فصائل المعارضة تستعيد مبادرة المواجهة في الزبداني بإطلاقها «البركان الثائر»

خبير عسكري: هي جزء من «معركة القلمون» ويهدف النظام و«حزب الله» من خلالها إلى تأمين العاصمة

فصائل المعارضة تستعيد مبادرة المواجهة في الزبداني بإطلاقها «البركان الثائر»
TT

فصائل المعارضة تستعيد مبادرة المواجهة في الزبداني بإطلاقها «البركان الثائر»

فصائل المعارضة تستعيد مبادرة المواجهة في الزبداني بإطلاقها «البركان الثائر»

أعلنت فصائل المعارضة في مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي، يوم أمس، انطلاق معركة «البركان الثائر»، بعد ساعات على عمليات نفذها «حزب الله» و«قوات النظام» على الأطراف الغربية للمدينة، واستقدامهما المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة. وفيما رأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن المعركة لن تكون طويلة الأمد بفعل غياب توازن القوى بين الطرفين، لا سيما أن حزب الله يملك مخازن أسلحة كبيرة في جبال المنطقة، اعتبر الخبير العسكري العميد المتقاعد إلياس فرحات أنّها جزء أساسي من معركة القلمون، وهي تهدف إلى تحصين ما سبق أن تحقّق في السلسلة الشرقية وتأمين جنوب وغرب العاصمة دمشق.
وقال فرحات المقرب من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»: «إن معركة الزبداني كانت منتظرة ومتوقعة من الناحية العسكرية، لكنها أرجئت بانتظار نتائج المفاوضات التي كانت تقوم بها لجان مصالحة من قبل الطرفين». وأوضح «أن هذه المفاوضات يبدو أنها وصلت إلى حائط مسدود، وبالتالي لم يعد أمام الطرفين إلا المواجهة العسكرية التي تتوقف على إرادة فصائل المعارضة على الاستمرار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لإخراجهم من المنطقة».
وأكد فرحات أن انطلاق معركة مدينة الزبداني المحاصرة أساسا من قبل قوات النظام لا يعني توقف معركة القلمون التي بدأت قبل نحو ثلاثة أشهر، بل على العكس من ذلك سيسيران في خط متوازن، وقال: «منذ بدء معركة القلمون كان متوقعا أنها لن تكون سهلة نظرا إلى مساحة الأرض وطبيعتها الوعرة»، لافتا إلى أنه لا تزال هناك منطقة صغيرة في جرود عرسال بحيث يتم بعدها فتح الطريق نحو المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، حيث المواجهة حتمية في جرود الجراجير وقارة، وتمتد إلى القلمون الشرقي باتجاه حمص ودمشق.
في المقابل، قال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «بفعل القوة النارية التي واجه بها النظام هجوم المعارضة التي وصلت يوم أمس إلى أكثر من 60 غارة، يمكن القول إن معركة الزبداني التي كان يحضّر لها حزب الله وقوات النظام قد بدأت، لكن يبدو أنها لن تكون طويلة المدى ومصيرها شبه معروف نظرا إلى غياب توازن القوى بين الطرفين». وأوضح «أنّ حزب الله يمتلك مخازن أسلحة له في جبال الزبداني كافية لحسم المعركة ومنع المعارضة من التقدم باتجاه المنطقة».
ورأى عبد الرحمن أن الهجوم الذي قام به حزب الله قبل يومين كان بهدف جس النبض، فكان الرد من المعارضة يوم أمس في محاولة منها لأخذ المبادرة، واستهداف حاجز الشلاح حيث قتل 5 عناصر من قوات النظام بينهم ضابط برتبة نقيب، فيما كان رد النظام بإمطار المنطقة بالقصف بعشرات الغارات وصل عددها حتى ساعات بعد الظهر إلى 64 غارة.
وفيما تسيطر المعارضة على مدينة الزبداني يخضع محيطها وجبالها لسيطرة حزب الله وقوات النظام، اللذين يسعيان إلى السيطرة على المدينة لتأمين كامل الشريط الحدودي مع لبنان والطريق من القلمون إلى ريف دمشق ودمشق.
ومدينة الزبداني محاصرة من قبل حواجز النظام منذ ثلاث سنوات التي تمنع دخول المواد الطبية والغذائية والمحروقات إليها، كما تتعرض بشكل مستمر إلى قصف مستمر تشنه العناصر المتمركزة عند تلك الحواجز على أحياء المدينة، وفق ما تؤكده مواقع معارضة.
وكانت فصائل المعارضة قد شنت هجوما عنيفا يوم أمس على حاجز الشلاح المنيع، الذي يحوي عدة مدرعات، ويُعتبر نقطة الدفاع والهجوم الأولى لقوات النظام من الجهة الشمالية الشرقية لمدينة الزبداني كضربة استباقية، وذلك بعد معلومات عن نية قوات النظام وحزب الله اقتحام المدينة، وفق ما أشارت إليه مواقع معارضة لافتة إلى تمكنها من السيطرة على الحاجز، إضافة إلى بناء الثلج وبناء سناك التنور في محيط الشلاح وقتل عدد كبير من الجنود.
وقال «مكتب أخبار سوريا» المعارض: «شن طيران النظام عشرات الغارات بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة على مدينة الزبداني، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ريف دمشق الغربي، بينما هاجمت فصائل المعارضة في الزبداني تجمّعات القوات الموالية للنظام التي تحتشد منذ أيام في محيط المدينة، والمكونة من الجيش النظامي وقوى الدفاع الوطني واللجان الشعبية وحزب الله التي تحاول اقتحام المدينة».
ونقل المكتب عن مصدر ميداني تأكيده سيطرة المعارضة على مباني حاجز الشلاح التي كانت تتمركز فيها القوات النظامية جنوب شرقي المدينة، على طريق الزبداني بريف دمشق، واغتنموا أسلحة ثقيلة وخفيفة. وقد أدّت العملية إلى مقتل عناصر من القوات النظامية كانوا موجودين على الحاجز، بينهم ضابطان، فيما أسفرت العملية عن مقتل ثلاثة من عناصر المعارضة.
من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنباء عن تقدّم لفصائل المعارضة في منطقة حاجز الشلاح، لافتا إلى استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة والمقاتلة من جهة أخرى، إثر هجوم لمقاتلي الأخير على الحاجز، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل خمسة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها على الأقل، بينهم ضابط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.