«فيسبوك» وغيرها تعارض التجسس على زبائنها

«تويتر» تطوعت بنفسها.. وحذفت 10 آلاف حساب تعتقد أنها إرهابية خلال يومين

«فيسبوك» وغيرها تعارض التجسس على زبائنها
TT

«فيسبوك» وغيرها تعارض التجسس على زبائنها

«فيسبوك» وغيرها تعارض التجسس على زبائنها

انتقد مصدر في شركة «فيسبوك» أمس لـ«الشرق الأوسط» مشروع قرار في الكونغرس يجبر «فيسبوك»، وغيرها من شركات التواصل الاجتماعي، على التجسس على زبائنها، بهدف مراقبة الإرهاب والإرهابيين. وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، بأن مشروع القانون لا يختلف عما كشفت عنه وثائق «ويكيليكس» عن تجسس وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) على الاتصالات الهاتفية داخل وخارج الولايات المتحدة بهدف كشف الإرهابيين. ورفض المصدر تحديد رد فعل معين من شركة «فيسبوك»، وقال: إن رئاسة الشركة، ورئاسة شركات أخرى، ستنسق جهودها، وستصدر بيانات محددة عن الموضوع. واشتكى بأن مشروع القانون «تنقل في مختلف المراحل التشريعية في الكونغرس بصورة سرية». وأن جلسة لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ التي أجازت مشروع القانون كانت سرية، ولم تدع لها شركات التواصل الاجتماعي. يوم الأربعاء الماضي، أجازت لجنة الاستخبارات، في جلسة سرية، مشروع القانون. ثم حولته إلى مجلس الشيوخ، كجزء من ميزانية وكالات الاستخبارات لعام 2016. صدر مشروع القانون على غرار قانون أصدره الكونغرس عام 2008 لحماية الأطفال. ويطلب من شركات الإنترنت إبلاغ المسؤولين عن أي صورة إباحية للأطفال. وتقديم معلومات عن الذي حمل الصورة. وتجميد حسابه. حسب القانون، تبلغ شركات الإنترنت المركز الوطني للأطفال المفقودين والأطفال المستغلين. ويحقق هذا في الصور، ويرسل المعلومات إلى المسؤولين في الشرطة المحلية أو الفيدرالية. صباح أمس، قال تلفزيون «سي إن إن» أن أعضاء لجنة الاستخبارات رفضوا الحديث للصحافيين عن تفاصيل الموضوع. غير أن مسؤولين في اللجنة سربوا معلومات فحواها أن مشروع القانون يطلب من شركات التواصل الاجتماعي «مراقبة مواقعها بهدف حماية الأمن الوطني». وأمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» بأن شركة «تويتر» تطوعت بنفسها، وحذفت حسابات تعتقد أنها إرهابية، أو تساعد على الإرهاب. وخلال يومين في شهر واحد، حذفت عشرة آلاف حساب.
وقال مسؤول للصحيفة، أيضا طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته: «يطلب مشروع القانون من شركات الإنترنت رصدا استباقيا للمشاركات، والرسائل، والصور، والفيديوهات. هذا مثل طلب شركات التلفونات مراقبة وتسجيل جميع الاتصالات الصوتية، والرسائل النصية».
وأضاف: «لأن الأغلبية العظمى من الناس في هذه المواقع لا تفعل أي شيء خطأ، يرى كثير من المراقبين أن هذا النوع من الرصد ليس إلا غزوا للخصوصية. وسيكون تنفيذه صعبا من الناحية الفنية».
لكن، أيد آخرون مشروع القانون. وقال مايكل لايتار، مدير سابق في مركز مراقبة الإرهاب الوطني (إن سي سي)، والآن نائب رئيس شركة «لايدوس» للمعلومات الأمنية: «في كثير من الحالات، عندما تعلم شركات التواصل الاجتماعي بأي محتويات إرهابية، يكون هذا فائدة حقيقية للمسؤولين عن الأمن، وربما حتى لسمعة هذه الشركات». وأضاف: «نعم، قوانين مثل هذه دائما حساسة بالنسبة للتعديل الأول للدستور (الحرية الشخصية). وبالنسبة لمصالح هذه الشركات. لكن، في النهاية، هذه هي النسخة التكنولوجية من شعار: (إذا رأيت شيئا، قل شيئا)».
حسب مشروع القانون، على شركات الإنترنت: «عند المعرفة الفعلية لأي نشاط إرهابي. يجب إبلاغ السلطات المختصة عن وقائع، أو ظروف، هذا النشاط الإرهابي المزعوم». وأن هذه النشاطات يمكن أن تشمل «أي عمل، أو تغريدة، أو حساب، أو فيديو، أو تواصل مع أي شخص».
وحسب تصريحات مصدر «فيسبوك»، لا تراقب «فيسبوك»، وبقية شركات التواصل الاجتماعي النشاطات فيها. وحسب تصريحات مصدر لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: «يجب أن لا يشكل مشروع القانون عبئا كبيرا على هذه الشركات. لقد سمعنا من المسؤولين عن الأمن أن دور الشركات هام جدا». لكن، في الجانب الآخر، قال مسؤولون في منظمات حقوق الإنسان بأن مشروع القانون يهدد الحرية الشخصية للمواطنين. وقال غريغوري نجيم، مسؤول كبير في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا (سي دي تي) في واشنطن: «سيحول مشروع قانون الاستخبارات هذا شركات التواصل الاجتماعي إلى شرطة كلامية. لكن، حتى هنا، لا يقدم مشروع القانون توجيهات عما هو هذا الكلام».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.