إغلاق قناة «بول تي في» الباكستانية يهدد مصير آلاف الصحافيينhttps://aawsat.com/home/article/399941/%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%C2%AB%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%AA%D9%8A-%D9%81%D9%8A%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86
إغلاق قناة «بول تي في» الباكستانية يهدد مصير آلاف الصحافيين
400 صحافي باكستاني نظموا وقفة أمام نادي الصحافة بإسلام آباد للضغط على الحكومة كي تسمح لتلفزيون «بول تي في» بإعادة بثه الاعتيادي (أ.ب)
نظم نحو 400 صحافي وقفة أمام نادي الصحافة بإسلام آباد للضغط على الحكومة كي تسمح لتلفزيون «بول تي في» بإطلاق بثه الاعتيادي. ورفع المعتصمون شعارات ولافتات تقول: «دعوا قناة بول (وتعني الكلام) تتكلم» بينما تقول لافته أخرى «نريد حقنا في ممارسة العمل الصحافي في البلاد». وتجمع الصحافيون، الذي يعمل غالبيتهم في تلفزيون «بول تي في»، أمام نادي الصحافة للاحتجاج على قرار حكومي لوقف بث قناة «بول تي في» بعد نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريرا يكشف تورط الشركة الأم لقناة «بول تي في»، شركة التقنية «اكساكت»، في فضيحة بيع شهادات مزورة على نطاق واسع. وتسبب الحظر المفروض على قناة «بول تي في» في أزمة كبيرة لآلاف الصحافيين الذين ارتبطوا بالعمل مع القناة. ومع مرور الوقت، يتضح إصرار الحكومة وهيئة تنظيم الاتصالات «بيرما» على عدم السماح للقناة بالعمل بعد القبض على مالكها بتهمة بيع شهادات دراسية ودبلومات مزورة. وتم منع القناة من إطلاق بثها بعد نشر نيويورك تايمز تحقيقا حول تورط الشركة الأم «اكساكت» في فضيحة بيع شهادات دراسية ودبلومات مقابل عدة ملايين من الدولارات لأشخاص في الولايات المتحدة وباكستان. وبعد كشف الفضيحة، انسحب صحافيون كبار كانوا يتقلدون مناصب قيادية في «بول تي في» من العمل، تاركين خلفهم آلاف الصحافيين في أزمة التفكير في مستقبلهم. وشرعت الحكومة الباكستانية نفسها في إجراء تحقيقات ضد الشركة وألقت القبض على مالك القناة ساهويب شيخ، وسارع كبار الصحافيين بالقناة بالاستقالة من مناصبهم وشرعوا في البحث عن أماكن أخرى في مجال الإعلام بدافع أخلاقي، بحسب إفادتهم. وكان من بين كبار المسؤولين التنفيذيين المستقيلين كمران خان وأزهر عباس. وقال كمران خان، رئيس ومدير تحرير قناة «بول تي في في» تغريدة على موقع تويتر «لم يتم البت في صحة الدعاوى المقامة ضد شركة اكساكت ولم تُصدر المحكمة حكما بشأنها حتى الآن إلا أن ضميري يمنعني من الاستمرار». وكان خان قد طالب المحكمة العليا بتشكيل لجنة مستقلة من الخبراء للنظر في دعاوى صحيفة نيويورك تايمز حول شركة اكساكت، إلا أنه «قرر الانسحاب من قناة بول مباشرة»، حسب تغريدة كمران على موقع تويتر. كذلك تقدم أزهر عباس، رئيس قطاع الإخبار والمدير التنفيذي بالقناة، باستقالته بعد مشاورات مع المحررين والعاملين بالقناة، حسب إفادة عباس نفسه الذي قال أيضا في تغريدته «لقد شكلت فريقا عظيما من الصحافيين وأتمنى لهم كل التوفيق».
«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».
هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.
يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».
رصد نشاط بانون
في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.
وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.
درع ضد التضليل
أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.
الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.
ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.
الهدف تعميق الاستقطاب
وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.
وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.
التوسّع عالمياً
كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.
كلام فون دير لاين
وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».
وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».
حصيلة استطلاعات مقلقة
في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.
وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.