ظريف يدعو من بغداد إلى فتح صفحة جديدة مع دول المنطقة

قدم تقريرًا للسيستاني عن سير المفاوضات النووية

المرجع الشيعي بشير النجفي لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في النجف أمس (رويترز)
المرجع الشيعي بشير النجفي لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في النجف أمس (رويترز)
TT

ظريف يدعو من بغداد إلى فتح صفحة جديدة مع دول المنطقة

المرجع الشيعي بشير النجفي لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في النجف أمس (رويترز)
المرجع الشيعي بشير النجفي لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في النجف أمس (رويترز)

دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى فتح صفحة جديدة مع جميع دول المنطقة واصفا الملف النووي الذي وقعته بلاده مع الولايات المتحدة الأميركية بأنه «عالج مشكلة مصطعنة». وقال ظريف خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري في بغداد أمس إن «إيران تبعث برسالة سلام لكل دول المنطقة، بعد الاتفاق النووي الأخير مع الغرب»، داعيًا «الجميع إلى عدم الخوف من ذلك الاتفاق».
وأضاف ظريف: «جئت إلى العراق لكي أؤكد أن إيران تقف إلى جانب الشعب والحكومة العراقية في حربها ضد الإرهاب»، داعيًا إلى «تبني حوار جديد يقوم على أساس الأخوة والمودة لمكافحة التطرف والإرهاب بشكل جدي». وأوضح أنه «لا بد من تبني الحوار لإزالة سوء الفهم»، مشددًا على ضرورة «عدم السماح لجماعة تقوم باسم الإسلام بعملياتها الإجرامية».
من جهته، أكد وزير الخارجية العراقي خلال المؤتمر أن «العراق يرفع رأسه فخرًا بأنه يقاتل (داعش) أصالة عن شعبنا وحرائرنا وسيادتنا، ونيابة عن سيادة وشرف وحرائر العالم كله»، مؤكدًا تطلعه «لليوم الذي ينتصر فيه الحق والخير والأسرة الدولية على (داعش)». وجدد الجعفري «ترحيب العراق بإنجاز الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية»، مشيرًا إلى أن «إيران أثبتت بحكمة قيادتها أنها قادرة على تجاوز أزمة ربما كانت صعبة لكنها ليست مستحيلة».
وكان ظريف بدأ زيارة إلى العراق مساء أول من أمس من مدينة النجف حيث التقى مراجع النجف الكبار وفي مقدمتهم المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني. وقال ظريف في مؤتمر صحافي عقده في مدينة النجف عقب لقائه السيستاني إنه قدم للمرجع «تقريرًا عامًا بشأن سير المحادثات النووية والقضايا الإقليمية وكذلك القضايا الإقليمية التي تواجه المنطقة»، مبينًا أن «السيستاني أكد على ضرورة عمل منسق لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم». وتابع ظريف أن «التطرف والطائفية خطر يهدد الجميع وهناك حاجة ملحة للتنسيق بين دول المنطقة للتكاتف ومواجهة هذا الخطر والتحدي الكبير، ونحن في هذا المجال نعول على دور المرجعية العليا وهو دور بارز وبناء جدا».
من جهته، أكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي وعضو كتلة المواطن البرلمانية صلاح العرباوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة ظريف إلى العراق في هذا الوقت بالذات، لا سيما بعد التوقيع على الاتفاق النووي، تكتسب أهمية كبيرة كون أن العراق يرتبط بعلاقات جيدة مع إيران كما أن الحكومة والقيادات العراقية كانت داعمة بقوة للتوصل إلى اتفاق مع الغرب وبالتالي فإنه لا بد من إطلاع الجانب العراقي على جوانب هذا الاتفاق نظرا لكونه يهم المنطقة كلها والعراق جزء من هذه المنطقة إذ إن إيران على ما يبدو حريصة بعد هذا الاتفاق على تأكيد انفتاحها على جميع دول الإقليم». وأضاف العرباوي أن «هناك مشتركات كثيرة بيننا وبين إيران لعل أهمها المشتركات السياسية والثقافية والاقتصادية وهو ما يتطلب استمرار الحوار بين البلدين إذ إننا نرى أن المشتركات الإيجابية هي الغالبة يضاف إلى ذلك أن أي تقارب عراقي - إيراني من شأنه أن ينعكس إيجابا على المنطقة ومحاربة عصابات (داعش)».
وتأتي زيارة ظريف إلى العراق في إطار جولة إقليمية له بهدف شرح أبعاد الاتفاق النووي الإيراني الذي توصلت إليه إيران مع القوى الكبرى الست في 14 يوليو (تموز) 2015 والذي سيؤدي إلى تخفيف العقوبات على طهران مقابل كبح برنامجها النووي، ومن المتوقع أن يسمح الاتفاق بزيادة صادرات إيران النفطية بشكل كبير.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».