حارس بولندا يتحدى مبابي: أنا من سيوقفك

براعة منافسه الفرنسي لوريس تنبئ بمعركة قفازات خاصة في موقعة «الثمامة» اليوم

شتشيزني سجل تألقاً لافتاً في الدور الأول من البطولة (أ.ف.ب)
شتشيزني سجل تألقاً لافتاً في الدور الأول من البطولة (أ.ف.ب)
TT

حارس بولندا يتحدى مبابي: أنا من سيوقفك

شتشيزني سجل تألقاً لافتاً في الدور الأول من البطولة (أ.ف.ب)
شتشيزني سجل تألقاً لافتاً في الدور الأول من البطولة (أ.ف.ب)

ستشهد مواجهة بولندا وفرنسا اليوم على استاد الثمامة ضمن الدور ثمن النهائي من بطولة كأس العالم 2022 في قطر، صراعاً جانبياً مثيراً بين حارسين يعدان من أفضل حراس البطولة حتى الآن، وهما البولندي شتشيزني والفرنسي لوريس، ما ينبئ بمهام شاقة للمهاجمين الأبرز عالمياً «ليفاندوفسكي ومبابي».
«المفتاح لإيقاف مبابي؟ أنا!»... هكذا أجاب الحارس البولندي فويتشيخ شتشيزني مازحاً.
ويشكل حارس عرين منتخب «بيالو تشيرفوني» بالفعل الحصن الأول في مواجهة فرنسا، بطلة العالم 1998 و2018 في ثمن النهائي.
مع خط هجوم خجول سجل هدفين فقط في ثلاث مباريات في المجموعة الثالثة، يُعتبر شتشيزني بين الخشبات الثلاث ضمانة لا تقدر بثمن. بعدما اهتزت شباكه مرتين فقط في الملاعب القطرية، بات البولندي الحارس الذي منع أكبر عدد من الأهداف، حسب «أوبتا» للإحصاءات.
ويؤكد الصحافي كميل كولسوت من صحيفة «رزيكزبوسبوليتا: «من دونه، لما نجحنا في التأهل»، مضيفاً: «هو اللاعب الأهم في التشكيلة. ليس روبرت ليفاندوفسكي الملتزم دفاعياً والذي لا يملك الفرصة للعمل في المقدمة».
دفعت كلمات شتشيزني البعض للابتسام، حتى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) أغضبه على سبيل التحذير، بنشره على تويتر صور الهدف الذي سجله مهاجم باريس سان جرمان الفرنسي كيليان مبابي خلال المواجهة أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري أبطال أوروبا.

مبابي في مهمة شاقة أمام الحارس البولندي شتشيزني اليوم (أ.ف.ب)

وحذر شتشيزني، صاحب 69 مباراة دولية، قبل مواجهة الأرجنتين في الجولة الثالثة الأخيرة الأربعاء قائلاً: «ليونيل ميسي، أدرسك!». وبالفعل صد حارس «السيدة العجوز» ركلة جزاء نفذها «البرغوث» الصغير، ولكن من دون أن يحول من خسارة بلاده بهدفين نظيفين.
وأقر تشيسلاف ميخنييفيتش مدرب بولندا بعد الهزيمة: «كان ذلك صعباً ولكن لحسن الحظ، شتشيزني في حالة رائعة»، متأسفاً ألا يحصل الهداف ليفاندوفسكي على تمريرات أكثر من زملائه.
وأثبت الحارس الفارع الطول (1.96 م) جدارته بين الخشبات الثلاث بعدما صد ركلة جزاء للسعودي سالم الدوسري في الفوز 2 - صفر في الجولة الثانية من دور المجموعات، ليحافظ أيضاً على نظافة شباكه أمام المكسيك.
لا يمكن أن نصبح أبطالاً بتسجيل الأهداف، على الأقل بإمكاننا محاولة مساعدة المنتخب...». قال شتشيزني المنحدر من وارسو، مضيفاً: «هذا جزء من العمل. نلعب المباراة في ذهننا ونحلل المنافس لساعات طويلة. نحلل دائماً مسددي ركلات الجزاء. في بعض الأحيان ننجح، في بعض الأحيان يأتي بغير فائدة».
خطا شتشيزني خطواته الأولى في آرسنال بإشراف المدرب الفرنسي أرسين فينغر، لكن الحظ أدار له ظهره مرات عدة في مسيرته.
وفي عام 2008، تعرض شتشيزني، نجل الحارس الدولي السابق ماتسيي، لكسر في يديه كلتيهما أثناء التمارين. وخلال كأس أوروبا 2012 حصل على بطاقة حمراء في مباراته الأولى. وفي عام 2016 أصيب باكراً. وخلال النسخة الأخيرة من البطولة القارية، اهتزت شباك الحارس السابق لروما الإيطالي بالنيران الصديقة بعد وقت قصير من صفارة البداية.
ولكن في سن الـ32 عاماً، وخلال ثاني مشاركة، وربما الأخيرة، في نهائيات كأس العالم يبدو أن البولندي تصالح أخيراً مع حظه... على أرض الملعب على الأقل. وبعدما ضرب ميسي على وجهه خلال احتكاك هوائي الأربعاء، اقترح على النجم الأرجنتيني المراهنة بـ100 يورو على أن حكم الفيديو المساعد (في إيه آر) لن يحتسب ركلة جزاء، إلا أنه خسر الرهان!
«لا أعرف ما إذا كان ذلك مسموحاً به في كأس العالم، فقد يتم إقصائي بسبب ذلك ولكني لا أهتم» قال ضاحكاً أمام وسائل الإعلام، ثم تابع: «لن أدفع المال أيضاً. (ميسي) لا يهتم بالـ100 يورو، أعتقد أنه لا يحتاجها!».
وفي المقابل، فرض حارس منتخب فرنسا هوغو لوريس وقائده منذ عام 2010 نفسه في تشكيلة أبطال العالم باعتباره قائداً «موثوقاً به» و«هادئاً» وشخصاً يستطيع التواصل مع الجميع.
وسيصبح الحارس البالغ من العمر 35 عاماً، الفرنسي الأكثر مشاركة في التاريخ، بالتساوي مع ليليان تورام (142 مباراة)، بعد خوضه مسيرة سلسة ومنتظمة بدءاً من نيس، مسقط رأسه، وصولاً إلى توتنهام الإنجليزي حيث يلعب منذ 10 أعوام، مروراً أيضا بنادي ليون الذي كان مسرحاً لبروزه الأهم في مسيرته.
ومع مرور السنوات، أصبح هذا الطفل من كوت دازور حارس عرين كليرفونتين، المركز التاريخي لمنتخب فرنسا الذي فتح له ذراعيه في عام 2008 بدعوة من ريمون دومينيك. ومن ثم تم تعيينه قائداً للمنتخب من قبل لوران بلان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 بعد فشل «كنيسنا» الذريع (في الإشارة إلى مونديال جنوب أفريقيا 2010).
وسبق أن قال الحارس المخضرم قبل مشاركته الرابعة في نهائيات كأس العالم: «الفتى الذي كان عمره 23 عاماً، عندما حصلت على شارة القيادة، والرجل الذي أنا عليه اليوم مختلفان تماماً، حتى لو التزمت بالمبادئ نفسها».
«الاستقرار»، «الاستمرارية»، «الهدوء»، و«الطمأنينة»، إنها أبرز الصفات لقائد منتخب بفرنسا حسب زميله وصخرة دفاع فرنسا رافايل فاران، الشاهد الأبرز على حجم لوريس لمنتخب فرنسا وأسهب قائلاً: «لدي الكثير من الاحترام له، للرجل الذي هو عليه. كانت فرصة للحصول على هذا الاستقرار في منتخب فرنسا ولفترة طويلة. إنه لاعب موثوق به للغاية ينقل هدوءه وطمأنينته إلى جميع اللاعبين».
في غيابه أمام تونس (خسارة 0 - 1)، افتقر الزرق أيضاً إلى الهدوء، ولم يكن المخضرم ستيف مانداندا مصدراً للثقة.
ويؤكد تيري مالاسبينا الذي عرفه كمدرب في مركز للتدريب في نيس عندما كان في سن الخامسة عشرة: «إنه متحفظ، لكنه مؤثر. إنه قائد حقيقي للاعبين. في غرفة خلع الملابس أو في الميدان، عندما يعبر عن نفسه، يفعل ذلك جيداً، وأنت تستمع إليه».
بدوره، قال مدرب فرنسا ديدييه ديشان إنه وجد استمرارية وثباتاً في لوريس، واصفاً إياه برجل الثقة مضيفاً: «إنه ليس شخصاً متطلباً جداً أو يبحث عن الضوضاء».
ويوضح لوريس: «عندما تتحمل مسؤولية القائد، يكون لدينا واجب تجاه الآخرين: أن نكون قدوة، ولكن أيضاً لإظهار القيادة». وتابع: «بصراحة، في بعض الأحيان لا نحتاج بالضرورة إلى التحدث».
وأشار مهاجم منتخب إنجلترا وزميله في توتنهام هاري كين قائلاً: «إنه يعرف متى يرسل الرسالة الصحيحة». وأضاف: «إنه رجل مجتهد وهادئ ولكنه أيضاً رجل شغوف حقاً».
يعرف لوريس أيضاً كيفية تنظيم حياته والفصل عندما يجب. لا يزال الأب لثلاثة أطفال متحفظاً مع عامة الناس، رغم كونه شخصاً سلساً جداً، إنما لطالما عُرف أنه رجل يتمتع بشخصية قوية وصريحة. يؤكد لوك لوريس ذلك «عندما يكون هناك شيء غامض، فإنه لا يخفي». وأضاف: «في أي مشكلة، سيفضل دائماً الشفافية، والاجتماع وجهاً لوجه».
وعندما يتعلق الأمر بالأمور الفنية، فإنه لا يتردد في الإشارة علناً إلى اختلالات في أداء المنتخب الفرنسي حيث قال بعد البقاء لمباراتين دون فوز في يونيو (حزيران) الماضي: «في بعض الأحيان قد تضطر إلى معرفة كيفية إنهاء المباراة في الماضي، من خلال اللعب حتى بشكل أقل قليلاً، كنا قادرين على الفوز بطريقة مختلفة».


مقالات ذات صلة

مونديال 2034... تتويج لائق لحقبة سعودية «وثابة»

رياضة سعودية الاستضافة المونديالية أكبر تتويج لجهود المملكة على الصعيد الرياضي (وزارة الرياضة)

مونديال 2034... تتويج لائق لحقبة سعودية «وثابة»

«إننا في المملكة ندرك أهمية القطاع الرياضي في تحقيق المزيد من النمو والتطوير»... هذه الكلمات هي جزء من حديث الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء،

فهد العيسى ( الرياض)
رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 (د.ب.أ)

قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى المونديال

سحبت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 في زيوريخ بسويسرا، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة سعودية من الاحتفالات التي شهدتها العاصمة السعودية الرياض بعد الفوز بالاستضافة المونديالية (رويترز)

حكام الإمارات يهنئون الملك سلمان وولي عهده بـ«استضافة المونديال»

هنأ حكام الإمارات، القيادة السعودية بمناسبة الفوز باستضافة كأس العالم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض )

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.