أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي أمس (الثلاثاء)، عن إطلاق صندوق الفعاليات الاستثماري برئاسته، في خطوة نحو تطوير بنية تحتية مستدامة لدعم أربعة قطاعات واعدة وهي الثقافة، والسياحة، والترفيه، والرياضة.
وقال خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» إن صندوق الفعاليات الاستثمارية سيعمل على توليد فرص كبرى للقطاع الخاص ويسهم في جذب الشركات الأجنبية للدخول إلى السوق المحلية ليعود إيجاباً على الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة.
وشدد الخبراء على أهمية تطوير البنية التحتية المستدامة للقطاعات الأربعة المستهدفة، كونها أثبتت نجاحها مؤخراً في جلب عوائد اقتصادية تعود بالنفع على الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مما يؤكد ضرورة المضيّ نحو تطوير هذه الأنشطة لتتواءم مع طموح الدولة في احتضان كبرى الفعاليات العالمية.
- شراكات استراتيجية
وسيعمل الصندوق على بناء شراكات استراتيجية لتعظيم الأثر في القطاعات المستهدفة وزيادة فرص جذب الاستثمارات الخارجية، والمساهمة في تحقيق أهداف «رؤية 2030» ببناء اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي.
وترتكز الأهداف الاستراتيجية لصندوق الفعاليات الاستثماري على تطوير بنية تحتية مستدامة وفقاً لأعلى المعايير العالمية لدعم قطاعات الترفيه والسياحة والثقافة والرياضة من خلال تطوير أكثر من 35 موقعاً فريداً بحلول 2030.
ويتطلع الصندوق إلى المساهمة في تعزيز مكانة السعودية كمركز عالمي للفعاليات والأحداث المتنوعة المرتبطة بهذه القطاعات، من خلال توفير بنية تحتية مستدامة وعالمية المستوى، تتيح الفرصة لتقديم برنامج متميز من الأحداث والأنشطة يلبي الطموحات الوطنية، ويُسهم في تحقيق عوائد مالية، من شأنها أن تشكل عامل دعم وتمكين لجهود ومسيرة التنويع الاقتصادي في البلاد.
- مراكز المؤتمرات
وتشمل المشاريع، المَعارض الفنية والمسارح ومراكز المؤتمرات ومضامير سباق الخيول، وميادين الرماية وسباق السيارات وغيرها من الأصول في أنحاء المملكة، ومن المتوقع تسليم أول مشروع خلال هذا العام.
ويلتزم صندوق الفعاليات الاستثماري بمعايير استثمارية ومالية عالمية تهدف إلى تعزيز محفظته الاستثمارية من خلال تحقيق النمو المستدام في العوائد ومضاعفة الأصول، حيث تركّز الاستراتيجية على الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على ثلاثة محاور رئيسية تشمل تحسين البيئة وإثراء المجتمعات والالتزام بأعلى معايير الحوكمة.
تهدف الاستراتيجية إلى المشاركة في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» بتنويع مصادر الدخل غير النفطية للمملكة، بالإضافة إلى تأسيس بنية تحتية مستدامة ترفع المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 في المائة واستقطاب 100 مليون زائر بحلول 2030، لتترجم طموح البلاد بأن تكون من بين أكثر دول تستقبل السياح على مستوى العالم.
- جودة الحياة
ويتناغم كل ذلك مع رؤية وأهداف برنامج جودة الحياة، الذي يُعنى بتحسين حياة الفرد والأسرة من خلال تطوير الأصول المستدامة المنشودة.
وسيتمحور عمل صندوق الفعاليات الاستثماري، حول تطوير وزيادة فرص الاستثمار المباشرة للشركات والبنوك العالمية، والمساهمة في إجمالي الناتج المحلي بما يعادل 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار بحلول 2045.
وسيركز الصندوق على تعزيز آفاق الشراكة والأعمال بين القطاعين العام والخاص وتأمين البيئة الداعمة لصناعة الشراكات الاستراتيجية، وزيادة حجم الفرص الوظيفية للمواطنين.
وتتناغم أعمال وأنشطة الصندوق الجديد مع استراتيجية صندوق التنمية الوطني التي أطلقها ولي العهد في العام الماضي، ليكون قوة دفع ومحركاً أساسياً للأهداف الاقتصادية والاجتماعية لـ«رؤية 2030» من خلال العمل على مواجهة التحديات التنموية القائمة بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، وتحفيز مساهمة القطاع الخاص بما يزيد على ثلاثة أضعاف من التأثير التنموي في اقتصاد الدولة في 2030.
- خلق فرص العمل
وأوضح عبد الرحمن الجبيري، المحلل الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» أن الصندوق الجديد يمتاز بعنصر الاستدامة المالية ودعمه للقطاعات الأربعة الواعدة، ما سيعزز تنفيذ شراكات استراتيجية وجذب الاستثمارات الأجنبية ويسهم في عملية خلق فرص العمل المباشرة وغير المباشرة من خلال المشاريع القادمة.
وأكد الجبيري أهمية وجود مظلة استثمارية تدعم القطاعات الأربعة لتنفيذ المشاريع الكبرى وتطوير المناخ الاستثماري مع تهيئة البنية التحتية ليصبح الصندوق جاذباً وجاهزاً لتنفيذ الشراكات الاستراتيجية ودخول رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في تلك الأنشطة.
وواصل الجبيري أن القطاعات المستهدفة تمس معظم المواطنين والمقيمين والزائرين إلى المملكة، وهي تجلب المزيد من العوائد المالية لتعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني، مبيناً أن الصندوق سيعمل على تحقيق مستهدفات البلاد ورفع معدلات النمو الاقتصادي في المرحلة القادمة.
وأضاف: «استمرار هذه المبادرات الفاعلة المتمثلة في الصندوق الجديد ضمن مستهدفات (رؤية 2030) سيحفز القطاع الخاص على الاستمرار بمساهمته في تحقيق مخرجات عالية، ما ينعكس إجمالا على كفاءة الاقتصاد الكلي في المملكة، فضلاً عن تطبيق معايير الحوكمة والعمل المؤسساتي وصولاً إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي».
- الصناديق الوطنية
من جانبه، ذكر أحمد الشهري، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» أن صندوق الفعاليات الاستثماري سوف يتكامل مع بقية الصناديق الوطنية الأخرى ليعمل في إطار استراتيجية واضحة على تطوير المناخ الاستثماري والبنية التحتية لتحقيق مستهدفات الدولة في تعزيز هذه الأنشطة مستقبلاً.
وبيّن الشهري أن تهيئة القطاعات الأربعة ستخلق فرصاً واعدة للقطاع الخاص المحلي، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوليد فرص العمل للمواطنين، موضحاً أن الصندوق سيعزز أنشطة واعدة كانت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لا ترتقي بطموح الدولة، ما يؤكد توجه المملكة الحالي الذي يتواكب مع ما تشهده تلك الأنشطة من نمو غير مسبوق.
وتابع الخبير الاقتصادي أن الصندوق سيفتح آفاقاً جديدة للمستثمرين نحو ضخ مزيد من الاستثمارات في القطاعات المدعومة تنموياً، لا سيما أن القطاع الخاص المحلي يمر بمرحلة تحويلية تماثل ما شهدته الأجهزة العامة وشركات الحكومة مواكبة اقتصادية لتحقيق المستهدفات والمشاركة في الناتج المحلي الإجمالي عبر القطاعات الجديدة الواعدة.