المعارضة السورية تخرق «خط الدفاع» عن حلب بعد خوض «أصعب المعارك».. والنظام يردّ بالقصف

تسعى لفتح الطريق باتجاه حلب الجديدة.. ومراقبون يصفونه بـ«التقدم الاستراتيجي»

المعارضة السورية تخرق «خط الدفاع» عن حلب بعد خوض «أصعب المعارك».. والنظام يردّ بالقصف
TT

المعارضة السورية تخرق «خط الدفاع» عن حلب بعد خوض «أصعب المعارك».. والنظام يردّ بالقصف

المعارضة السورية تخرق «خط الدفاع» عن حلب بعد خوض «أصعب المعارك».. والنظام يردّ بالقصف

صدّت قوات المعارضة السورية أمس هجمات شنتها القوات الحكومية لاستعادة سيطرتها على مركز البحوث العلمية غرب مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، وواصلت قصفها مواقع القوات الحكومية في محاولة للتقدم إلى العمق باتجاه أحياء حلب الجديدة التي ستكون «بوابة دخول قوات المعارضة إلى غرب حلب»، كما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
كانت غرفة عمليات «فتح حلب» المؤلفة من مجموعة فصائل مقاتلة بينها «لواء صقور الجبل» و«حركة نور الدين زنكي» ولواء «الحرية الإسلامي»، قد سيطرت بشكل كامل على مركز البحوث العلمية الواقع عند الأطراف الغربية لمدينة حلب، في أول تقدم استراتيجي تحرزه قوات المعارضة في المدينة منذ عام 2013. ورأى عبد الرحمن أن «هذا الإنجاز هو تقدم استراتيجي بارز بالنسبة إلى معركة حلب خلال السنتين الماضيتين»، مشيرا إلى أن السيطرة على المركز «تعرض للخطر حي حلب الجديدة والأحياء الغربية الأخرى الواقعة تحت سيطرة النظام».
من ناحية ثانية، كان مقاتلو المعارضة تمكنوا في 17 مايو (أيار) من الاستيلاء على حي الراشدين المتاخم لمركز البحوث. ويشن تجمع يضم «جبهة النصرة» وفصائل أخرى غالبيتها إسلامية منذ الخميس هجوما عنيفا على حي جمعية الزهراء إلى الشمال من مركز البحوث في غرب حلب أيضا. لكنهم بعدما تمكنوا من السيطرة على بضع نقاط، اضطروا ليلا إلى التراجع تحت وطأة الضربات الجوية التي ينفذها النظام. وحول هذه النقطة أوضح عبد الرحمن أن «الضربات الجوية المكثفة أعاقت تقدم المعارضة»، مشيرا إلى أن النظام والمعارضة «تبادلا الأدوار بالقصف، حيث انحسرت القوة النارية للمعارضة التي استخدمت للسيطرة على مركز البحوث العلمية، في وقت كثف فيه النظام من وتيرة القصف الجوي، إضافة إلى صواريخ من نوع أرض - أرض».
وتسعى المعارضة عبر هذا الخرق في منطقة البحوث العلمية للتقدم باتجاه أحياء حلب الجديدة، والالتفاف شمالا باتجاه حي جمعية الزهراء الذي يقول ناشطون إنه يتضمن تجمعا لمقاتلي حزب الله اللبناني، ويعوق تقدم المعارضة باتجاه الأحياء الشمالية في المدينة. ويشكل «البحوث العلمية» خط الدفاع الأساسي عن حلب الجديدة، التي باتت المعارضة اليوم تبعد مسافة كيلومتر واحد عنها، وتفصلها عن المنطقة أرض سهلية تعوق تقدم المعارضة بسهولة، كما تمنع النظام من شن هجمة مضادة لاستعادة البحوث العلمية «لأن قواته ستكون بمرمى صواريخ التاو»، كما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط».
وحول الوضع الميداني، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط توماس بييريه، الأستاذ المحاضر في جامعة إدنبره، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن النظام «بفقدانه مركز البحوث العلمية فقد خط دفاع مهمًا، مما يجعل سيطرته على الأحياء في غرب حلب أكثر هشاشة».
وباتت منطقة البحوث في هذا الوقت «منطقة عسكرية وخط اشتباك محتدم»، بحسب عبد الرحمن الذي أفاد بأن قوات النظام «لا تزال تسيطر على الجهة الشرقية من مجمع البحوث العلمية». ويمتد مركز البحوث العلمية على مساحة واسعة جدا ويضم مباني وهنغارات عديدة، وقد تحول بعد الحرب إلى ثكنة عسكرية لقوات النظام. وفي المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري أن وحدات الجيش العاملة في حلب «كبّدت إرهابيي (داعش) وجبهة النصرة خسائر كبيرة في الأفراد والعتاد في عمليات دقيقة ضد بؤرهم وتحركاتهم» في حلب.
في الوقت نفسه، تواصلت المعارك «بشكل عنيف جدا وجنوني»، بحسب المرصد، في محيط حي جمعية الزهراء، علما بأنه لا ينظر طرفا النزاع إلى معركة حلب على أنها سهلة. فقد أطلق مقربون من النظام عليها اسم «أم المعارك»، في حين اعتبرتها قوات المعارضة «معركة فتح حلب». ويشرح رامي عبد الرحمن أن المعركة «لن تكون سهلة مثل إدلب، لأن النظام يعتبرها معركة وجوده في الشمال، ولا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية كبيرة تؤيده، وهي موجودة في أحياء حلب»، لكنه أشار إلى أن قوات المعارضة «تتمدّد، وقد بات بعض المقاتلين موجودين في منطقة جمعية الزهراء والمخابرات الجوية بعد موجة التفجيرات بالأنفاق التي اعتمدتها المعارضة مطلع العام الحالي، وفي طليعتهم مقاتلون من الشيشان يتبعون فصيل (جيش المجاهدين والأنصار)».
من جهته، قال الباحث بييريه: «من الصعب التنبؤ إذا كان تقدم المعارضة سيستمر في حلب وإن كانت الأمور ستتطور سريعا، أم لا. يرتبط ذلك بعديد النظام على الأرض ومحفزاته، وهو ما لا نملك معلومات وافية عنه»، وتابع: «حلب الغربية ساحة معركة صعبة بالنسبة إلى المعارضين. فالشوارع عريضة على جانبيها أبنية مرتفعة يمكن لقناصة النظام أن يتمركزوا فيها، كما يمكن للآليات المدرعة أن تنتقل بسهولة في المنطقة».
وطورت قوات المعارضة من الأسلحة المستخدمة في عملياتها العسكرية، حيث بث ناشطون أمس صورا لإطلاق صواريخ «عمر» المحلية الصنع «بعد تطويرها»، وأظهرت الصور إطلاقها عن شاحنات مزودة برافعات، وتحمل الشاحنة الواحدة صاروخين فقط. وتحافظ المعارضة وقوات النظام تقريبا على المناطق الخاضعة لسيطرة كل منهما منذ عام 2013، رغم وجود استثناءات طفيفة. ويقاتل الطرفان في غرب حلب على جبهة تمتد إلى 13 كيلومترا، بعمق يتراوح بين 1 و3 كيلومترات. وذكرت مواقع لبنانية مؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أن هذه المنطقة تضم مواقع مهمّة تقليديا للجيش السوري تبدأ من المخابرات الجويّة وقاعدة للدفاع الجوي ومدفعية الزهراء ومركز البحوث وأكاديمية الأسد، وصولا إلى مدرسة المدفعية جانب الراموسة التي تشكّل حاليا مفتاح الدخول إلى حلب عبر طريق خناصر - السلمية وهو الطريق الوحيد لعبور قوات النظام إلى المدينة.
وكانت المعارك اندلعت في حلب صيف 2012 عندما تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على أجزاء واسعة منها، وانقسمت المدينة سريعا بين أحياء تحت سيطرة النظام في الغرب وأخرى تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في الشرق، علما بأن مقاتلي المعارضة موجودون في مناطق متعددة في ريف حلب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».