لوحات مصرية «عابرة للأزمنة» تترجم حكايات المقريزي

لوحة قنطرة السد  -  الظاهر بيبرس وهو يحاول الهروب من باب القراطين (الشرق الأوسط)
لوحة قنطرة السد - الظاهر بيبرس وهو يحاول الهروب من باب القراطين (الشرق الأوسط)
TT

لوحات مصرية «عابرة للأزمنة» تترجم حكايات المقريزي

لوحة قنطرة السد  -  الظاهر بيبرس وهو يحاول الهروب من باب القراطين (الشرق الأوسط)
لوحة قنطرة السد - الظاهر بيبرس وهو يحاول الهروب من باب القراطين (الشرق الأوسط)

عبْر لوحات «عابرة للأزمنة» في بيت السناري الأثري بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، تحكي الفنانة سهام إمام، بعضاً من أيام سلاطين الدولة المملوكية التي حكم رجالها مصر أكثر من قرنين ونصف القرن، «1250 - 1517م».
ومن خلال 16 لوحة مرسومة بالألوان الزيتية والأكريلك سعت إمام إلى استلهام ما رصده «المقريزي» في كتابه الشهير «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، من أخبار وحوادث عظيمة كان أبطالها شخصيات شهيرة برزت في العصر المملوكي مثل شجر الدر التي وضعت الفنانة لوحتها في مدخل القاعة بجوار لوحة لزوجها «السلطان عز الدين أيبك» الذي تآمرت عليه وقتلته، وقد أظهرته الفنانة غاضباً، بعينين تفيضان بالرغبة في الثأر، أما «شجر الدر» فقد بدت بشخصية قوية، يملؤها المكر والدهاء، محاطة باللون الأحمر الذي يسيطر على خلفية اللوحة، كرمز لما سال من دماء على يديها، وقد وضعتها الفنانة سهام إمام في مدخل القاعة، حسب ما قالت لـ«الشرق الأوسط»، كإشارة إلى أنهما كانا بداية إنشاء دولة المماليك.
ومن «شجر الدر» و«أيبك» بدأت سهام إمام حكاياتها التشكيلية عن المماليك بلوحات تعبيرية استعارتها من تاريخ المقريزي، وانتقلت منهما لتفاصيل أخرى من أخباره، حيث وضعت في حائط مجاور ثلاث لوحات، كانت الأولى للسلطان الظاهر بيبرس، رسمته الفنانة على صهوة حصان، يحاول الفرار عابراً باب القراطين «المحروق»، خائفاً من أسد يسعى للحاق به، أما اللوحتان الأخريان على اليمين واليسار، فكانتا لفارسين آخرين أحدهما «قلاوون الألفي»، والآخر «سنقر الأشقر»، وقد ظهر كل واحد منهما على صهوة فرسه يسابق الريح خائفاً من صقر يكاد يقترب منه، أو متفادياً ثعباناً ساماً، ما يوحي بما كان في عصر المماليك من دسائس ومؤامرات.
ولم تتوقف إمام في معرضها عند شخصيات السلاطين والقادة والأمراء المماليك، بل رسمت مآذن مساجدهم، ومنها «مئذنة الخانكة الركنية» للسلطان ركن الدين بيبرس «الجاشنكير»، وهو غير الظاهر بيبرس، وكان مسؤولاً عن تذوق أكل السلطان قبل تناوله، بدت المئذنة محاطة بذراعين تحتضنانها، تعبيرًا عن الامتنان لما قدمه من جهود لحماية عرش السلطان الصغير الناصر محمد، وقد وضعت الفنانة إلى جوارها لوحة مضادة لمئذنة الأمير طوسون الذي خدعته السلطة فاغتصبها، وراح ضحيتها، فبدا في اللوحة في صورة هيكل عظمي، وكأنها تشير إلى نهايته المحتومة، وهناك مئذنة السلطان سيف الدين ابن قلاوون، وقد ظهرت محاطة بما يشبه الأضلاع، أعطتها الفنانة ألواناً زرقاء فاتحة هادئة تحيط بها تعبيراً عن رخاء وقوة نظامه الذي أرسى دعائمه، وجعل دولته تمتد لأكثر من مائة عام حسب قول إمام.
وفي الكثير من اللوحات استخدمت سهام عنصر المشكاة، لتكسر حدة ما صاحب أيام بعض السلاطين من مظالم وحروب، وتشير إلى وجود أشياء مضيئة في عصر كل حاكم منهم، فلم تكن أزمانهم على ما بها من أزمات تخلو من بصيص من ضوء، وقد كان لدى كل منهم ما يمكن المصريين من الخروج، وتخطي الصعاب، ومن هنا كانت رمزية وجود لوحة تعبيرية عن «قنطرة السد» التي أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب في سنة 643 - 1245م على فم الخليج المصري، واختارت لها الفنانة مكاناً في وسط القاعة، لتعبر عن ظهور دولة المماليك، بعد انتهاء زمن الدولة الأيوبية.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
TT

«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)

مُنحت «جائزة الشجاعة» إلى فتاة رأت أنَّ جدتها تعاني سكتةً دماغيةً، فطبَّقت تعليمات حفظتها من أجل إنقاذها. وأدركت صفاء حسين، البالغة 9 سنوات، من شيبلي بغرب يوركشاير بإنجلترا، الأعراض التي ينبغي الانتباه إليها بعدما تعلّمتها في المدرسة الابتدائية؛ فحصلت على شهادة تقدير من عمدة مدينة برادفورد ضمن حفل استقبال خاص. كما كُرِّمت المُساعِدة في التدريس، هيلين ماثيوز، التي أدارت درس الإسعافات الأولية خارج المنهج الدراسي.

وقال رئيس بلدية المدينة بيف مولاني: «إنه لأمرٌ عظيم أن نعترف بشجاعة صفاء والتعليم الممتاز الذي تلقّته، مما سمح لها باتخاذ إجراءات للمُساعدة في إنقاذ جدّتها. أحسنت صفاء بحفاظها على هدوئها وتقديمها المُساعدة». تغيَّبت صفاء عن المدرسة، وأقامت مع جدّتها ماري شيخ (79 عاماً)، بينما كانت والدتها في العمل.

علَّقت الصغيرة: «عندما جلستُ على سريرها، حاولت تقديم بعض الطعام لها، لكنها لم تستطع تناوله. جرّبتُ كل ما قالته السيدة ماثيوز، وكنتُ أعلم أنها أُصيبت بسكتة دماغية». وتابعت: «اتصلتُ بأمي وقلتُ لها: (عليكِ الاتصال بسيارة إسعاف. جدّتي مصابة بسكتة دماغية)؛ ففعلت ذلك». أخذت سيارة الإسعاف، شيخ، إلى مستشفى برادفورد الملكي حيث تلقَّت علاجاً مُنقذاً للحياة. أضافت صفاء: «كانت سكتة دماغية مخيفة. أشعر بالسعادة والحماسة لأن جدّتي لا تزال بيننا».

شهادة تقدير على العمل البطولي (مواقع التواصل)

بدورها، روت والدتها، عائشة شيخ (49 عاماً)، أنها تركت ابنتها مع والدتها، وبعد 40 دقيقة تلقَّت المكالمة الهاتفية. وقالت: «دعتني قائلة إنّ جدّتها في حالة سيئة وتعرَّضت لسكتة دماغية. قلتُ لها: (ماذا تعنين؟ أنت في التاسعة، كيف عرفتِ أنها أصيبت بسكتة دماغية؟)، فأجابت: (قدَّمتُ لها نوعاً من الإفطار ولم تستطع تناوله. وأيضاً كان وجهها شاحباً ولم تستطع التحدُّث. إنها بطلتنا الصغيرة. لقد أنقذتها. لم تكن لتنجو لولا ذلك». وتابعت: «ولولا الآنسة ماثيوز أيضاً التي لقّنتها الإرشادات».

أما ماثيوز فأكدت أنّ أحد أدوارها كان تعليم الإسعافات الأولية من السنة الأولى حتى السادسة: «إنه ليس جزءاً من المنهج الوطني، لكننا نعتقد أنه من الجيّد تعليم الأطفال». وأضافت أنّ أحد الأشياء التي علّمتها كانت أهمية «الساعة الذهبية» وكيفية التصرُّف خلالها: «قال المسعفون إنّ هذا ما أنقذ الجدّة، لأنّ صفاء أنجزت دورها بسرعة، ونحن فخورون بها».