«ستيلتو» بنهاية عادلة: للحكاية أكثر من وجه

مسلسل من 90 حلقة أوقع الناس في «الفخ»

نجوم مسلسل «ستيلتو» يتميزون في البطولة الجماعية
نجوم مسلسل «ستيلتو» يتميزون في البطولة الجماعية
TT

«ستيلتو» بنهاية عادلة: للحكاية أكثر من وجه

نجوم مسلسل «ستيلتو» يتميزون في البطولة الجماعية
نجوم مسلسل «ستيلتو» يتميزون في البطولة الجماعية

قد لا ترتكب صاحبة السطور كثيراً من المبالغة باعتبار «ستيلتو» حالة آسرة. 90 حلقة من انفلاش الشر الإنساني على الوجوه وتوغله في النفوس. قالبه البراق ينتشله من التشبه بأي مسلسل على مستوى الشكل. ونجومه جميعهم أبطال، لهم مساحاتهم العريضة، ينافسون أنفسهم قبل الآخرين. يحدث ما يتجاوز المنطق ويرتطم بالركاكة؛ مع ذلك، يخطف الأنظار ويوقع في «الفخ».
وهو فخ تجيده الأعمال الواثقة من التقاط الأنفاس. ليس معناه خلوه من الهفوة ونجاته من البلاهة، بل امتلاكه ما يجعل الهفوة «مُحتملة»؛ وهو الأداء الجماعي البديع والأزياء اللافتة، وكل ما يجعل التركيبة منتظرة، و«all in all»، مبهرة.
البطولة الموزعة على النجوم تؤكد أن التفرد بالمشهد ليس دائماً خياراً مفضلاً. يكثر اللاعبون فتحلو اللعبة: ديمة قندلفت، قيس الشيخ نجيب، ريتا حرب، كارلوس عازار، ندى أبو فرحات، سامر المصري، كاريس بشار، بديع أبو شقرا، مع نور علي، ومَن يحومون حولهم على قاعدة «الطيور على أشكالها تقع».
في مجتمع مخملي مُقنع، تُبنى العلاقات وفق أسس مهزوزة لا تقيم وزناً للفضيلة. ناس الـ«دريم هيلز»، ظاهرهم اختزال للرقي وباطنهم مسرح للشفقة. مساكين بأكاذيبهم ونفاقهم. رباعية نسائية تجر وراءها الخبث واللؤم منذ المراهقة. تدعي ألمى (بشار) أن دربها غير دروبهن، فإذا به في النهاية واحد. على جانبيه أشواك ويباس. وضغينة وكراهية وإلحاح بائس على الانتقام.
تتحول حادثة قديمة هزت كيان ألمى إلى صوت داخلي مزعج يحرضها على رد الصاع. الصديقات الأربع؛ هن: فلك (قندلفت)، جويل (حرب) ونايلة (أبو فرحات)، في مواجهة النفس البشرية المُكشرة عن أنيابها، المتضورة جوعاً للأذى. كادت نايلة أن تحتفظ ببعض «البراءة» وبتلك الفطرة الطيبة في الجوهر، وشاءت ألمى إنقاذ صورتها من الأفواه، إلا أن الشر غلاب، فوجدتا نفسيهما ذئبتَيْن خوفاً من أن تأكلهما الذئاب.
تمر حوادث مثيرة للسخرية (كيس النفايات، العصير المسموم...)، تُبين هشاشة في تنفيذ النص العربي المأخوذ عن النسخة التركية. ويمر (نصاً وإخراجاً) ما يجعل المنطق يبكي في الزاوية وهو يُعاقَب على الملأ. لكن ذلك لم يقوَ على إلحاق المسلسل (عرضت «إم بي سي 4» جزأه الأول، و«شاهد» جميع الحلقات) بالصفوف الخلفية. ظل في الأمام، يتصدر ويتباهى بجدليته. قوته ساطعة، برغم نقاط ضعفه، ليشكل علامة درامية فارقة.

البطولة النسائية الكاسحة، لا تقلل من حضور النجوم في أدوار أحسنوا تجسيدها. أربعة رجال يعانون استحالة فهم ما يدور في رأس المرأة: كريم (الشيخ نجيب)، لؤي (المصري)، طارق (عازار) وخالد (أبو شقرا). الأخير أقرب إلى الاستثناء، ترد على لسانه العبرة من المسلسل. لكن الحرب ليست جندرية، وإن أشعل وقودها الحب وأججته المشاعر. هي حرب المعدن الإنساني (الصدئ) مع القيم (المذهبة). وسقوط الأقنعة في المواقف الحرجة، لتتحول الصداقة الزائفة إلى عداوة لطالما كمَنَت وتربصت، والكلام المُنمق إلى تهديدات مباشرة، والمناكفات «المضبوطة» إلى حرب باردة فأكثر من جريمة.
غليان الداخل يدفع بانفجارات تُخفق في التواري، إلى الظهور على السطح. بحركة يدها على خصلة شعرها واتخاذ مطبخها مملكة لحَبْك المخططات، تمنح قندلفت شخصية فلك تجسداً حياً لكاراكتير لا يقبل الشك بوجوده الحقيقي على الأرض. إتقانها الأداء يمتد للعين وبريقها، للصوت وطبقاته، للوجه وانفعالاته، للإنسان وأحواله النفسية المُعلنة والمُخبأة. نهايتها المأساوية لمسة عدل على جبين عالم ظالم.
وُضع الجميع أمام امتحان التقلبات وأثبتوا اجتهادهم في خوضه. لم يسلم أحد من انعكاس التخبط الداخلي على السلوك ورد الفعل. المُسالم، كنايلة وكريم، اتخذ وضعية الهجوم دفاعاً عن النفس. المُسترخي البسيط، كطارق، استشعر الخطر. واللطف هش أمام الخشونة المسيطرة. لكن، أكان قرار ألمى البحث عن عزائها في الانتقام أم أنها انجرت إلى مصير عاصف؟ وكيف تصمد «الصداقة» لسنوات، وهي بهذا القدر من الدناءة؟ أيهما أقوى، الحقيقة أم النفاق؟ الحلم أم الواقع؟ وهل الخيانة مُبررة، فتُسمى حباً هنا وخراباً هناك؟ «ستيلتو»، باستعادته إشكالية الخير والشر، يُبقي النقاش مفتوحاً على سائر الجروح البشرية والأيدي المُتسببة بها، أنالت جزاءها أم أفلتت من العقاب.
كل في مكانه المناسب، وإن تفاوت صنف الدور. صحيح أن كاريس بشار لم تقدم أحد أفضل أدوارها، لكنها أدته بخبرة مَن يدرك الفارق بين الشطارة واستعراض العضلات. شكلت وندى أبو فرحات تأكيداً على أن المرء يتغير حين يُصدر الظرف أوامره؛ وأحياناً، لا مفر من انقلاب السحر على الساحر.
اثنتان تختزلان القبح الداخلي المستتر بجمال الخارج: جويل (أداء ممتاز لريتا حرب المنتصرة على أوجاعها) وميرا (نور علي). الطينة واحدة. تشكلان مع فلك نماذج متفوقة في التدليس ونقل البندقية من كتف إلى كتف. المصلحة تحدد شكل العلاقات وتحالفات المرحلة. وينتهي كل شيء بانتفاء حاجة كل طرف إلى الآخر. لا بأس بتلبد القلوب طالما أن الوجوه منقشعة. الغش مسموح في جميع الاختبارات. شرف المحاولة لا مكان له في «دريم هيلز».
عدالة النهاية لا تعني إصابة الشر بطعنة في الصميم. هو فقط يوقع على هدنة. «سطحية» المسلسل مجرد وجه لحكاية تحتمل تعدد وجهات النظر. فخلف قشوره، تحدث أشياء يمكن التوقف عندها: الصفحة الأخيرة والعبرة، ما يذهب وما يبقى. و«الغلامور» هو طرفها (الحكاية) المبلول بالبهجة و«اللايف ستايل» المثير للجدل، المشوق لترقبه، سارق الأنظار، وصانع عالم ليس في المتناول، لكنه جذاب لاعتبارات الأماني والخيال.
المسلسل يتعدى الطبقة الأولى نحو الثانية، بلا ادعائه معالجة مشاكل العالم واجتراح حل سحري. هو للتسلية، بذلك يصيب دوره. وراء إضاعة الوقت، وقفة مع النفس. بلا وعظ. بلا ضجر. بلا خطاب تلقيني يُفرط في تمجيد «الصح» وإدانة «الخطأ».



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».