يستعيد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي تجربة رؤساء لبنان السابقين الذي عبروا إلى الرئاسة من قيادة الجيش. يصر الفرزلي على توصيف الواقع والتجربة، بالتأكيد أنه «تحليل تاريخي لرؤساء الجمهوريات العسكريين، لا علاقة له بمستقبل الرئاسة اللبنانية»، وذلك من موقعه كداعم لوصول الرئيس السابق إميل لحود في عام 1998، ويخلص إلى القول إن التجارب «كرست مخالفة اتفاق الطائف» بالنظر إلى أن التجارب الثلاثة بعد اتفاق الطائف (انتخاب إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون) «أسقطت دور الرئيس من الحَكَم، إلى مستوى فريق في النظام».
يقول الفرزلي لـ«الشرق الأوسط»: «كنت رأس حربة في إيصال لحود بين عامي 1992 و1998، انطلاقاً من معطيين أساسيين هما: نظافة كفّه، وثانياً لأنني كنت آمل أنه من الممكن أن تُبنى دولة مؤسسات وقانون في ظل رعايته على قاعدة أنني لم أعد أرى في صلاحيات رئيس الجمهورية استناداً إلى اتفاق الطائف إلا صلاحية حُسن تطبيق الدساتير، والحفاظ على وحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، موضحاً أنه دعم لحود بناء على آمال لديه بأن «يكون الرئيس سيادياً بامتياز، بمعنى بناء مؤسسة الجيش والمؤسسات العامة بطريقة تؤدي إلى اقتناع السوريين بأن لبنان أصبح معافى بعد الحرب، وهناك مناعة في نظامه الدستوري».
لكن «لسوء الحظ»، يقول الفرزلي: «إن الممارسة الفعلية كانت مختلفة عن الآمال، وهذا ليس من نية إميل لحود بل من الفريق الحاكم»، حيث اصطدم عهد لحود برئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ومجلس الوزراء. ولا يتردد الفرزلي في التأكيد أن «قضية ضباط الجيش في الوزارات، وما إلى ذلك، أدت إلى فشل التجربة من حيث البُعد الداخلي، لجهة سوء تنفيذ اتفاق الطائف وعدم الالتزام الحرفي بنصوص الاتفاق»، مضيفاً: «الأمثلة على ذلك كثيرة».
يصر الفرزلي على ضرورة أن يكون الرئيس حَكَماً بين الأفرقاء؛ تنفيذاً لاتفاق الطائف، وهو أمر لم يحصل في عهد الرئيس ميشال سليمان القادم أيضاً من قيادة الجيش. ويشير إلى أن اتفاق الدوحة في عام 2008، أعطى رئيس الجمهورية ثلاثة وزراء «تحت عنوان تقوية دور رئيس الجمهورية على حساب الجنرال ميشال عون»، مضيفاً: «لسوء الحظ، أدى هذا الأمر إلى نتائج عكسية؛ لأنه بمجرد أن يكون للرئيس وزراء في الحكومة، سيفقد صفة الحَكَم؛ لأنه سيكون مجبراً على تنفيذ مصالح فريق أو مصالح هؤلاء».
التجربة الثالثة وهي وصول الجنرال ميشال عون إلى الرئاسة، جاءت تحت عنوان «إعادة إنتاج الدور المسيحي في النظام السياسي الذي أصيب بنكسات على مستوى قوانين الانتخاب ورئاسة الجمهورية». يقول الفرزلي: «المراهنة كانت أن ثقة عون بشعبيته يجب أن تلعب دوراً لصيانة الدستور وحسن تطبيقه، لكنها أدت إلى افتتانه بذاته وبقوته، خصوصاً بعد اتفاقه مع حزب الله، مما جعل الحنين للعودة إلى ما قبل الطائف أمراً مفروغاً منه في الدور الذي يقوم به، فأدى إلى تدمير المؤسسات بشكل كامل، وأساء هذا للدور المسيحي إساءة كاملة»، لافتاً إلى أن «حزب الله» ساهم مرتين بمنع وصول رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى الرئاسة، وفي المقابل «اصطدم عون مع القوى التي دفعت باتجاه وصوله إلى الرئاسة».
ويؤكد الفرزلي أن المسألة ليست مسألة قوة بقدر ما هي مسألة ثقافة دستورية وإيمان بنص الدستور. يوضح: «رئيس الجمهورية في الطائف ارتقى إلى مرحلة الحَكَم بين المؤسسات، لكن إعطاءه وزارات أسقط دوره كحكم، علماً بأن الرئيس يجب أن يكون سداً في مواجهة الاعتداء على الدستور، وضمانة للحفاظ على وحدة البلد». ويقول: «على العكس من ذلك، تصرف الرئيس عون على قاعدة الإمعان بتدمير المؤسسات والقوانين، واستعمل علاقته بحزب الله ليس لبناء دولة تكون قوة لمصلحة الدستور، بل لبناء القوة الذاتية لتأمين استمرارية لتياره ولرئيس التيار النائب جبران باسيل».
الفرزلي: تجربة العسكر أسقطت دور الرئيس من حَكَم إلى «فريق»
قال إنها كرّست مخالفة «اتفاق الطائف»
الفرزلي: تجربة العسكر أسقطت دور الرئيس من حَكَم إلى «فريق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة