ماذا يعني انكماش نشاط القطاع الخاص المصري؟

تقرير دولي رصد تراجعه على مدى 26 شهراً بسبب التضخم

مصطفى مدبولي خلال متابعة الإفراج عن السلع في ميناء الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال متابعة الإفراج عن السلع في ميناء الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
TT

ماذا يعني انكماش نشاط القطاع الخاص المصري؟

مصطفى مدبولي خلال متابعة الإفراج عن السلع في ميناء الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال متابعة الإفراج عن السلع في ميناء الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)

أظهر مسح لمؤسسة اقتصادية دولية «انكماشاً في نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر للشهر السادس والعشرين على التوالي»، «مع تأثر الأعمال سلباً بارتفاع التضخم والنقص المستمر في العملات الأجنبية».
وأوضح مؤشر مديري المشتريات لمصر الصادر عن مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال» (الأحد) تسجيل 45.5 نقطة في يناير (كانون الثاني) في العام الحالي، ليتراجع المؤشر من 47.2 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو ما عدّه التقرير «أقل بكثير من المستوى المحايد عند 50 نقطة الذي يشير إلى نمو النشاط الاقتصادي».
وأوضح المؤشر أن الاقتصاد المصري غير النفطي (عانى من انكماش «حاد» في ظروف التشغيل في يناير الماضي، إذ أدى انخفاض الجنيه إلى تسارع كبير في ضغط الأسعار، مشيراً إلى «مواجهة بعض الشركات لـ(ضوابط الاستيراد)»، لافتاً إلى أن «تلك (الضوابط) أدت لمزيد من النقص في الإمدادات، ما عاق النشاط، وأسهم في الارتفاع المستمر في الأعمال المتراكمة»، بحسب الشركات المشاركة في المسح.
ونقل تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء عن بعض محللي «ستاندرد آند بورز غلوبال» قولهم إن هذا التراجع «يرجع إلى نقص الدولار الذي زاد بشكل كبير من التحديات الاقتصادية التي واجهت مصر في 2022، ومن المرجح أن يظل مشكلة كبيرة هذا العام».
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت في نهاية الشهر الماضي أنها «أفرجت عن بضائع بقيمة 8.5 مليار دولار». وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات إعلامية الشهر الماضي، خلال متابعة ميدانية لعمليات الإفراج عن السلع بالموانئ المصرية، إن «الحكومة تعمل للإسراع من عمليات الإفراج عن السلع والبضائع في الموانئ المختلفة، مع التأكد من عملية سير منظومة الشحن المسبق بشكل (فعال) يسهم في الإسراع وتسهيل إجراءات الإفراج».
من جانبه أشار الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إلى أن «مؤشر مديري المشتريات يُعدُّ من المؤشرات الاقتصادية الهامة، نظراً لأنه يقدم نظرة عامة عن حالة الاقتصاد للدولة في القطاعات الصناعية والخدمية، كما أنه يُعبّر بشكل خاص عن ظروف التشغيل والعمل داخل الدولة (القطاع الخاص غير النفطي)»، لافتاً إلى أن المؤشر «يوفر ملخصاً لظروف السوق، ويجيب عن تساؤلات هامة: هل وضع السوق كما هو؟ أم يتوسع؟ أم يتقلص؟».
وأوضح شوقي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كانت النتائج عند أعلى من 50 نقطة، فإن ذلك يدل على نمو في القطاع الخاص غير النفطي، أما إذا كانت عند 50 نقطة فدلالة ذلك أنه لا توجد تغيرات في ظروف قطاع الإنتاج غير النفطي»، مشيراً إلى أن الانخفاض عن 50 نقطة يعني «تراجعاً وانكماشاً»، أي «يدل على الدخول في حالة (ركود) ناتجة عن انكماش في ظروف التشغيل في يناير، حيث أدى انخفاض الجنيه إلى تسارع كبير في ضغط الأسعار».
وأضاف شوقي أن «تذبذب سعر الصرف يؤثر على مؤشر مديري المشتريات، لكنه أحد الأسباب المؤثرة في الانخفاض وليس السبب الرئيسي». ولفت إلى أن «الانكماش في نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر دخل شهره السادس والعشرين على التوالي»، وهو ما يؤكد أن «هناك أسباباً أعمق من مجرد تذبذب سعر الصرف»، من بينها «زيادة تكاليف الشراء، ما أدى إلى ارتفاع قوي وسريع في النفقات الإجمالية، وارتفاع نسبة التضخم في مصر، حيث بلغت وفقاً للبنك المركزي المصري 24.4 في المائة على أساس سنوي بنهاية ديسمبر 2022، حيث تؤدي ضغوط التضخم المتزايدة والتأثير على الطلب إلى (انكماش) في الإنتاج عبر القطاع غير النفطي».
وفيما يخص تأثير تقرير مؤشر مديري المشتريات في القرارات الاقتصادية، أوضح الخبير الاقتصادي أن «الشركات تستخدم هذه البيانات والمعلومات التي يوفرها مؤشر مديري المشتريات في التنبؤ بالتدفقات النقدية والتخطيط لمستويات التوظيف والميزانية السنوية لها، وبالتالي في ظل الانخفاض فإن ذلك سيحد من أي فرص للتوسعات المستقبلية لهم، بجانب اتخاذ قرار الانكماش».
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، قد أفاد الشهر الماضي بأن «التضخم الأساسي في مصر قفز إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند 21.3 في المائة، في ديسمبر الماضي».
وانخفض سعر صرف الجنيه المصري بنحو 50 في المائة، منذ مارس (آذار) من العام الماضي، كما أبرمت مصر اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي على حزمة تمويلية جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في ديسمبر الماضي.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

راهن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وعي المصريين وتكاتفهم باعتبار ذلك «الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات». وشدد، خلال لقائه، مساء الأحد، قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على أن امتلاك بلاده «القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب».

وقال السيسي، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن «الدولة تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استناداً لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دولها».

وأضاف أن «الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة»، مشيراً إلى «استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب».

جانب من اجتماع السيسي مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

اجتماع الرئيس المصري مع قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، حضره رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي عبد المجيد صقر، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس أركان القوات المسلحة أحمد خليفة، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد.

وقال متحدث الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري»، فضلاً عن «استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث».

وشدد الرئيس المصري على «ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها»، مؤكداً «أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن، إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات»، بحسب الشناوي.

وفي سياق متصل، عقد الرئيس المصري اجتماعاً، الأحد، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، تناول «تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل»، بحسب متحدث الرئاسة المصرية.

الرئيس المصري خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين والصحافيين (الرئاسة المصرية)

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى «الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود»، وفق المتحدث الرئاسي.

وأكد السيسي خلال اللقاء «قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية»، مشدداً على أن «تماسك المصريين ووحدتهم العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة».

وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده «مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية». وقال: «نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى «حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة».

وأكد السيسي أن «الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «هناك بعض السلبيات التي نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصيّة أمام أي معتدٍ».