لبنان يحيي العيد السبعين لجيشه بغياب المظاهر الاحتفالية نتيجة استمرار شغور سدة الرئاسة

الجميل لـ«الشرق الأوسط»: هناك من يدفع البلد باتجاه الانتحار.. والحكومة في حكم المستقيلة

لبنان يحيي العيد السبعين لجيشه بغياب المظاهر الاحتفالية نتيجة استمرار شغور سدة الرئاسة
TT

لبنان يحيي العيد السبعين لجيشه بغياب المظاهر الاحتفالية نتيجة استمرار شغور سدة الرئاسة

لبنان يحيي العيد السبعين لجيشه بغياب المظاهر الاحتفالية نتيجة استمرار شغور سدة الرئاسة

أحيا لبنان يوم أمس السبت الذكرى السبعين لتأسيس جيشه وللعام الثاني على التوالي بغياب المظاهر الاحتفالية نظرا لاستمرار شغور سدة رئاسة الجمهورية وتعذر انتخاب رئيس للبلاد هو وبحسب القوانين اللبنانية القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وللمرة الأولى منذ عشرات السنوات يحل عيد الجيش والمؤسسة العسكرية موضع تجاذب سياسي على خلفية ملف التعيينات الأمنية التي تعطّل سير عمل مجلس الوزراء، فبينما يتمسك القسم الأكبر من الوزراء والكتل السياسية بتمديد ولاية قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي نظرا لغياب التوافق الوطني المطلوب حول الشخصية المرشحة لخلافته، يرفض وزراء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزراء حزب الله البت بأي مشاريع أخرى موضوعة على جدول أعمال الحكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش.
ويتصدر قائمة المرشحين لقيادة الجيش العميد شامل روكز، قائد فوج المغاوير، إلا أن كونه صهر عون يقلص من حظوظه بنَيل المنصب ليتقدم سيناريو التمديد عامين للعماد قهوجي على سواه من السيناريوهات.
مع هذا أكدت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» أن «لا حل للأزمة الحكومية إلا بمبادرة يقوم بها تيار المستقبل تجاه العماد عون لحل أزمة التعيينات الأمنية»، في حين اعتبر رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل أن «هناك من يدفع البلد اليوم باتجاه الانتحار من خلال سعيه لتفريغ مؤسسات الدولة والإدارات العامة»، ملمحًا إلى حزب الله وتيار عون.
ورأى الجميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «نتيجة إصرار الفريقين المذكورين على تعطيل عمل الحكومة بعد فرضهم الفراغ في سدة الرئاسية لأكثر من عام ونصف، أصبحت الحكومة الحالية بحكم المستقيلة باعتبارها لم تعد قادرة ومنذ فترة على اتخاذ أي قرار»، معربا عن أسفه لامتناع وزراء عون وحزب الله عن توقيع مرسوم ترقية الضباط، وهو «حق مقدس» لهم في العيد الـ70 للجيش.
وتابع الجميل: «نحن نمر بظروف استثنائية تفرض على الوزراء أن يقوموا بواجباتهم وبإجراءات استثنائية لتفعيل عمل المؤسسات، لكننا وللأسف نشهد على تمادٍ بجرنا إلى الفراغ القاتل». وأضاف «يخطئ تماما من يعتقد أن هذا الفراغ يجرنا إلى مؤتمر تأسيسي أو لتغيير النظام الحالي باعتبار أن أي إجراءات من هذا النوع تتطلب حدا أدنى من التوافق هو حاليا مفقود تماما حتى حول الأمور البسيطة، فكيف إذا كنا نتحدث هنا عن أمور وطنية كبرى؟».
وشدّد الجميل على أن «الممارسة والتقاليد في لبنان كلها تؤكد أن تطوير النظام يتم من خلال تطبيقه وتفعيله لنبحث وفي كنف النظام بكيفية التطوير، وليس من خلال الدفع باتجاه الفراغ الذي لن يؤدي إلى مكان إلا إدخالنا في غيبوبة مطلقة».
وتوالت يوم أمس المواقف المحلية والدولية الداعمة للمؤسسة العسكرية، فبينما رحّبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بـ«الدور الحيوي» الذي يلعبه الجيش في المحافظة على السلم والأمن في لبنان، بما في ذلك على كل حدوده وفي كل أنحاء البلاد على الرغم من التحديات المتعددة، ودعت لـ«تخطي الانقسامات السياسية والعمل على وضع مصلحة لبنان الوطنية واستقراره في المكان الأول»، أجرى رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة اتصالا هاتفيا بالعماد قهوجي للتهنئة بعيد الجيش، مشددا على «الدعم الكامل للجيش باعتباره درع الوطن، على أمل أن تأتي الأيام المقبلة وقد تجاوز لبنان المحنة الراهنة بانتخاب رئيس للجمهورية لكي يعود التوازن إلى مؤسسات الدولة».
بدوره، شدد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، إذ يعز علي أن يمر العيد السبعون للجيش من دون رئيس للجمهورية يقوم بتخريج دفعة جديدة من الضباط وترقيتهم ويرأس المجلس الأعلى للدفاع باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة»، داعيًا اللبنانيين إلى الوقوف صفًا واحدًا خلف مؤسسة الجيش في ظل الفراغ والشلل المؤسساتي الذي يعاني منه لبنان في الوقت الراهن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.