خريطة النفوذ السياسي والعسكري في ليبيا

تحالفات متباينة وواقع ميداني مُعقد

مناورة بالذخيرة الحية للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليا في مدينة ترهونة غرب البلاد (أ.ف.ب)
مناورة بالذخيرة الحية للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليا في مدينة ترهونة غرب البلاد (أ.ف.ب)
TT

خريطة النفوذ السياسي والعسكري في ليبيا

مناورة بالذخيرة الحية للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليا في مدينة ترهونة غرب البلاد (أ.ف.ب)
مناورة بالذخيرة الحية للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليا في مدينة ترهونة غرب البلاد (أ.ف.ب)

مع إطلاق المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، قبل أيام، مبادرة تستهدف إجراء انتخابات عامة في البلاد، هذا العام، يتابع الليبيون الدبلوماسي السنغالي، وهو يتحدث عن أزمة وطنهم، بينما يتحسسون، من حولهم، خريطة النفوذ السياسي والعسكري لـ«مراكز قوى»، تُمسك بمفاتيح كل شيء تقريباً.
ولأسباب عدة، تبدو هذه الخريطة، اليوم، بالغة التعقيد، بعدما خرجت من رحم حروب أهلية طاحنة، تتابعت منذ مقتل الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2011.
أول ما يعوق قراءة حقائق النفوذ السياسي في ليبيا، هو تلك التغييرات المستمرة، لواقع التشكيلات المسلحة والتكتلات السياسية، المتنازعة على السلطة. وفي ظل تحالفات متباينة، يقف الشعب الليبي أمام حكومتين: الأولى تحظى باعتراف دولي، وتملك أدوات مالية وسياسية، وهي حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تبسط سلطاتها على طرابلس العاصمة، وتستعين بقوات تركية، وعناصر من «المرتزقة السوريين»، أما الأخرى، فهي
حكومة فتحي باشاغا، الموازية، التي تتخذ من مدينتي سرت وبنغازي مقرّاً لها، والتي حازت ثقة البرلمان الليبي بـ(شرق البلاد) لخلافة حكومة الدبيبة، لكن دون أن تتمكن من ذلك.

من الغرب إلى الجنوب
يرى المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، أنه في ظل الوضع السياسي الراهن المرتبط بوجود حكومتين، يصعب تحديد خريطة واضحة لمواطن النفوذ، من ناحية «السيطرة الفعلية على السلطة، والتأثير السياسي المطلق»، لكن هناك من يرى أن الواقع على الأرض يشير إلى سيطرة حكومة الدبيبة، على مقاليد الأمور في مدن الغرب، وبعض مناطق بجنوب البلاد، في حين يبسط «الجيش الوطني» برئاسة المشير خليفة حفتر، سيطرته على غالبيتها، وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع تشاد والنيجر والسودان.
ويجري «الجيش الوطني» من وقت إلى آخر عمليات تمشيط واسعة في الدروب الصحراوية بالجنوب الليبي لتتبع فلول تنظيم «داعش». وسبق لقوات الجيش خلال العام الماضي، مداهمة أوكار لعناصر التنظيم في «جبل عصيدة» بالجنوب الغربي بالقرب من مدينة القطرون (جنوباً)، كما قتلت عنصريين في عملية ثانية، في المنطقة ذاتها.

ولاءات الميليشيات
لا يختلف واقع التشكيلات المسلحة، عن الحالة السياسية في التعقيد؛ فالفصائل المسلحة التي تسيطر على العاصمة طرابلس، راهناً، والموالية لحكومة الدبيبة، سبق لها التمركز في مناطق عدة، قبل أن يعاد تشكيلها بعد اشتباكات أغسطس (آب) 2022.
ووفق بلقاسم، فإن تلك الفصائل، أطاحت القوة العسكرية الموالية لحكومة باشاغا، في طرابلس بالكامل، بما فيها المجموعات التي كانت تتعاطف معه.
فالمشهد في العاصمة بات قاصراً على القوات الموالية لحكومة الدبيبة. وقد نمت هذه القوات «بشكل متزايد وسريع» حتى أصبحت ألوية عسكرية متكاملة، من حيث القوة، والقدرة، والتأهيل، والتدريب المناسب، في وقت قياسي، بتعبير بلقاسم الذي يشير إلى أن هذه الأجنحة العسكرية الموالية للدبيبة باتت تدخل في تفاهمات مع الشرق الليبي ضمن مفاوضات سابقة تعلقت بدمج حكومتي الدبيبة، وباشاغا.
وتحظى حكومة الدبيبة في طرابلس بدعم عديد الميليشيات المسلحة، من أهمها «قوات الردع» و«العمليات المشتركة» و«جهاز دعم الاستقرار»، بالإضافة إلى كتيبة «فرسان جنزور» التي تتمركز غرب العاصمة، بجانب كتائب أقل عدداً وعتاداً، منها «رحبة الدروع» بمنطقة تاجوراء (شرق طرابلس).
وتقف بعض الميليشيات المسلحة في صف الحكومة الموازية برئاسة فتحي باشاغا، التي تحظى بدعم ميليشيا «لواء المحجوب» المتمركزة بمصراتة، وكتيبة «777».
وعقب التنازع على السلطة بين الدبيبة وباشاغا، ارتأت بعض الميليشيات المسلحة عدم الدخول على خط الأزمة بينها، وقالت إنها التزمت الحياد، من بينها ميليشيا «لواء الصمود» التي يقودها المطلوب دولياً صلاح بادي.
وتستهدف «الخريطة الأممية» التي أعلن عنها باتيلي، المسارعة في إجراء الانتخابات العامة بالبلاد، للحد من تغول هذه التشكيلات، ويرى بلقاسم، أن المبادرة لا تهدد «مصالح القوة الفاعلة على الأرض؛ بل تمنحها فرصة حقيقية للانخراط بشكل أكبر سياسياً، من خلال الممثلين السياسيين الذين يدعمونها في إطار دعمهم لجهود الحوار السياسي الليبي».

نفوذ «النواب» و«الدولة»
وضمن خريطة النفوذ نفسها، تتمتع حكومة الدبيبة، بموقف دولي داعم وجودها حتى إجراء الانتخابات العامة المنتظرة، رغم أن هذا الاستحقاق مهدد بالمضي في مسار معقد، وبخاصة مع صعوبة اتفاق مجلسي النواب والدولة على إصدار القوانين المنظمة لتلك الانتخابات. ورغم ذلك «لا يمكن لعبد الله باتيلي تجاوز تلك المؤسسات»، بحسب بلقاسم.
ومع ما أوجدته هذه الاصطفافات من تصنيفات متقابلة، على امتداد خريطة النزاع، بين شرق وغرب، إلى جانب صراعات آيديولوجية بين السلطات المختلفة، يُحصي المحلل الليبي حسين مفتاح، مجلسي النواب والدولة كسلطتين تشريعيتين لا يمكن تجاوزهما من جانب المبعوث الأممي، اعتماداً على المجلس الرئاسي، بقيادة محمد المنفي، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
ويرى في ذلك «تكراراً لتجربة فاشلة»، مشيراً إلى أنه رغم محاولات الدبلوماسي السنغالي لكسر الجمود السياسي، فإنه لم يتمكن من إحداث أي تغيير إيجابي في خريطة السياسة الليبية المحكومة بالأطراف المتصدرة للمشهد الراهن.

من بنغازي إلى سرت
منذ انتهاء حرب «الجيش الوطني» على طرابلس بانسحاب قواته، وهو يسيطر على مدينة سرت الساحلية (وسط ليبيا) وما حولها، بعد أن كانت تحت سيطرة حكومة طرابلس السابق بقيادة فائز السراج، وتمنح هذا المنطقة حفتر، مكسباً استراتيجياً لقربها من قاعدة «القرضابية» التي تخضع لسيطرة قواته، بجانب أن المدينة إلى الغرب مباشرة من «الهلال النفطي» الليبي، الذي يخضع لسيطرة الجيش منذ عام 2016 بعد أن استرده من تنظيم «داعش».
وبذلك يبسط «الجيش الوطني»، الذي يستعين بعناصر من شركة «فاغنر» الروسية، بحسب خبراء عسكريين، تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، سيطرته على كامل مدن شرق ليبيا، وبعض مناطق الجنوب، مروراً بمناطق وسط البلاد.
ولا يغيب الوجود الأجنبي في الشرق والغرب، عن خرائط النفوذ العسكري في البلاد، بالإضافة إلى القوات الأجنبية «المرتزقة» سواء في جنوب أو وسط البلاد. في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، يرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد عليبة، أن ملف إجلاء المرتزقة بين الشرق والغرب الليبي «تحول ورقة مساومة تركية - روسية».
ورغم ما شهده مؤتمر باريس 2021، حول الأزمة الليبية، من اتفاق على السحب المتبادل، والمتكافئ، وبشكل متزامن، لهذه العناصر في الشرق والغرب، «فإن الأمر تحول، في نهاية المطاف، ورقةً للمساومة بين موسكو وأنقرة، وأصبح كل طرف منهما يتذرع بالآخر في عدم الوفاء بوعود سحب عناصره»، دون نية جادة للتنفيذ، وفق عليبة، الذي يوضح أن السؤال حول مصير هؤلاء، عند ترحيلهم من ليبيا، يظل معلقاً بلا إجابة.

هل أسرف باتيلي في الأمل؟
من واقع كل تلك المعطيات، قد يبدو أن المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، «أسرف في الأمل» حين طرح مبادرة تقفز فوق كل هذه الحواجز، نحو الانتخابات، وهو ما يرجّحه الباحث أحمد عليبة، قائلاً: إن باتيلي أسرف، بمبادرته الأخيرة، في تصوره حجم دور البعثة الأممية، من الوساطة إلى الوصاية، عبر تشكيل لجنة تتجاوز كل الأطراف «في بيئة داخلية معقدة يزيدها التعاطي الأخير، من المبعوث الأممي، تعقيداً».
وفي حين ينتقد إشارة الدبلوماسي السنغالي إلى المؤسسات الليبية بأنها «فاقدة للشرعية»، يقول عليبة: إنه في الواقع الليبي، اليوم، وفي خريطة النفوذ القائمة، لا يتعامل المتداخلون مع الملف الليبي، مع تلك المؤسسات باعتبارها شرعية أم لا، وإنما لكونها مؤسسات فرضها «الأمر الواقع». ويسري هذا الوصف على جميع تلك المؤسسات، بما فيها حكومة عبد الحميد الدبيبة، والمجلس الرئاسي، وكذلك مجلسا النواب والدولة.
لكل ذلك، تحولت الخريطة السياسية في ليبيا إلى «خريطة لمراكز القوى»، بتعبير «عليبة» الذي يطالب المبعوث الأممي بمراعاة التوازنات بين هذه القوى، وأن يلعب دور الوسيط بينها «بحيث يوجههم صوب عملية سياسية واضحة الملامح، ومنضبطة، تعكس توجهاتهم»، واصفاً المبادرة الأخيرة بأنها تقدم مساراً جديداً، وخريطة طريق جديدة «لا تتناسب مع السقف الزمني المحدد لها».


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

موسكو تحذَّر رعاياها من زيارة ليبيا إثر اعتقال سلطات طرابلس روسيّاً

المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
TT

موسكو تحذَّر رعاياها من زيارة ليبيا إثر اعتقال سلطات طرابلس روسيّاً

المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)
المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة الطاهر الباعور مستقبلاً سفير روسيا لدى دولة ليبيا حيدر أغانين (الخارجية)

تكّسر صفو العلاقة بين سلطات العاصمة الليبية طرابلس وروسيا على نحو مفاجئ وغير متوقع، اليوم (الخميس)، بعد الإعلان عن اعتقال أحد المواطنين الروس في ليبيا، وهو ما دفع السفارة الروسية في ليبيا إلى تحذير رعاياها من زيارة ليبيا، وخاصة الجزء الغربي منها، وقالت إن الوضع العسكري السياسي بالبلاد «لا يزال متوتراً للغاية».

وأضافت السفارة الروسية موضحة أن «ليبيا ليست وجهة سياحية، وزيارتها لأغراض غير رسمية خطر على الحياة والصحة». وأبرزت في هذا السياق أن على الراغبين في زيارة ليبيا «الانتظار قليلاً إلى أن تصبح الفرصة مواتية لرؤية جمالها»، مشيرة إلى أن «التحذير ينطبق على الراغبين في عبور ليبيا، سواء بحافلة أو سيارة أو درجات نارية أو هوائية، أو غيرها من وسائل النقل».

ورداً على هذه الخطوة، قال بيان صحافي صدر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، إن الوزارة «تتابع ببالغ الاهتمام البيان الصادر عن السلطات الروسية، الذي يُحذر مواطنيها من السفر إلى ليبيا». ودعت نظيرتها الروسية إلى تقديم «توضيح عاجل حول دوافع وأسباب هذا التحذير، وذلك في إطار ما تقتضيه العلاقات الثنائية من احترام متبادل وشفافية».

وأوضحت الوزارة أن الإجراءات المتخَذة بحق المواطن الروسي، إثر اعتقاله من طرف سلطات طرابلس، تمت وفق القوانين والتشريعات الليبية، وبالتنسيق الكامل مع مكتب النائب العام؛ مبرزة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن المعني «متورط في أنشطة تضر بالنظام العام، وتستهدف إفساد الشباب الليبي، بالإضافة إلى وجود ارتباطات مع جماعات مسلحة أجنبية تنشط في أفريقيا».

وشددت الوزارة على أن هذه الإجراءات «تأتي في إطار الحفاظ على الأمن الوطني»، معلنة رفضها «أي محاولة للإساءة إلى صورتي الاستقرار والأمن، اللتين حققتهما حكومة الوحدة الوطنية بجهود حثيثة خلال الفترة الماضية».

كما جددت وزارة الخارجية والتعاون الدولي التزامها بسيادة القانون وحماية المواطنين وضيوف ليبيا، وأكدت حرصها على تعزيز التعاون البناء مع جميع الدول الصديقة، مشددة على أن الحوار الدبلوماسي هو الأساس لحل أي قضايا عالقة، بما يخدم المصالح المشتركة، ويحترم سيادة وقوانين الدول.

وكانت روسيا قد قررت إعادة افتتاح سفارتها بالعاصمة طرابلس في 22 فبراير (شباط) 2024، الأمر الذي وصفته سلطات طرابلس آنذاك بأنه «خطوة مهمة» ستعزز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.