صعود الصقور في روسيا: بريغوجين وميدفيديف وسيمونيان

الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ف.ب)
TT

صعود الصقور في روسيا: بريغوجين وميدفيديف وسيمونيان

الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ف.ب)

أحدهم يتوعد أوروبا كل يوم بالزوال. والثاني يتحدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مبارزة جوية. والثالثة تؤكد أن موسكو تواجه «أكلة لحوم البشر» في أوكرانيا.
بعدما كانت مثل هذه الخطابات مهمشة في السابق، باتت اليوم تتكرر بانتظام في روسيا حيث دفع الهجوم في أوكرانيا قارعي طبول الحرب والمتشددين أو المنضمين حديثاً إلى الركب إلى صدارة المشهد السياسي والإعلامي. فيما يلي ثلاث شخصيات تدلل على هذا التوجه إلى تصاعد دور الصقور.

بريغوجين... أمير الحرب
كان رئيس مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية يفغيني بريغوجين يحرص فيما مضى على البقاء في الظل، قبل أن يصير أحد أشهر وجوه الحرب، وجعل من مرتزقته قوة قتالية، يؤكد أنّها أكثر فاعلية من الجيش الذي يكيل له الانتقادات. وبات رجل الأعمال البالغ من العمر 61 عاماً، الذي جمع ثروته في قطاع المطاعم، يطرح نفسه حالياً بصفته قائداً حربياً، حتى أنه تحدى في أوائل فبراير (شباط) زيلينسكي إلى مبارزة جوية لحسم مصير مدينة باخموت في شرق أوكرانيا.
قال الرجل المربوع القامة الحليق الرأس متوجهاً إلى الرئيس الأوكراني من قمرة قيادة قاذفة روسية من طراز «سوخوي Su - 24»: «إذا أردت، نلتقي في السماء. إذا سيطرت طائرتك، تستعيد باخموت التي تهاجمها القوات الروسية». قام بريغوجين المولود في سانت بطرسبرغ حيث بدأ حياته في بيع النقانق، بتجنيد آلاف السجناء للقتال في أوكرانيا، مقابل حصولهم على العفو.

على عكس الجنرالات الروس المعروفين بأنهم بعيدون عن الميدان ولا يكترثون لرفاهية قواتهم، ينخرط بريغوجين مع رجاله ويوزع عليهم الأوسمة ويمازحهم.
«لا تفرطوا في الشرب ولا تتعاطوا المخدرات ولا تغتصبوا أحداً»، هذا ما قاله هذا المدان السابق لمجموعة من السجناء فيما يشبه عملية إعادة تأهيل اجتماعي مقتضبة عند العفو عنهم. ولا يتوانى عن إظهار وحشية، فعندما انتشر مقطع فيديو يظهر إعدام أحد الفارين بمطرقة ثقيلة، أشاد بريغوجين بقتل الرجل الذي نعته بأنه «كلب».
ولكن حضوره المتزايد وانتقاداته للجيش تثير استياء في موسكو. وبرز التوتر الشهر الماضي عندما أعلن بريغوجين وهيئة الأركان بشكل منفصل السيطرة على سوليدار بالقرب من باخموت. وهاجم حينها: «أولئك الذين يسعون باستمرار لسرقة انتصاراتنا».

ميدفيديف... معتنق التشدد حديثاً
أثارت الحرب في أوكرانيا تحولاً كبيراً في موقف الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف. وبعدما كان فيما مضى شخصية ليبرالية إلى حد ما في عالم بوتين، بات اليوم من كبار مؤيدي الأسلوب المتشدد في الحكم.
لا يمر أسبوع من دون أن ينشر ميدفيديف البالغ من العمر 57 عاماً، الذي يحتل حالياً المرتبة الثانية في مجلس الأمن، رسائل لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
حذر في يناير (كانون الثاني) قبل اجتماع لحلفاء أوكرانيا في ألمانيا من أن «هزيمة قوة نووية في حرب تقليدية يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية».

وبعدما تناول البرغر في عام 2010 مع نظيره الأميركي في ذلك الحين باراك أوباما، يطلق اليوم على جو بايدن لقب «الجد الخرفان»، ويصف القادة الغربيين بأنهم «معاتيه».
هل هي قطيعة صادقة مع ماضيه أم انتهازية سياسي أجبر على تبديل نهجه وسط موجة قومية؟ على أي حال، فإن تحوله يشير إلى المنعطف الذي اتخذته روسيا منذ عام.
يقول ميدفيديف إن موسكو تقاتل في أوكرانيا «عصابة من النازيين المجانين المدمنين على المخدرات». وكتب في يونيو (حزيران): «غالباً ما يسألني الناس عن سبب نشري مثل هذه الرسائل القاسية. الإجابة هي: أنا أكرههم. إنهم أوغاد ومنحطون. يريدون لنا الموت. يريدون زوال روسيا. وما دمت أنا على قيد الحياة، سأفعل كل ما بوسعي لمحوهم عن وجه الأرض».

سيمونيان... بطلة الدعاية
صارت رئيسة تحرير شبكة «آر تي» (RT) التلفزيونية مارغريتا سيمونيان، أحد وجوه الحرب الدعائية التي تخوضها موسكو في مجال الإعلام، بالتوازي مع الهجوم في أوكرانيا. وتظهر المرأة البالغة من العمر 42 عاماً بانتظام في البرامج التلفزيونية المسائية حيث تلقي خطابات وطنية حادة لتحفيز مواطنيها أو تهديد الخصوم. قالت في مايو (أيار) 2022: «إما أن ننتصر أو ينتهي كل هذا على نحو سيء للبشرية جمعاء»، ملوّحة هي أيضاً بمخاطر حدوث كارثة نووية.

طالت الحرب والعقوبات الغربية التي أعقبتها على موسكو، بشكل مباشر سيمونيان مع حظر فروع شبكة «آر تي» في معظم الدول الغربية. لكن هذا لم يكن كافياً لثنيها فأعلنت: «في كل مرة منعونا، وجدنا (طرقًا) أخرى لمواصلة البث... وإيصال رسالتنا». وهي تحث السلطات الروسية على حظر الشبكات الاجتماعية الأجنبية بقولها: «منذ عشر سنوات، أكرر شيئاً واحداً: يجب إغلاقها جميعاً، وحظرها جميعاً وإحلال شبكاتنا محلها». مكافأة على جهودها، منحها فلاديمير بوتين وسام الشرف في ديسمبر (كانون الأول). وخلال الحفل، شكرت الرئيس الروسي على «قتل أكلة لحوم البشر» في أوكرانيا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.