عازف التشيللو ستيبان هاوزر لـ «الشرق الأوسط»: التفاني صنعني

عزف في الإمارات ومصر... وتسلّم «موريكس» في بيروت

هاوزر ولوكا يشكلان فرقة «2 تشيللوز»
هاوزر ولوكا يشكلان فرقة «2 تشيللوز»
TT

عازف التشيللو ستيبان هاوزر لـ «الشرق الأوسط»: التفاني صنعني

هاوزر ولوكا يشكلان فرقة «2 تشيللوز»
هاوزر ولوكا يشكلان فرقة «2 تشيللوز»

المرة الأولى التي سمع فيها العازف الكرواتي ستيبان هاوزر صوت آلة التشيللو كان طفلاً. نادته أنغام أغنية «كرنفال الحيوانات (The carnival of the animals)» للمايسترو الفرنسي كامي سان سانز، فوقع في المصيدة. كانت ساحرة، لم تفارق رأسه. علّقته بالتشيللو، فارتاد المعهد لتعلّم العزف. «لم أستطع الانتظار لأعزف بنفسي الجمال الذي شعرتُ به»، يشارك «الشرق الأوسط» عشقاً يُحلّي الحياة.
عرّفه حب التشيللو على مدارس تُعمّق العلاقة بهوى القلب، فيصبح مرتكزاً إلى أسس، قائماً على قواعد. شارك في دورات لتعلّم الموسيقى وورشات عمل وتدريبات منذ الصغر. يذكر: «كانت والدتي تُحضر مدرّسي التشيللو إلى مسقط عائلتي؛ بولا. شكّلت مصدر الإلهام وما أنا عليه. بسببها واصلتُ العزف. راكمتُ كثيراً من التفاني والعمل الجدّي، منه أقطف ثماري اليوم. ساعات التدريب الطويلة وقرار الوصول جعلاني هاوزر».
عزف في دبي ومصر، وقال لبودابست وبراغ انتظراني أنا آتٍ. جولة محمّلة بإيقاعات ترفع حرارة التصفيق. يرى في تلاقي الثقافات الشرقية والغربية فرصة لإعلان الإعجاب بالمشهد الراقي. أي علاقة وُلدت بين الجمهور في تجربتَي الإمارات ومصر؟ يحمّسه السؤال فيجيب: «كان التفاعل رائعاً. يبدو أنّ الجمهور يستمتع حقاً بموسيقاي الكلاسيكية ومعزوفاتي الأخرى. أُصاب بذهول كلما شهدتُ على ردّ الفعل. يشاء كل فنان أن يلقى احتضاناً مشابهاً كالذي لقيته في حفلاتي. كان جمهوراً من العالم، لمحتُ متعة صادقة تتلألأ في عيونهم. حاجتي للمزيد من الموسيقى تمنحني شعوراً عظيماً».
أحبَّ طابع الشرق الأوسط ورأى في المنطقة «تفاعلات إيجابية يُحدثها ناسها»: «اهتممتُ كثيراً بالتجربة الثقافية خلال زيارتي للإمارات ومصر. قدرٌ بديع من الفخر والاحترام يتلقاه المرء من شعوب البلدين. هي حفاوة كبيرة حقاً، تجعل التجربة عميقة الفرادة والخصوصية».
نعيده إلى تعاونه مع إلتون جون، لنسأل: هل الفنانون الكبار يسهّلون على العازف مهمته أم يصعّبونها لأنهم باحثون عن «الكمال»؟ كيف تُعلّم هذه المحطات؟ يصف الجولة مع النجم البريطاني بـ«التجربة المثيرة للغاية»: «حينها، أُخضِعت مهاراتنا وشغفنا والتزاماتنا للاختبار. التحفتْ كل ليلة من الجولة بجمال خاص. عزفنا الموسيقى لمعجبيه ليلة بعد ليلة من دون تعب. لم نتوقف مطلقاً. كان من الملهم جداً التحوّل شهوداً على الدهشة. علّمني الكثير عما يمكن توقّعه خلال الجولات وكيف ينبغي تقديم الموسيقى وبلوغ مرتبة الشغف القصوى حين يتعلق الأمر بالنجاح العالمي».
لا ينسى الدرس الأهم: «الموسيقى والعروض الضخمة تتطلب مستوى عالياً من التفاني، يفصل بين الفنانين الجيدين والعظماء. تجربتي مع إلتون علّمتني كيفية توظيف عشقي للتشيللو وتحويله إلى طاقة تتوجّه نحو الموسيقى، ليلة تلو أخرى، لأمنحها مزيداً من الحب».
ولكن، بين الأداء ضمن مجموعة والأداء المنفرد، أي فوارق، وهل تتفاوت المتعة؟ أيهما يفضّل هاوزر؛ الغناء ضمن سرب وإبهار الآخرين بتناغم المجموعة، أم العزف بمفرده فيخطف كل الأنظار؟
يميل إلى الأداء الجماعي. فالعزف مع صديقه القديم لوكا يختلف عن عزفه منفرداً. يشكلان معاً فرقة «2Cellos»، فتتصاعد بتكاملهما روح المتعة. يُنصف «اللحظة المبهجة»: «العزف مع فنان مثل لوكا يمنح العرض وَقعاً خاصاً. هناك دائماً سحر في الأداء. أما حين أؤدي على انفراد، فأحرص على زجّ جمهوري في حالة لا تُنسى».
ننبش علاقته بالقلق بالسؤال عن كيفية وصول أغنيات ألبومه إلى اكتمالها؟ كيف يختارها وما معياره؟ يختصر شخصيته الفنية: «أحرص على التأكد من أنّ الأغاني التي أنتقيها هي التي ستتصدّر ضمن نوعها. وألتفت أيضاً إلى ما يريده الجمهور مني وما يحلو له سماعه. هذه معاييري لصناعة الموسيقى، وهي ليست سهلة على الإطلاق. الأصعب هو عدم إيجاد الوقت الكافي من أجل أغنيات شعبية تحظى بجماهيرية عريضة، فلا أعزفها ولا أصوّرها. إقصاؤها هو الجانب الأشد ألماً».
لهاوزر مؤسسة تهيّئ الموهوبين فنياً، يشرح الهدف منها: «تُمكّن (مؤسسة هاوزر للموسيقى) فنانين موهوبين لا يحظون بفرص. نموّلهم ونُخضعهم لدورات تتيح تطوّرهم وصقل إمكاناتهم، ونقدّم لهم منحاً. لقد اتّخذنا دوراً دولياً لمساعدة المحرومين على تحقيق أحلامهم الموسيقية».
يتكلّم بحب عن بيروت التي سلّمته جائزة «الموريكس دور»: «إنها مدينة مدهشة! تنبض بالحياة، مع طعام رائع وأشخاص طيّبين». يعلن فرحته بزيارة لبنان للمرة الأولى وسعادته الدائمة بتسلّم الجوائز المرموقة بصرف النظر عن المسافة من «الوطن».
لنتحدث عن الأحلام. ما أحلام هاوزر وطموحاته؟ أيشعر أنه بالانتشار والجوائز والجولات العالمية ينال مراده، أم إنه يطارد أحلاماً مؤجلة؟ الحلم الكبير يتحقق: «العزف على التشيللو أمام الجمهور، الوصول إلى العروض العالمية، وتعليم الآخرين شيئاً لم يعرفوه عن هذه الآلة والموسيقى التي أعزفها. على مرّ السنوات، أنجزتُ حلمي، سواء (2Cellos) أو هاوزر. من الرائع رؤية جمهور متنوع يستمتع بموسيقاي».
وأحلام المستقبل؟ «لا أستطيع البوح بها؛ لأنني ببساطة لا أعرفها! لدي العديد من المشروعات كالموسيقى الأصلية الجديدة، الجولة العالمية المنفردة الأولى لي، مقاطع فيديو مثيرة، وأكثر من ذلك بكثير».


مقالات ذات صلة

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

تُطرح للبيع في مزاد يقام في لندن خلال سبتمبر (أيلول) المقبل نحو 1500 قطعة عائدة إلى مغني فرقة «كوين» البريطانية الراحل فريدي ميركوري، من بينها أزياء ارتداها خلال حفلاته ومخطوطات لنصوص أغنيات، وكذلك لوحات لماتيس وبيكاسو، كما أعلنت دار «سوذبيز» اليوم الأربعاء. وستقام قبل المزاد معارض لأبرز هذه القطع في نيويورك ولوس أنجليس وهونغ كونغ في يونيو (حزيران)، ثم في لندن من 4 أغسطس (آب) إلى 5 سبتمبر (أيلول). ومن بين القطع التي يشملها المزاد تاج مستوحى من ذلك الذي يضعه ملوك بريطانيا في احتفالات تتويجهم، ورداء من الفرو الصناعي والمخمل الأحمر. وارتبطت هاتان القطعتان بصورة الفنان البريطاني الذي حقق شعبية واس

«الشرق الأوسط» (لندن)

 واشنطن تتهم كوريا الشمالية بالتورط في «ابتزاز» شركات أميركية

 واشنطن تتهم كوريا الشمالية بالتورط في «ابتزاز» شركات أميركية
TT

 واشنطن تتهم كوريا الشمالية بالتورط في «ابتزاز» شركات أميركية

 واشنطن تتهم كوريا الشمالية بالتورط في «ابتزاز» شركات أميركية

عرضت الولايات المتحدة، الخميس، مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مخطط مزعوم حصل من خلاله عمال تكنولوجيا من كوريا الشمالية على وظائف في شركات أميركية ثم سرقوا أسرارها التجارية من أجل طلب فدية، واستُخدمت العائدات في تمويل برامج الأسلحة لبيونغ يانغ.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن نحو 130 عاملاً من كوريا الشمالية حصلوا على وظائف في تكنولوجيا المعلومات في شركات ومنظمات غير ربحية أميركية بين عامي 2017 و2023، وجمعوا 88 مليون دولار على الأقل استخدمتها بيونغ يانغ في أسلحة الدمار الشامل.

وقالت الولايات المتحدة إن جزءً من المبلغ الإجمالي كان عبارة عن فديات للعمال من أصحاب الأعمال وذهبت في نهاية المطاف إلى حكومة كوريا الشمالية. ولم يتم الكشف عن أسماء الشركات.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إنها تسعى للحصول على معلومات عن شركتين كوريتين شماليتين خاضعتين لعقوبات، هما شركة يانبيان سيلفر ستار نتوورك تكنولوجي ومقرها الصين، وشركة فولاسيس سيلفر ستار ومقرها روسيا، وذكرت أنهما تعاملتا مع العمال.

وقالت الولايات المتحدة إن العمال الذين كانوا يعملون إما من الصين أو روسيا سرقوا معلومات حساسة من الشركات وهددوا بتسريبها ما لم يدفع أصحاب الأعمال مبلغا مالياً.