
يصب الطهاة والمساعدون، في طبق يبلغ قطره أربعة أمتار، نحو 2400 كيلوغرام من السميد، ولحم الضأن، واليقطين، بالإضافة إلى اللمسة الليبية النموذجية، «البصل المحمص في الزبدة».
تتجمع العائلات حول الطبق العملاق، تحت حراسة الشرطة، بينما يصور الشباب المشهد بهواتفهم، في مشهد يبعث بمظاهر الاطمئنان، ولو كان نسبياً.

تُعرب أحلام فخري، من طرابلس، عن سعادتها برؤية الليبيين يجتمعون، وتوضح «أتيت من قرية تشتهر بالكسكس الذي يمكنك شمه من مسافة أميال حولها. المنطقة المغاربية كلها مشهورة بالكسكس الذي يميزنا عن الشرق العربي».
ليبيا هي الدولة الوحيدة في شمال أفريقيا غير المسجلة على أنها معنية بتقاليد وجبة «الكسكس» المدرجة منذ عام 2020 ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي؛ وذلك بسبب عدم انضمام ليبيا إلى هذه المعاهدة الدولية، وبالتالي عدم خضوعها لشروطها. وتتحرك منظمات المجتمع المدني من خلال مبادرات مختلفة «لدفع الملف» عن طريق الضغط على السلطات.
وينظم علي مسعود الفطيمي (54 عاماً)، فعالية لطهي طبق «كسكس» عملاق كل عام في موقع تاريخي، بالتعاون مع جمعيته التي تهدف إلى دعم السياحة والحفاظ على التراث، لإرسال «رسالة إلى البرلمان»، حسب وصفه.
ويشدد الفطيمي على أن انضمام ليبيا إلى هذا الاتفاق «لن يتيح الحفاظ على الكسكس وحده؛ إذ إن ليبيا غنية بالثقافة والتراث، وهذا التراث غير محمي أساساً».
ويقول علي: إن «الكسكسي العملاق»، مثله مثل اليوم الوطني للملابس التقليدية وغيرها من المبادرات، هو ثمرة «دفعة شعبية»، معرباً عن أمله في أن يصادق أعضاء البرلمان على الاتفاقية الدولية «في المستقبل القريب»، لتنضم ليبيا إلى جيرانها في قائمة «التراث غير المادي».
في حال المصادقة على الاتفاقية، يمكن لليبيا أن تنضم إلى موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس في ملف الكسكس «لأن التسجيل لا يعني ملكية نهائية أو حصرية» من قِبل بلد واحد، وفقاً لتأكيد اليونيسكو.

وبزي الشيف الأبيض الذي يحمل تطريزات ذهبية ليبية، تحضّر منيرة زويت (43 عاماً) طبقها المفضل عن طريق سكب قليل من الملح ومسحوق الفلفل الحار وقليل من القرفة؛ مما يترك طعماً حلواً.
وتقول زويت التي تعلمت إعداد الكسكس من أمها في صغرها وتملك مطعماً في العاصمة طرابلس: إنه «ليس مجرد طبق نأكله، بل مرآة حضارة، ومهارة تتناقلها الأجيال».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.