الجيش يفكك عصابات المخدرات بشرق لبنان... وارتياح شعبي لـ«تثبيت الأمن»

توقيف 46 من «الرؤوس الكبيرة» وضبط عشرات الأطنان من الممنوعات

سيارات مسروقة وأسلحة وذخائر صادرها الجيش اللبناني خلال حملاته في منطقة البقاع (مديرية التوجيه في الجيش)
سيارات مسروقة وأسلحة وذخائر صادرها الجيش اللبناني خلال حملاته في منطقة البقاع (مديرية التوجيه في الجيش)
TT

الجيش يفكك عصابات المخدرات بشرق لبنان... وارتياح شعبي لـ«تثبيت الأمن»

سيارات مسروقة وأسلحة وذخائر صادرها الجيش اللبناني خلال حملاته في منطقة البقاع (مديرية التوجيه في الجيش)
سيارات مسروقة وأسلحة وذخائر صادرها الجيش اللبناني خلال حملاته في منطقة البقاع (مديرية التوجيه في الجيش)

تشكل الحملة الأمنية التي كثفها الجيش اللبناني في البقاع في شرق لبنان منذ أسبوعين، جزءاً من مسار طويل بدأه مطلع العام الماضي؛ لتفكيك شبكات الاتجار بالمخدرات وتصنيعها وتهريبها، إلى جانب ملاحقة مهربي البشر عبر الحدود اللبنانية - السورية، وتوقيف المتهمين في جرائم أخرى مثل الخطف والسرقة وغيرها.
في البقاع، يتحدث السكان عن ارتياح لإجراءات الجيش التي «قوّضت إلى حد كبير نشاط العصابات والخارجين عن القانون»، حيث «تراجع حضورهم، ويتوارون عن الأنظار» وسط استنفار دائم للجيش، كما قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط». «لا يشعرون بأمان»، يقول مصدر في بعلبك واصفاً حال المطلوبين الذين يتخفّون من الملاحقة المستمرة، ما دفعهم للجوء إلى قرى سورية حدودية يقطنها لبنانيون في ريف القصير، فيما تنفذ وحدات الجيش ومديرية المخابرات كمائن ومداهمات متواصلة، كان أبرزها في الأسبوع الماضي، حيث أسفرت عن مقتل 3 عسكريين في تبادل لإطلاق النار مع مطلوبين، وتوقيف 12 مطلوباً ومتهماً بإطلاق النار على وحدات الجيش.
- عصابات ورؤوس كبيرة
منذ مطلع العام الماضي، تجري الملاحقات بوتيرة مكثفة، كما تقول مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن عدد الموقوفين البارزين من عصابات الاتجار بالمخدرات وتصنيعها وتهريبها وتوزيعها في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل في شرق البلاد، بلغ 25 موقوفاً لبنانياً و21 موقوفاً سورياً منذ مطلع 2022 وحتى الأسبوع الماضي. وتشير المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المضبوطات شملت أصنافاً متعددة من المخدرات والحبوب المخدرة، بينها نحو 560 كيلوغراماً من حبوب الكبتاغون المخدرة، إلى جانب مليون و400 ألف حبة مخدرة. أما حشيشة الكيف، فقد فاقت المضبوطات 10 أطنان، فضلاً عن 45 طناً من الماريغوانا، و200 كيلوغرام من مادة السيلفا المخدرة، إلى جانب مضبوطات أخرى من الكوكايين و«باز» الكوكايين، وبذور القنب الهندي، وغيرها من المواد والحبوب المخدرة.
وتقول المصادر المحلية إن ملاحقات الجيش استهدفت «الرؤوس الكبيرة» من تجار المخدرات والمطلوبين في مداهمات يومية وأسبوعية تنفذها غالباً القوة الضاربة في الجيش التي تؤازر قوة المخابرات، بمؤازرة بعض الوحدات العسكرية التابعة للألوية. وأدت المداهمات إلى تفكيك وتشتيت وهرب بعض رؤوس تلك الشبكات إلى القرى السورية التي يسكنها لبنانيون، لافتة إلى أن الإجراءات لم تستثنِ حتى العاملين في مضافات التعاطي أو المساعدين العاملين في حقل الاتجار والترويج. ولا تنفي أن هناك قتلى بين كبار تجار المخدرات في منطقة بعلبك الهرمل والبقاعين الأوسط والغربي، سقطوا في تبادل لإطلاق النار أثناء المداهمات.
وغالباً ما ينهي الجيش مهمته بهدم وإزالة مضافات التعاطي، وبحرق محتوياتها؛ بهدف قطع الطريق على استخدام هذه المضافات مجدداً، من بينها هدم المضافات في حيي الشراونة الجنوبي والشمالي وفي حورتعلا.
وبموازاة التراجع الكبير في تجارة المخدرات، اختفت عمليات تصنيع المخدرات بسبب فقدان بعض مواد تصنيع حبوب الكبتاغون نتيجة الملاحقة ومصادرة هذه المواد بوضع ضوابط ومراقبة الاستيراد.
- قرار عسكري وسياسي
ويقول السكان إن حملة المداهمات المكثفة «وجدت طريقاً للتنفيذ بقرار سياسي وعسكري، مع رفع الغطاء الحزبي منذ العام الماضي، وبدأت هذه الحملات تأخذ الطابع الجدي من دون تساهل»، بدليل إتلاف المساحات المزروعة بالمخدرات في شرقي بلدة حورتعلا، وتفكيك مصانع الكبتاغون في 6 بلدات على الأقل.
وتذكّر مصادر أمنية في البقاع بأن الجيش اللبناني تمكن في وقت سابق بالتعاون مع فوج الحدود البري، من توقيف 3 شحنات من الكبتاغون وحشيشة الكيف كانت مجهزة للتهريب في طريقها إلى سوريا عبر جرود بلدات نحلة وعرسال وبريتال على السلسلة الشرقية، تمهيداً لتهريبها إلى بعض الدول العربية.
- تثبيت الأمن
منذ سنوات، طبع بعض الأفراد من الخارجين عن القانون، المنطقة بصورة أمنية مختلفة، حيث يتم تصوير البقاع الشمالي بأنه يقع رهينة لتلك العصابات، وملاذاً للملاحقين والمطلوبين الذين صدرت بحقهم عشرات مذكرات البحث والتحري. وانعكست تلك الصورة على النشاط الاقتصادي والسياحي في المنطقة المعروفة بفقر سكانها، وعانت خلال السنوات الماضية من تداعيات الأزمة السورية الأمنية.
من هذا المنطلق، تستهدف الإجراءات تثبيت الأمن في المنطقة، فقد شملت المداهمات متورطين بعمليات السرقة والخطف مقابل فدية، كما عملت وحدات الجيش على تفكيك كاميرات من أسطح الأبنية المرتفعة في الشوارع والطرقات الرئيسية الموزعة والمثبتة في الأحياء لمراقبة تحركات الجيش.
ويشيد سكان مدينة بعلبك بالإجراءات التي لا تقتصر على ملاحقة تجار المخدرات، بل تشمل ملاحقة عصابات الخطف والتهريب. وقال مصدر محلي إن «ما يقوم به الجيش هو إعادة الأمان للمنطقة وفرض الأمن فيها».
- مكافحة تهريب البشر
ويساهم الانتشار المكثف لوحدات الجيش، والعمليات المستمرة، في مكافحة أي نشاط غير قانوني في المنطقة الحدودية مع سوريا، وفي مقدمها تهريب البضائع والأشخاص؛ إذ تكافح وحدات الجيش حملات تهريب الأشخاص عبر الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا، حيث يدخل المئات من العائلات السورية القادمين من إدلب ودير الزور والرقة باتجاه الأراضي اللبنانية.
ويعمل الجيش على توقيفهم من خلال كمائن وحواجز ظرفية يقيمها في مناطق الهرمل، وسهل اللبوة والبقاع الشمالي، ويوقف رؤوس العصابات من المهربين اللبنانيين والسوريين الذين يتقاضون بدلاً مادياً ما بين 300 و500 دولار عن كل شخص يقومون بتهريبه إلى الداخل اللبناني.
أوقف الجيش اللبناني المئات من السوريين الذين يدخلون بمعدل ما بين 40 إلى 50 شخصاً يومياً، ويعمل على إعادتهم إلى سوريا، وتسليم قسم منهم للأمن العام اللبناني، وفق القدرة الاستيعابية للجهاز الذي يقوم بترحيلهم بعد إخضاعهم لعمليات التحقيق.
وأكد مصدر أمني في البقاع لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني تمكن خلال الأسابيع الماضية من توقيف 70 من كبار مهربي الأشخاص، وعمل على مصادرة آلياتهم وسياراتهم التي ضبطت في عمليات التهريب في سهل الهرمل والبقاع الشمالي. وغالباً ما يحاول السوريون النفاذ عبر لبنان للالتحاق بمهربي البشر باتجاه بعض الدول الأوروبية من خلال رحلات بحرية منظمة. وتمكن الجيش اللبناني بالتعاون مع الأمن العام من إعادة أكثر من 600 في العام الماضي إلى سوريا.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.