عودة ظاهرة «النينو» تهدد بمناخ عالمي أكثر سخونة

توقعات بتجاوز الحرارة العالمية عتبة الـ1.5 درجة مئوية

«النينو» تتسبب في الجفاف وارتفاع درجات الحرارة (غيتي)
«النينو» تتسبب في الجفاف وارتفاع درجات الحرارة (غيتي)
TT

عودة ظاهرة «النينو» تهدد بمناخ عالمي أكثر سخونة

«النينو» تتسبب في الجفاف وارتفاع درجات الحرارة (غيتي)
«النينو» تتسبب في الجفاف وارتفاع درجات الحرارة (غيتي)

تشير التنبؤات المبكرة إلى أن ظاهرة «النينو» المناخية، قد تعود في وقت لاحق من هذا العام، ما قد يمهد الطريق لدرجات الحرارة العالمية لتتجاوز في 2024، العتبة الحرجة لأول مرة (1.5 درجة مئوية).
ويتكون نظام «التذبذب الجنوبي لظاهرة النينو» من «النينو» و«لا نينا»، وهما حالتان متعارضتان من التقلبات في نظام مناخ الأرض، يمكن أن تكون لهما عواقب وخيمة على الطقس، وحرائق الغابات، والنظم البيئية، والاقتصادات في جميع أنحاء العالم.
والمعروف على نطاق واسع أن ظاهرة «النينو»، هي ارتفاع درجة حرارة سطح البحر، وتحدث كل بضع سنوات، ويتم الإعلان عنها، عندما ترتفع درجات حرارة البحر في شرق المحيط الهادئ الاستوائي «0.5» درجة مئوية فوق المتوسط طويل الأجل.
وتأتي توقعات عودة ظاهرة «النينو» بعد فترة متواصلة من ظاهرة «لا نينا»، وهو ما يعد بطقس شديد الحرارة، كما يقول آدم سكيف، رئيس قسم التنبؤ بعيد المدى في مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة.
وسُجِّلت السنوات الثماني الماضية بوصفها الأكثر دفئاً على الإطلاق، على الرغم من أن عام 2022، كان هو الثالث لاستمرار ظروف «لا نينا».
وبدأ عام 2016 الأكثر دفئاً على الإطلاق بظاهرة «النينو» القوية التي تسببت في رفع درجات الحرارة العالمية، واستمرت الظاهرة حتى عام 2019، ثم اختفت، لكن هناك مؤشرات على عودتها بنهاية العام الجاري، أو العام المقبل على أقصى تقدير، لتهدد بتجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض، مقارنة بالفترة ما قبل الثورة الصناعية.
ويقول آدم سكيف، رئيس قسم التنبؤ بعيد المدى في مكتب الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة في تقرير نشره السبت الموقع الإلكتروني لشبكة «سي إن بي سي»: «إذا لم تحدث بنهاية العام الجاري، أود القول إن فرص حدوثها تتراوح ما بين 60 في المائة إلى 70 في المائة في العام المقبل».
وأضاف: «إذا حصلنا على حدث (نينو كبير) فستزيد درجات الحرارة بشكل كبير، وقد يكون 2024، هو العام الأول الذي يشهد تجاوز عتبة فوق 1.5 درجة».
وحذر علماء المناخ البارزون في العالم العام الماضي من أن الكفاح من أجل إبقاء الاحتباس الحراري العالمي أقل من 1.5 درجة مئوية قد وصل إلى منطقة «الآن أو أبداً»، وقالت مراكز التنبؤ بالمناخ منذ ذلك الحين إن هناك فرصة (50 - 50)، لتجاوز 1.5 درجة مئوية في السنوات القادمة.
وعتبة 1.5 درجة مئوية هي الحد الطموح، الذي يجب عدم تجاوزه، للزيادة في درجة الحرارة العالمية المحددة في اتفاقية باريس التاريخية لعام 2015، وتم التعرف على أهميتها على نطاق واسع؛ لأن ما يسمى «نقاط التحول» تصبح أكثر احتمالاً للحدوث بعد هذا المستوى، ونقاط التحول هي العتبات التي يمكن أن تؤدي فيها التغيرات الصغيرة إلى تحولات جذرية في نظام دعم الحياة بالكامل على الأرض.
ومن جانبه، يقول مجدي علام، الأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب: «الأمر الخطير، لقد عانينا من درجات حرارة عالية جداً في السنوات الثلاث الماضية، بينما كان لدينا (لا نينا)، فلكم أن تتخيلوا الوضع مع وجود ظاهرة (النينو)».
ويوضح علام لـ«الشرق الأوسط»: «هذا يؤكد أهمية اتخاذ خطوات جدية لتخفيض درجة حرارة سطح الأرض، لأن مع هذه الزيادة التي تسببها تلك الظاهرة الطبيعية، سنكون مقبلين على سيناريو كارثي».
ويضيف علام: «شاهدنا حرائق في الغابات وجفافاً تاريخياً في بعض الدول، وكل ذلك يمكن ترجمته إلى خسائر اقتصادية ضخمة، وقد يضطر العالم لإنفاق المزيد عند اجتماع تأثيرات ظاهرة (النينو) على ارتفاع درجات الحرارة، مع تلك التي تسببها الأنشطة البشرية من ارتفاعات».



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».