«وثائقي» على «نتفليكس» ينكر أسباب الرحيل السوري

«كأنّ شيئاً لم يكن»... الدعاية المكشوفة

«وثائقي» على «نتفليكس» ينكر أسباب الرحيل السوري
TT

«وثائقي» على «نتفليكس» ينكر أسباب الرحيل السوري

«وثائقي» على «نتفليكس» ينكر أسباب الرحيل السوري

يحول تعتيم مُتعمّد على وقائع وحقائق، دون التعاطف مع آراء ترد على ألسنة شخصيات وثائقي تيم قارصلي، «كأنّ شيئاً لم يكن» (As though nothing happened - «نتفليكس»)، علماً بأنهم ملوّعون بالويل السوري. وجوه أمام كاميرته، تشدد على البقاء وتهمل أسباب الرحيل. بوصف أدق، تنكره. كأنها تُسمّع درساً عنوانه «الصمود» على طريقة الدعاية السياسية المكشوفة.
لشخصيات الوثائقي خطاب، أكثر مما هو بوح. يتراءى كل شيء محضّراً كإملاء مدرسي. فالجميع أمام إعادة إنتاج معزوفة «تخوين» المغادرين بالمواربة. حتى النفق الأسود الطويل في بداية الفيلم، والذي بدا بلا غاية طالما أنّ التعتيم حول وظيفته هو المسيطر، اتخذ معنى تراجيدياً مضاداً برمزيته إلى التحمّل رغم السواد، والسير حتى النهاية، باعتبار أنّ المجهول كذبة ما دامت الوجهة هي أرض الوطن.
ظاهر «الوثائقي» سردية تمجّد الانتماء والتشبّث (المبالغ فيه) بالمكان. يأتي كاتبه ومخرجه بمَن يروون الحكايات المبتورة. شخوصه سوريون يتقبّلون العتمة والخراب والخسائر الفادحة، لكنهم يهجون بشكل غير مباشر مَن هربوا من الجحيم و«حاسبوا» برحيلهم المتسببين بنارها. تغيب الأطراف المتحاربة، ليظهر أنّ المعارك أجّجت نفسها بنفسها وحلّ الموت الجماعي من دون يد بشرية تتدخّل.
حقيقة «الوثائقي» أنه تصنيف مبطّن للسوريين بين «مواطنين» و«أقل مواطَنة». فـ«الصامدون» هم أبناء الأرض، (وحدهم) يستحقون هويتها. أما مَن وضّبوا الحقائب فلم يجأروا تساؤل إحدى ضيفات المخرج: «إن خاف الجميع وسافروا، فأين البلد؟»، متناسية أنّ البلاد هي الأمان والعدالة والقيمة الإنسانية.
على كتفي رجل يبلغ منتصف العمر، شال كحلي يردّ عنه برداً يقول إنه يحبّه. يتّخذ وضعية الشخص المناسب لتمرير الرسالة: «بالنسبة إلى سنّي، دمشق هي مكاني الأفضل. أراها كما لا يراها الآخرون. أنظر إلى السماء فأخالها لي، وإلى الجبل والشوارع. كلها لي وأنا لا أملك شيئاً». خطاب عاطفي «ناعم»، لكنه «مفخخ». آخر يشتهي الموت ولا يطاله، فتصبح أمنيته اختبار شعور مَن يُصاب بشظية ويُنقل إلى المستشفى. عندها (فقط) سيتحلّى بالأمل: «سأنتظر شفائي!».
تُغذّي بروباغندا الفيلم امرأة تُطلق مواويل غزل بالجيش وبشار الأسد. يقدّم المخرج إلى «نتفليكس» مادة تلقينية جاهزة، بغطاء سينمائي. أحدهم يتساءل أين السينما والمسرح، وهو يُلمح إلى خراب البلاد. يأتيه الجواب من مُشغّل الكاميرا باستدراجه المتلقي إلى «منطقته الآمنة»، حيث مُطلق القذيفة مجهول و«صوت الرصاص كزقزقة عصافير لم نعد نلتفت إليه»! امرأة هي «آخر المغادرين وأول العائدين»، «والله ما بفل غير على جنازتي». أطلق (المجهولون) رصاصاً نحو منزلها، أمروها بالخروج فعاندت الأوامر. ورغم أنه «لا كهرباء وأضع إبر الإنسولين المغلّفة بكيس نايلون في وعاء ماء»، ترفع النبرة بالدعوة إلى «التمسك بالأرض». ذلك تُكمّله لازمة قدرية مفادها «نحن مجبرون على التناسي»، وأخرى نوستالجية تُذكّر بروائح الأشياء، كالمنزل والذكريات والتفاصيل الصغيرة؛ يقابله شكل مُوارب للدعاية، فتُصارح امرأة الكاميرا بأنها تمقت «العواطف المشلّعة» وما يُحكى عن المنازل وزواياها، و«مع ذلك» تستقرّ أخيراً في منزلها الخامس وترفض ترك الأرض رغماً عن أنف الحرب.
يُعمم الاستهجان من البدايات الجديدة على أوسع نطاق. هنا المشهد بعين واحدة، والفن «مُرغم» على ممارسة «وظيفة» دخيلة على طبيعته: طمس الأصوات المتعددة، مقابل إعلاء صوت واحد يردّد مواويل البطولة على الأنقاض، ويُخدّر الوعي في محاولة لإسكاته.
مَن المسؤول عن هذا كله؟ في الفيلم، المتورّطون مُغيّبون. أسماؤهم ممحية. أشكالهم مذوّبة في الخطاب. يكتفي ضيوف المخرج باستنتاج أنّ «الحياة ليست سهلة». أما السبب، فلا أهمية له. ولا أهمية أيضاً للنتيجة، طالما أنها في كل الأحوال إيجابية. وإن سافر أحبة، لن يتغيّر الكثير على «صامدة» في الداخل، فتقول: «نستيقظ معاً، نرتاد العمل معاً»، ويجمع الـVideo call ما يتفرق. التكنولوجيا لها فوائدها».
تصوير الدمار جزء من «اللعبة»، وللصورة صوت ينضم إلى الأصوات الملتحقة كلها بكلام واحد يُراد منه القول إنّ العيش ممكن في ظل النظام الحاضن، الحامي. وكل ما حدث «كأنه لم يحدث». لا بأس بـ«التناسي». فليكن هو القدر. كقدر إجهاض الأحلام، ليصبح أجملها «أن ينتهي النهار كما يبدأ»، مع تساؤلات تكاد تبدو وجودية: «ما هو الغد؟»، فيأتي الرد: «الغد لا شيء. لا أفكر به طالما أنه لم يأتِ».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)
خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)
TT

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)
خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)

اختُتمت، مساء الجمعة، فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي أُقيم بمحافظة الفيوم (100 كيلو جنوب القاهرة)، بحفل بسيط على بحيرة قارون، بحضور عدد من صنّاع الأفلام وأعضاء لجان التحكيم؛ حيث جرى إعلان جوائز مسابقات المهرجان الثلاث.

ومنحت لجنة تحكيم «المسابقة الدولية للفيلم الطويل» تنويهاً خاصاً للفيلم السعودي «طريق الوادي» للمخرج خالد فهد الذي تدور أحداثه حول شخصية الطفل «علي» الذي يعاني من متلازمة الصمت، فبعد أن ضلّ طريقه في أثناء توجهه لرؤية طبيب في قرية مجاورة، ينتهي به المطاف وحيداً في مكان ناءٍ، إلا أن سلسلة العقبات والتحديات لم تمنعه من اكتشاف العالم الذي ينتظره؛ حينها فقط أدركت عائلته أن ما يعانيه «علي» ليس عائقاً وإنما ميزة، منحته سيلاً من الخيال والتخيل.

ونال الفيلم المغربي «الثلث الخالي» للمخرج فوزي بنسعيدي جائزة أفضل فيلم بالمسابقة، وهو الفيلم الذي حصد جائزة أفضل إخراج بجانب حصول بطلَيه فهد بنشمسي، وعبد الهادي الطالبي، على جائزة أفضل تمثيل، في حين نال الفيلم الإيراني «كارون الأهواز» جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وحصد الفيلم السعودي «ترياق» للمخرج حسن سعيد جائزة «لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الروائي القصير»، في حين حصل الزميل عبد الفتاح فرج، الصحافي بـ«الشرق الأوسط»، على جائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير، عن فيلمه «العشرين»، الذي صوّره في شارع العشرين بحي «فيصل» في القاهرة الكبرى، وتدور أحداثه في 20 دقيقة.

الزميل عبد الفتاح فرج خلال تسلّم الجائزة (إدارة المهرجان)

ويتضمّن فيلم «العشرين» بشكل غير مباشر القضايا البيئية المختلفة، وجرى تصويره على مدار 5 سنوات، رصد خلالها فترة مهمة بعيون أحد قاطني الشارع، متناولاً الفترة من 2018 وحتى عام 2023، واحتضن المهرجان عرضه الأول في مصر.

وتسلّم عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة بالمهرجان الناقد السعودي خالد ربيع جوائز الفيلمين السعوديين نيابة عن صناع العملين الفائزين، في حين عبّر لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته بالتعاون مع باقي أعضاء اللجنة خلال مشاهدة الأفلام، مشيداً بالأنشطة والفعاليات المتنوعة التي تضمّنها المهرجان.

وشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدّمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين شهد الاحتفاء بفلسطين بصفتها ضيف شرف، عبر إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها أفلام «من المسافة صفر».