طالع ليبيون باستغراب شديد خبر استضافة القائم بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس، ليزلي أوردمان، آمر الكتيبة (55) معمر الضاوي، أحد قادة التشكيلات المسلحة البارزة بالمنطقة الغربية، والمتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المهاجرين غير الشرعيين، وفقاً لمنظمات حقوقية ليبية؛ وهو ما أثار تساؤلات كثيرة عن مغزى وأهداف هذا اللقاء.
بداية، يرى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن هدف لقاءات المسؤولين الأميركيين بتلك الشخصيات، والتي تعددت بين ما هو معلن وسري خلال الفترة الأخيرة «يتمثل في تحذيرهم من مغبة القيام بأي محاولة لعرقلة ما قد تقترحه واشنطن من خطط بمسار الأزمة الليبية».
وقال التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن واشنطن «عازمة على إيجاد حكومة موحدة، تحظى ظاهرياً برضا أغلبية الليبيين، ويتم الاعتراف بها دولياً؛ كي تطالب عبر الأمم المتحدة بإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وفي مقدمتهم بالطبع عناصر شركة (فاغنر) الروسية».
أما وكيل وزارة الخارجية الأسبق، حسن الصغير، فرأى أن واشنطن «لن تتردد في التعاطي مع أي آلية تؤدي إلى إخراج عناصر (فاغنر) من ليبيا والقارة الأفريقية، بما في ذلك إمكانية إيجاد تنسيق، أو تكوين قوة مشتركة بين القوى المسلحة في عموم ليبيا، إضافة إلى المضي قدماً بمسار تشكيل حكومة منتخبة تطالب بإخراج عناصر (فاغنر)» من البلاد.
وأشار الصغير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن واشنطن «تركز حالياً على العراقيل التي تواجه العملية السياسية، وتحديداً إيجاد القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات»، مشدداً على أنها ستحافظ على هذا الهدف «حتى لو تطلب ذلك توجيه تحذير مباشر للدول الراعية، وللمحركة الميليشيات إذا ما قامت هذه الأخيرة بتعطيل عملها».
مبرزاً أن «أحد أهداف زيارة مدير جهاز الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، للعاصمة الليبية مؤخراً كان هو «تحذير الدبيبة من مغبة القيام بأي عمل يجدد الصراع العسكري، خاصة بالقرب من منابع النفط». ولم يبتعد المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، عن الآراء السابقة، حيث رجح أن «يكون نجاح (فاغنر) في توسيع وجودهم بأكثر من دولة أفريقية «دفع واشنطن وحلفاءها إلى تغيير سياساتهم بالقارة السمراء في محاولة لعزل تلك العناصر». وقال المهدوي لـ«الشرق الأوسط»، إن واشنطن «باتت لا تستبعد في خططها أي فرضية يمكن أن تقود لتوسيع نفوذ (فاغنر) في ليبيا، بما في ذلك إجراء تفاهمات مع التشكيلات المسلحة بعموم البلاد، رغم أن (فاغنر) تعمل بشكل منفرد، وبالتالي جاءت اللقاءات مع الشخصيات العسكرية والميليشياوية الليبية للتحذير من حدوث مثل هذه التفاهمات». وذهب إلى أن هذه اللقاءات تستهدف «التعرف على آخر المستجدات بشأن قنوات التواصل، التي دشنت مؤخراً بشكل غير مباشر بين الجيش الوطني، وبعض التشكيلات المتواجدة بالمنطقة الغربية».
من جهته، أشار الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أحمد عليبة، إلى أنه بعد لقاء قائد القوات الجوية الأميركية في أفريقيا، الجنرال جون دي لامونتاني، بالمشير حفتر، انتشرت تسريبات حول وجود خطة أميركية لترتيبات أمنية بين القوى المسلحة في شرق البلاد وغربها. وقال عليبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطة «تتركز على استيعاب الجيش الوطني بعض الفصائل في الغرب، ولكن ليس بشكل مؤسسي كما كان يطرح سابقاً، بل بشكل صفقة مصالح». ورأى، أن «الأميركيين يحاولون إقناع الأطراف المستهدفة بأن هذا الاندماج سيصبّ لصالحهما، عبر التلميح بمزايا التزود بالسلاح والتدريب. وبالأساس، فإن أغلب القوى الليبية تفضل التعاطي والتقرب من واشنطن مقارنة بباقي الدول الغربية».
وأضاف عليبة موضحاً، أن «ورقة (فاغنر) لم تعد بيد حفتر كما يتصور البعض، بل تحولت لورقة ضغط بيد أنقرة وموسكو، يقومان بتوظيفها لمواجهة باقي الأطراف الدولية، حيث باتت أنقرة تتذرع برفض مغادرة المرتزقة التابعين لها في ليبيا بوجود (فاغنر)، والعكس».
ويشدد الباحث المصري، على أن الهدف الأول لهذه الخطة الأميركية هو «محاربة وجود (فاغنر) في ليبيا، إلى جوار إمكانية الوصول لتهدئة وتسوية بين تلك المكونات المسلحة تحت مظلة سياسية، وهو ما سيحقق هدف انتهاء الحاجة إلى المرتزقة، والتخلص بشكل جزئي من معضلة التشكيلات المسلحة المعرقلة للعملية الانتخابية».
كيف ينظر الليبيون لاستقبال سفارة أميركا قادة تشكيلات مسلحة؟
سياسيون عدّوها مجرد محاولة لـ«الحد من انتشار عناصر فاغنر» الروسية
كيف ينظر الليبيون لاستقبال سفارة أميركا قادة تشكيلات مسلحة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة