فرنسا تسعى لتطبيع سريع لعلاقاتها مع إيران وتدعو روحاني لزيارتها

الاتفاق على إطلاق حوار سياسي على المستوى الوزاري.. وطهران ترحب بعودة «توتال» لتطوير حقولها النفطية

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تسعى لتطبيع سريع لعلاقاتها مع إيران وتدعو روحاني لزيارتها

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في طهران أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن باريس تريد استباق الآخرين في سرعة تطبيع علاقاتها مع طهران. وتمثل الدعوة الرسمية التي نقلها أمس وزير الخارجية لوران فابيوس من الرئيس فرنسوا هولاند إلى نظيره الإيراني حسن روحاني لزيارة فرنسا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مؤشر قوي على رغبة باريس في ألا تبقى على قارعة الطريق. وهذه الدعوة هي الأولى من نوعها التي يتلقاها روحاني من بلد غربي كبير منذ التوقيع على اتفاق فيينا الخاص بالبرنامج النووي لإيران في 14 يوليو (تموز). وسبق لهولاند أن التقى روحاني مرتين، إحداهما العام الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم تستبعد مصادر فرنسية سألتها «الشرق الأوسط» احتمال لقائهما مجددا في سبتمبر (أيلول) المقبل في نيويورك.
أتى هذا التطور في سياق ما تسعى إليه باريس، حيث أعلن فابيوس، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره محمد جواد ظريف، أن بلاده «عازمة على التعاون مع إيران في كل المجالات»، مضيفا أن زيارته «أنهت قطيعة طويلة بين البلدين» وتعكس رغبة فرنسا في «استئناف العلاقات الثنائية».
كان من الطبيعي أن يلاقي ظريف ضيفه الفرنسي في منتصف الطريق، وأن يثني على قبوله زيارة طهران، وأن يؤكد الرغبة في التعاون، بما في ذلك في المجال السياسي. واللافت للنظر أن الوزير الإيراني الذي كشف عن عزم باريس وطهران على «تطوير الحوار السياسي على المستوى الوزاري» تحاشى تماما الإشارة إلى المسائل الخلافية التي توجد هوة عريضة بين الجانبين؛ فقد أشار ظريف إلى أن البلدين «يستطيعان العمل بنجاح في قطاعي مكافحة التطرف (أي الإرهاب) وتهريب المخدرات والتعاون في مجال الحفاظ على البيئة» والعمل بشكل عام لصالح السلام والأمن. لكن الوزير الفرنسي أعاد وضع الأمور في نصابها؛ إذ رغم إشارته إلى أن إيران «قوة مؤثرة» وأنها «تتشارك مع فرنسا في «تمسكها بالسلام والاستقرار»، فإنه لم تفته الإشارة إلى وجود «خلافات بين الطرفين» خصوصا بشأن سوريا واليمن وإسرائيل. وكان باستطاعة الوزير الفرنسي أن يضيف لبنان وأمن واستقرار الخليج والبحرين... وفي ما يبدو أنه محاولة فرنسية للتخفيف من «وطأة» اتفاق فيينا والرد على انتقادات المحافظين في طهران ودعم موقف ظريف، قال فابيوس في المؤتمر الصحافي المشترك إنه «يمكن ألا يكون مقتصرا على طهران، وقد يشمل دولا أخرى في المنطقة» من غير تحديد المقصود بذلك. ومن نتائج زيارة فابيوس، على الصعيد السياسي، قرار الطرفين إيجاد «آلية» ثابتة للتشاور عبر المديرين العمومين لوزارتي خارجية البلدين التي يفترض بها أن «تكمل» الحوار السياسي على المستوى الوزاري. وشدد فابيوس على الحاجة للتنفيذ الأمين للالتزامات التي يتضمنها الإنفاق النووي؛ إذ إن العمل به حرفيا هو الذي سيقرر مصير التقارب بين مجموعة الست والبلدان الغربية الأربعة بالدرجة الأولى وطهران. ولم يتردد فابيوس في القول إن العقوبات سيعاد فرضها في حال لم تلتزم إيران بتعهداتها. ويعتبر الغربيون أن العقوبات وحدها هي التي دفعت إيران إلى قبول الاتفاق، وأنه يتعين أن تبقى سيفا مصلتا عليها لحملها على الالتزام بما وقعت عليه.
وفي السياق نفسه، اعتبر فابيوس أن إيران «دولة مؤثرة». وفي النظرة الفرنسية، يتعين على طهران أن تلعب دورا «إيجابيا» بصدد المسائل الساخنة في المنطقة. ولذا، فإن السؤال المطروح اليوم يمكن صياغته كالتالي: هل مسار الانفتاح والتطبيع مع إيران كان مرهونا فقط بالتوصل إلى اتفاق يمنع وصولها إلى السلاح النووي أم أنه مرتبط كذلك بأدائها في المسائل الإقليمية وبالدور الذي يمكن أن تلعبه في المنطقة؟
قبل وصوله إلى طهران، تعرض فابيوس لحملة شعواء من قبل الأطراف المحافظة الأكثر تشددا التي أخذت عليه موقفه المتصلب خلال المفاوضات النووية. كذلك أخذ على فرنسا موقفها الداعم للعراق في الحرب العراقية الإيرانية ومسؤولية الوزير الفرنسي في موضوع الدم الملوث، واستضافة باريس لمجاهدين خلق المناوئة بشدة للنظام الإيراني... وتجمع متظاهرون في أماكن عدة للاحتجاج على زيارة فابيوس، فيما نشرت مجموعات من شرطة مكافحة الشغب في وزارة الخارجية الإيرانية ومحيط السفارة الفرنسية لتلافي أي تجاوزات من شأنها التشويش على الزيارة.
ومجددا، اضطر فابيوس للدفاع عن موقف بلاده مؤكدا أنها «التزمت موقفا ثابتا، صلبا وبناء» على السواء، وأن الغرض من كل ذلك كان تلافي الوصل إلى اتفاق بخس، بل إلى اتفاق «قوي ولا جدل بشأنه»، وكذلك «منع انتشار السلاح النووي» الذي «ليس بمثابة لعبة».
أكثر من مرة، شدد الوزير الفرنسي على أن بلاده تريد فتح صفحة جديدة مع طهران يكون عنوانها «الاحترام وإعادة إطلاق العلاقات» الثنائية، وكل ذلك في إطار «المصلحة المشتركة». ولم يتردد فابيوس الذي لم يصطحبه أي وفد اقتصادي إلى طهران لإبقاء الزيارة في إطارها السياسي، وحتى لا تفسر على أنها سعي وراء العقود، في تأكيد أن بلاده «عازمة إذا ما قبلت إيران ذلك على أن تكون حاضرة في الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية». وأفاد الوزير بأن وفدا اقتصاديا فرنسيا سيصل إلى طهران في شهر سبتمبر المقبل.
في افتتاحيتها ليوم أمس، كتبت صحيفة «لو موند» المسائية واسعة النفوذ أن الرئيس هولاند الذي كان ضيف القمة الخليجية في الرياض في الخامس من مايو (أيار) الماضي، وقف صراحة إلى جانب الدول الخليجية في مواجهتها مع إيران. وبعد ذلك بأقل من ثلاثة أسابيع على توقيع اتفاق فيينا، يذهب الوزير فابيوس إلى إيران البلد الساعي إلى الانفتاح على العالم. ولكن تواجهه، وفق الصحيفة، عقبتان؛ الأولى، العلاقات المتميزة التي تقيمها فرنسا مع الدول الخليجية التي ذكرت منها السعودية وقطر، والتي ربما ستقف حائلا دون التقارب السريع بين باريس وطهران بسبب الخلافات العميقة المستحكمة بين الخليج وإيران (اليمن، سوريا، العراق...). والثانية، صعوبة تناسي العلاقات الماضي الدامي بين العاصمتين الذي لا يمكن أن يتناسى بسهولة منذ الثورة الإيرانية ووصول الخميني إلى السلطة في طهران و«الحرب بالواسطة» بين فرنسا وإيران في لبنان والعراق. وتضيف الصحيفة أن «التحديات» المطروحة على أوروبا وفرنسا ليست فقط تجارية بل إنها أيضا سياسية، ومن ذلك أنه يتعين على أوروبا أن تلعب دور الوسيط بين الرياض وطهران لنسج خيوط الحوار بينهما. وبالنسبة لفرنسا بالذات، يتعين عليها أن تظهر أن علاقاتها مع العالم العربي والخليجي لا تمنعها من أن تكون لها علاقات جيدة مع إيران.
هذه العلاقات بدأت بواكيرها بالظهور؛ إذ نقل عن وزير النفط الإيراني الذي اجتمع بالوزير فابيوس قوله إن طهران «ستبدأ فصلا جديدا من التعاون مع شركة النفط الفرنسية توتال لتطوير حقول النفط الإيرانية». وكانت توتال قد شاركت لعقدين من الزمن في تطوير حقول النفط الإيرانية، بيد أنها أوقفت نشاطاتها في إيران خوفا من العقوبات الأميركية وسحبت فرقها. وأشار بيجان نمدار زنقاه إلى أن شركات فرنسية أخرى ستشارك في تطوير قطاع البتروكيماويات. وبحسب الوزير فابيوس فإن المحادثات مع وزير النفط الإيراني كانت «إيجابية للغاية»، مضيفا أنه يتمنى أن تكون النتائج كذلك. ويعكس وضع توتال حالة الكثير من الشركات الفرنسية التي اضطرت للانسحاب من السوق الإيرانية، كذلك فإن المبادلات التجارية بين باريس وطهران تراجعت من 4 مليارات يورو قبل عشر سنوات إلى 500 مليون يورو في عام 2013. بالمقابل، فإن ألمانيا استطاعت أن تحافظ على مبادلات وصلت في العام المذكور إلى ضعف المبادلات مع فرنسا. والجدير بالذكر أن ألمانيا كانت الشريك الاقتصادي الأول لإيران قبل فرض العقوبات.
وكانت منظمة أرباب العمل التي سترسل وفدا كبيرا إلى طهران في سبتمبر المقبل قد أرسلت مجموعة «استكشافية» في شهر فبراير (شباط) الماضي لأنها رأت أن رجال الأعمال الأميركيين قد سبقوها إلى طهران. وبالإضافة إلى النفط والغاز، فإن فرنسا مهتمة بسوق السيارات حيث كانت الشركتان الفرنسيتان بيجو ورينو تحتلان مواقع متقدمة بالتشارك مع خودرو وسايبا الإيرانيتين. وتعد إيران أكبر مصنع للسيارات في الشرق الأوسط؛ إذ أنتجت حتى الآن ما لا يقل عن 1.6 مليون سيارة. وبحسب معلومات نشرتها صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، فإن «بيجو» قد وقعت اتفاقا أوليا مع شركة «خودرو» للعودة إلى إيران حالما ترفع العقوبات. وكذلك فإن «رينو» قد تقدمت كثيرا في اتصالاتها لاستعادة موقعها في السوق الإيرانية.



نائب وزير الخارجية الروسي: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
TT

نائب وزير الخارجية الروسي: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في مقابلة بثت يوم أمس (الثلاثاء)، إن روسيا نقلت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

وأضاف ريابكوف د لشبكة (إن.بي.سي نيوز): «هو آمن وهذا يظهر أن روسيا تتصرف كما هو مطلوب في مثل هذا الموقف الاستثنائي».

وعندما سئل عما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد للمحاكمة قال ريابكوف «روسيا ليست طرفا في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية».