بعد أيام على تعرض تركيا لأسوأ كارثة في أجيال، يحمل المواطن هاكان تانرفيردي رسالة بسيطة للرئيس رجب طيب إردوغان مفادها: «لا تأتوا إلى هنا طالبين الأصوات الانتخابية».
والزلزال الذي أودى بأكثر من 21700 شخص في تركيا وسوريا، ضرب في أكثر الفترات السياسية حساسية بالنسبة لإردوغان في حكمه المستمر منذ عقدين، فقد عرض الزعيم التركي إجراء انتخابات في 14 مايو (أيار)، من شأنها إبقاء حكومته، في السلطة حتى 2028.
ولا يعطي هذا التاريخ المعارضة المشرذمة متسعاً من الوقت لتسوية الخلافات فيما بينها، والاتفاق على مرشح رئاسي. ولم يُعرف بعد ما إذا كان ذلك الاقتراع سيمضي قدماً كما هو مخطط أم لا.
وأعلن إردوغان حالة طوارئ مدتها 3 أشهر في 10 محافظات منكوبة. ولا يزال أهالي تلك المناطق ينتشلون ضحاياهم من تحت الأنقاض، وعديد منهم يفترشون الشوارع أو يبيتون في سياراتهم.
ويبدو من المستبعد القيام بحملة انتخابية في تلك المناطق، لكن هناك بعداً سياسياً بالغ الخصوصية بالنسبة لإردوغان.
ووقع الزلزال في وقت كان إردوغان يحقق فيه زخماً، وبدأت أرقام شعبيته بالارتفاع بعد تراجعها على وقع أزمة اقتصادية خانقة تفجرت العام الماضي.
والمرارة التي يشعر بها تانرفيردي مؤشر سيئ بالنسبة لإردوغان في محافظة سدد فيها ضربة لخصمه المعارض في الانتخابات السابقة في 2018.
وعن استجابة الحكومة للزلزال، قال تانرفيردي: «يؤلمنا جداً أنه لم يدعمنا أحد».
وتتردد شكاوى تانرفيردي في أديامان، إحدى المحافظات الأكثر تضرراً بالزلزال، فالأهالي يشكون من أن فرق الإنقاذ لم تصل في الوقت المناسب لسحب أشخاص نجوا في الساعات الأولى الحاسمة بعد وقوع الزلزال، ويشير البعض إلى نقص الآليات الضرورية لحفر الألواح الإسمنتية.
وقال أحد المواطنين، محمد يلدرم، «لم أرَ أحداً حتى الساعة الثانية بعد ظهر اليوم الثاني للزلزال». وأضاف: «لا حكومة، لا دولة، لا شرطة، لا جنود. عار عليكم! تركتمونا لمصيرنا».
وأقر إردوغان، الأربعاء، بوجود «ثغرات» في تعاطي الحكومة مع الكارثة، لكنه قاوم أيضاً. فقد أشرف الرئيس البالغ 68 عاماً، على اجتماع مخصص لجهود الإنقاذ في أنقرة الثلاثاء، وأمضى اليومين التاليين متفقداً عدداً من المدن المنكوبة.
وأثار ذلك استياء هدية كلكان، المتطوعة التي قطعت نحو 150 كيلومتراً؛ للانضمام إلى جهود الإغاثة والإنقاذ في أديامان. وتساءلت: «لماذا لا تظهر الدولة نفسها في يوم كهذا؟»، مضيفة: «الناس يخرجون جثث أقاربهم بإمكانياتهم».
وأي جهود إنقاذ يمكن أن تتعقد بسبب توقيت وحجم الكارثة التي طالت مناطق واسعة ونائية، وضربت في عز عاصفة شتوية.
وحظي إردوغان باستقبال حار من الأهالي، خلال زيارات تم الترتيب لها بعناية وبثت على التلفزيون العام.
وتقدمت مسنة لمعانقة إردوغان، وذرفت الدموع على كتفه.
وقد لا يفعل فيسل غولتكين الشيء نفسه إذا سنحت له فرصة مقابلة الرئيس التركي وجهاً لوجه.
وقال غولتكين إنه شاهد قدمي أحد أقاربه عالقتين تحت الأنقاض بعدما هرع ركضاً إلى الشارع عقب الزلزال الذي ضرب قبيل فجر الاثنين. وأضاف: «لو كان معي مثقاب بسيط لتمكنت من سحبه حياً».
وتابع: «لكنه كان عالقاً تماماً، وبعد هزة ارتدادية قوية، فارق الحياة».
وشاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» مزيداً من المعدات وعمال الإغاثة، من بينهم فرق دولية، في محيط مبانٍ منهارة، الخميس.
لكن ذلك لم يكن كافياً لتخفيف ألم تانرفيردي.
وقال: «الناس الذين لم يموتوا من جراء الزلزال تُركوا ليموتوا في البرد»، مضيفاً: «أليس ترك الناس ليموتوا بهذا الشكل إثماً؟».