«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

تحديات صعبة تنتظره بعد تدهور المؤسسات الديمقراطية

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة
TT

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

بعد 12 سنة على نهاية ولايته الرئاسية الثانية، يعود لويس إيناسيو «لولا» دا سيلفا، مطلع العام المقبل إلى قصر الفورادا، مقر رئيس جمهورية البرازيل، وذلك إثر فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الأخيرة التي نال فيها نحو 51% من الأصوات مقابل نحو 49% لمنافسه الرئيس الحالي اليميني المتطرف جاير بولسونارو. ولقد حصل حزب العمّال الذي يتزعمه «لولا» على 13.3 مليون صوت، أكثر مما جمعه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2018، في حين لم يجمع بولسونارو أكثر من 400 ألف صوت، أكثر من الانتخابات السابقة. تُعد عودة «لولا» إلى الحكم، وهو أول رئيس يفوز بولاية ثالثة في تاريخ البرازيل، بمثابة بداية عصر جديد يقتضي إعادة ترميم هذا البلد الذي يعاني من شرخ سياسي واجتماعي عميق، ويُلقي بمسؤولية ضخمة على عاتق هذا الزعيم اليساري الذي تجاوز السابعة والسبعين من عمره، وتعافى من مرض السرطان وأمضى سنة ونصف السنة في السجن بعد إدانته بتهمة الفساد التي برّأته منها لاحقاً المحكمة الدستورية وأعادت إليه حقوقه السياسية التي كان حرمانه منها قد منعه من خوض الانتخابات السابقة التي فاز بها بولسونارو. وبعد أربع سنوات من الاستقطاب الممنهج الذي اتسمت به ولاية الرئيس السابق اليميني المتطرف، وما نجم عنه من تدهور للمؤسسات الديمقراطية وتهميش للسلطات القضائية وتحقير للأقليات وترويج لاستخدام الأسلحة الفردية، تقع الآن على عاتق «لولا» مهمة ترميم التعايش في بلد يزيد عدد سكانه على 214 مليوناً، واستعادة القيم التي انهارت، وتجاوز الانقسام الحاد الذي أظهرته نتائج الانتخابات الذي يهدد بتعطيل السياسات الإصلاحية في المستقبل.
يقول فرناندو مورايس، صديق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو «لولا» دا سيلفا وكاتب سيرته، إن الأخير أمضى العقود الثلاثة المنصرمة من حياته يتنفسّ السياسة ولا يمارس أي نشاط غيرها. وهي الوقود الذي يحرّك هذا الرجل الذي خاض كل المعارك، ونهض من موت سياسي سريري، ليعود ويمسك بزمام القوة الاقتصادية والديمغرافية في أميركا اللاتينية، بعدما سبق وحكمها في العام 2003 ثم في العام 2010.
كان ضرباً من الخيال تصوّر المشهد الذي تعيشه البرازيل اليوم، عندما كان «لولا»، الذي بدأ يعمل منذ صباه في مصنع للصلب قبل أن يصبح زعيماً نقابياً ويؤسس حزب العمّال، مجرد جثّة سياسية منذ أربع سنوات. إذ أُدخل السجن قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها المرشح اليميني المتطرف جاير بولسونارو الذي يحنّ إلى عهد الديكتاتورية العسكرية... التي أمضى «لولا» في سجونها فترات عندما كان زعيماً نقابياً يقود المظاهرات المطالبة بحقوق العمال.
- رجل دخل التاريخ
دخل «لولا» التاريخ البرازيلي في العام 2003 عندما أصبح أول عامل يصعد إلى سدّة الرئاسة في بلد طبقيّ بامتياز وموصوف بالفوارق الاجتماعية الحادة. ولقد تحوّل بالنسبة لبعض مواطنيه إلى بطل قومي أنهض عشرات الملايين من براثن الجوع والفقر وأعطاهم فرصاً لم يكن آباؤهم يحلمون بها، في حين رأى فيه آخرون زعيماً لعصابة نهبت المال العام من عائدات شركة النفط الوطنية ومُداناً محكوماً عليه بالسجن عشرين شهراً قبل أن تلغي المحكمة العليا الحكم الصادر بحقه.
منذ ثلاثة عقود يتصدّر «لولا» المشهد السياسي البرازيلي الذي يدور حوله باستمرار. ولا ينكر له أحد قدراته الخارقة على التفاوض، وبراعته في التواصل مع الجماهير، ووقوفه دائماً إلى جانب المهمّشين والكادحين. ويؤكد الذين رافقوه على مقاعد الدراسة، أنه كان متفوقاً في التعبير الشفوي والخطّي مع أنه لم يكن في عداد الناجحين دائماً.
شارك «لولا» خلال النصف الأول من سبعينات القرن الفائت في الحركة التأسيسية لحزب العمال البرازيلي، التي كانت تضمّ مجموعة متباينة المشارب من معارضي النظام العسكري، يتراوح أعضاؤها بين قادة نقابيين ومثقفين يساريين وناشطين كاثوليكيين من تيّار لاهوت التحرّر.
كانت تلك الحركة تسعى إلى التمايز عن التيارات النقابية الرسمية، في الوقت الذي كانت تحاول أيضاً تطبيق نمط جديد من الاشتراكية الديمقراطية يختلف جذريّاً عن النموذجين السوفياتي والصيني اللذين كانا قد دخلا مرحلة الأفول والانهيار.

من النقابة إلى الرئاسة
في أواسط الثمانينات تولّى «لولا» قيادة نقابة عمّال الصلب، وكان أحد المخططين البارزين للإضرابات الكبرى إبان الحكم العسكري، التي كان لها كبير الأثر في تسريع سقوط النظام. وبعدما فشلت محاولاته الثلاث المتتالية للوصول إلى الرئاسة منذ العام 1989. تمكّن في العام 2002 من الفوز بالانتخابات الرئاسية، ثم جدّد ولايته في الانتخابات التالية عندما كان في ذروة شعبيته التي حطمّت كل الأرقام القياسية في تاريخ البرازيل. وخلال السنوات الثماني التي أمضاها في الرئاسة، أجرى إصلاحات وتغييرات جذرية أحدثت تحولاً اجتماعياً واقتصادياً عميقاً ضاعف الناتج المحلي ثلاث مرات، ورفع البرازيل إلى مرتبة القوة الاقتصادية السادسة في العالم.
المراقبون يُجمعون على أن السياسات التي انتهجتها حكومات «لولا» لعبت الدور الأساسي في النهضة الاقتصادية البرازيلية، وحققت إنجازات مشهودة في مجال الحد من الفقر والجوع استفاد منها أكثر من ربع سكان البلاد. وعلى الصعيد الدولي كان له دور بارز في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، وفي إبرام الاتفاقية الدولية لتغيّر المناخ. وعند نهاية ولايته الرئاسية الثانية كانت شعبيته تتجاوز 80% بين السكان، إلا أنها بدأت تتراجع في العام 2016 بعد انفجار قضية الفساد حول شركة النفط الوطنية «بتروبراز» التي طالت عدداً كبيراً من أعضاء حزب العمال وأدّت إلى صدور حكم بسجنه لمدة تسع سنوات وستة أشهر، وكانت تلك أول مرة يُحكَم فيها على رئيس برازيلي بالسجن بتهمة الفساد.
وحقاً، في أبريل (نيسان) 2018 أُدخل «لولا» السجن حيث أمضى 580 يوماً، ومنعه ذلك العام من الترشح للانتخابات الرئاسية التي فاز بها بولسونارو، الذي عيّن القاضي سيرجيو مورو، الذي كان قد أصدر الحكم بسجن «لولا»، وزيراً للعدل في حكومته الأولى قبل أن يختلف معه ويقدم مورو استقالته. وبعدها، في أواخر العام 2019 صدر قرار قضائي بالإفراج عن «لولا»، ثم أصدرت المحكمة العليا قراراً في مارس (آذار) من العام التالي يلغي جميع الأحكام الصادرة بحقه على أساس أن القاضي مورو لم يكن يتمتع بالصلاحيات التي تخوّله النظر بالجرائم المنسوبة إليه.
- النشأة وبداية المسيرة
نشأ «لولا» في كنف أسرة من الفلاحين، صغيراً لسبعة أشقاء، في إحدى قرى الريف الصغيرة التي هاجرها والده بُعيد ولادته إلى مدينة ساو باولو ليعمل حمّالاَ في المرفأ. والحقيقة أن «لولا» لم يعرف والده حتى بلوغه الخامسة، وقد وصفه في سيرته الذاتية بأنه «كان بئراً من الجهل ومدمناً على الخمر».
في العام 1956 وبعد رحلة شاقة طالت ثلاثة عشر يوماً مع والدته وإخوته في شاحنة زراعية، استقرّت العائلة في ساو باولو حيث بدأ بالعمل ماسح أحذية وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره. ثم انتقل بعدها ليعمل مساعداً في مصبغة قبل أن ينصرف إلى بيع الفواكه على عربة نقّالة.
في الرابعة عشرة غادر «لولا» المدرسة نهائياً ليعمل في مصنع صغير للصلب، حيث تابع دورة دراسة مهنية لثلاث سنوات. في تلك الفترة تفتحت اهتماماته السياسية عندما اعتقلت السلطات العسكرية شقيقه الأكبر، الذي كان منتسباً إلى الحزب الشيوعي، وتعرّض الأخ يومها للتعذيب.
وفي العام 1969 انتُخب «لولا» وشقيقه عضوين في اللجنة التنفيذية لنقابة عمال الصلب، التي أصبح لاحقاً مديراً لقسم الرعاية الاجتماعية فيها قبل أن يُنتخَب رئيساً لها عام 1975 بنسبة 92% من الأصوات. وبعد ثلاث سنوات، أُعيد انتخابه... ليبدأ مرحلة من المواجهة مع النظام العسكري (يومذاك)، تخللتها سلسلة من الإضرابات العامة والمظاهرات الحاشدة في ساو باولو التي طالت إحداها 41 يوماً وشارك فيها أكثر من 300 ألف عامل.
- الفكر الحزبي العملي
في تلك الفترة طرح «لولا» على مجموعة من رفاقه فكرة تأسيس حزب سياسي يكسر المعادلة الثنائية التي كانت سائدة في حينه، ويكون المدافع عن حقوق العمال. وهكذا تأسس حزب العمال البرازيلي في فبراير (شباط) 1980 بدعم من بعض السياسيين والمثقفين اليساريين، وتوجُّه اشتراكي تروتسكي. وفي العام 1986 انتُخب «لولا» عضواً في الجمعية التأسيسية التي قررت استعادة نظام الاقتراع الحر والمباشر لرئيس الجمهورية وإنهاء النظام العسكري.
وفي الانتخابات العامة التي أُجريت ذلك العام، حلّ حزب العمال أولاً بين الأحزاب اليسارية، ليحقق لاحقاً أول انتصار كبير له عندما فاز في الانتخابات البلدية في 36 من المدن الكبرى، من بينها ساو باولو وبورتو آليغري. ولكن في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام 1989. خسر «لولا» رهانه الأول في الدورة الثانية بفارق صغير أمام فرناندو كوليور دي ميلو. إلا أنها كانت المرة الأولى في تاريخ البرازيل التي يترشّح فيها للرئاسة زعيم نقابي كان قد طرح في برنامجه خطة لوضع حد أدنى لأجور العمال ومشروعاً للإصلاح الزراعي. ولقد بيّنت تحقيقات صحافية لاحقة أن تلك الانتخابات، التي تضافرت فيها جهود وسائل الإعلام الكبرى وقطاعات المال والأعمال ضد «لولا»، شهدت تزويراً وتخللتها تجاوزات قانونية كثيرة لصالح المرشح اليميني الذي قاد أيضاً حملة تشهير وأضاليل وتلفيقات ضد «لولا»، من بينها تركيب عملية اختطاف لأحد رجال الأعمال المعروفين قبل أسبوع من الانتخابات، ثم تحريره على يد الشرطة، واتهام حزب العمال بتدبير تلك العملية. وأدى انكشاف تلك التجاوزات إلى موجة عارمة من الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد شارك فيها أكثر من خمسين مليون برازيلي، وانتهت باستقالة كوليور دي ميلو بنهاية العام 1992 وإحالته إلى المحاكمة. لكن «لولا» عاد ليفشل في ترشحه للرئاسة مرتين في العام 1994 ثم في العام 1998، قبل أن يفوز عام 2002 بولايته الرئاسية الأولى التي عاد وجدّدها في العام 2006.
- دور أمّه المحوري
يقول المقرّبون من «لولا» إن أمه هي الشخصية المحورية في حياته. وهو يذكرها باستمرار في كل المناسبات، وغالباً ما يتحدث في خطاباته عن «تلك المرأة الأميّة والصارمة التي ربّت عائلة من سبعة أولاد، وهي تتعرّض للمهانة وسوء المعاملة من زوجها المدمن على الكحول». ويقول مورايس، صديقه وكاتب سيرته، إن «لولا» يتميّز بحرصه على الاستماع لأكبر عدد ممكن من الآراء قبل أن يتخذ قراره النهائي، ثم إنه يتقن التواصل بعفوية مع بسطاء القوم وكبارهم، ولا مكان عنده للحقد حتى على ألدّ أعدائه، علماً بأن حياته كانت صعبة جداً منذ بداياتها، وفقد زوجته الأولى عند ولادة ابنهما الثالث، كما توفيت زوجته الثانية عندما كان على وشك دخول السجن عام 2018.
ختاماً، عندما تأكد فوزه في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد الفائت، خرج «لولا» أمام أنصاره ليقول: «أعدّ نفسي مواطناً قام من الموت. حاولوا دفني حيّاً، لكن ها أنا ذا هنا من جديد... وأعدكم بأن مكافحة الجوع ستكون في طليعة أولوياتي، تليها إعادة البرازيل إلى المسرح الدولي».


مقالات ذات صلة

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

الرياضة رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

يُطلق نجم كرة القدم البرازيلي رونالدينيو دوريا مخصصا لكرة قدم الشارع في جميع أنحاء العالم، وذلك لمنح اللاعبين الشباب الموهوبين فرصة لإظهار مهاراتهم واتباع نفس المسار نحو النجومية مثل لاعب برشلونة السابق، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». قال المنظمون اليوم (السبت) إن دوري رونالدينيو العالمي لكرة قدم الشارع سيبدأ في «أواخر عام 2023»، وسيتضمن في البداية عملية اختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للاعبي كرة القدم في الشوارع من جميع الأعمار تحميل أفضل مهاراتهم وحيلهم في محاولة للانضمام إلى أحد فرق المسابقة. ستقام المباريات وجهاً لوجه في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وستتنافس الفرق في الدور

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم الأربعاء في مدريد أن «تحديد الطرف الم»" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا «لا يفيد في شي»، مؤكدا أن مفاوضات السلام لها الاولوية. وقال الرئيس البرازيلي الذي يزور اسبانيا في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز «لا يفيد أبدا تحديد الطرف المحق والطرف الخاطئ (...). ما يجب القيام به هو إنهاء هذه الحرب»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

يعود لويس إينياسيو لولا إلى أوروبا، لكن رئيساً للبرازيل هذه المرة، بعد أن أثارت مواقفه وتصريحاته بشأن الحرب في أوكرانيا موجة من الاستغراب والاستياء في العديد من البلدان الغربية لاعتبارها منحازة إلى موسكو وبعيدة حتى عن موقف الأمم المتحدة. وكان لولا قد وصل مساء الجمعة إلى العاصمة البرتغالية، لشبونة، التي هي عادة البوابة التي يدخل منها البرازيليون إلى القارة الأوروبية، ومن المتوقع أن ينتقل غداً إلى مدريد التي تستعد منذ فترة لتحضير القمة المنتظرة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، في مستهل رئاسة إسبانيا الدورية للاتحاد خلال النصف الثاني من هذه السنة. وسيحاول الرئيس البرازيلي في محادثاته مع رئ

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، اليوم (السبت)، رفضه «المشاركة» في النزاع بشأن أوكرانيا، ورغبته في المساهمة بإيجاد «حل تفاوضي» بين كييف وموسكو، بعدما انتقد الغربيون تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا. وصرح لولا للصحافة عقب لقاء في لشبونة مع نظيره البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، أنه «في الوقت الذي تدين فيه حكومتي انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ندافع أيضاً عن الحل التفاوضي للنزاع».

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
أميركا اللاتينية بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بدأ الطوق القضائي يضيق حول الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، تمهيداً لإقصائه فترة طويلة عن العمل السياسي، بعد أن وجهت النيابة العامة الانتخابية طلباً إلى المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، لمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة لا تقل عن ثماني سنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة. وكان بولسونارو قد انتقد النظام الانتخابي الإلكتروني، وشكّك في نزاهته خلال اجتماع مع السفراء الأجانب العام الماضي عندما كان لا يزال رئيساً. وتعود تلك التصريحات لبولسونارو إلى مطلع الصيف الماضي، عندما كانت البرازيل في بداية حملة الانتخابات الرئاسية.

شوقي الريّس (مدريد)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

في اليوم الثاني الأخير أعطت قمة مجموعة العشرين زخماً محدوداً لمفاوضات مناخية متعثّرة في باكو وسادها انقسام في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخيّم عليها طيف ترمب العائد إلى البيت الأبيض. وتضمّن البيان تعهّداً «بالحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية في صلب نهجه اليساري ونجح في حشد دعم القادة لمقترح يقضي بفرض مزيد من الضرائب على أكبر الأثرياء.

غير أن هذه المسألة لقيت تحفّظات من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي المعجب بنهج ترمب. ولم يعرقل ميلي صدور البيان، لكنه أعرب علناً عن معارضته تلك البنود وغيرها، مثل زيادة تدخّل الدولة لمكافحة الجوع.

إلا أن البرازيل نجحت بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول أعمال القمة، وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.

إذ أعلن الرئيس البرازيلي عن إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر» في بداية القمة. وقال لولا: «الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية»، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية. وتعد هذه المبادرة من الموضوعات الرئيسية للمجموعة، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعماً علنياً من 81 دولة. وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: «سيكون هذا أعظم إرث لنا». وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.

تمكنت مجموعة العشرين، التي انطلقت قمتها في ريو دي جانيرو، الاثنين، من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة. وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفاعلية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة».

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية (أ.ب)

ودعا لولا أيضاً إلى تعزيز التعددية، مؤكداً الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام. وقال لولا: «استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلاً»، مشيراً إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار. ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.

4 مليارات دولار من بايدن و25 من بنك التنمية الأمريكي

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الولايات المتّحدة ستقدّم مساهمة «تاريخية» بأربعة مليارات دولار لصندوق تابع للبنك الدولي يدعم البلدان الأكثر فقراً، في خطوة تسبق تسليمه السلطة إلى دونالد ترمب العازم على خفض الإنفاق العام. وتعهد بايدن بتقديم هذا المبلغ لـ«المؤسسة الدولية للتنمية». وهذا آخر اجتماع لبايدن مع كبار زعماء العالم قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وقال مسؤول أميركي كبير إنّ هذه مساهمة بـ«أربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات»، ما يعني أنّها غير ملزمة للإدارة الجمهورية المقبلة برئاسة دونالد ترمب.

لكنّ المسؤول عينه أشار إلى أنّ الجمهوريين، عندما كانوا في السلطة، أيّدوا ضخّ أموال في هذا الصندوق. والمؤسسة الدولية للتنمية هي ذراع للبنك الدولي تساعد أفقر بلدان الكوكب. وتمنح المؤسسة قروضاً وهبات مخصّصة لبرامج مثل مكافحة عدم المساواة ومكافحة الاحتباس الحراري.

وتعهد بنك التنمية الأميركي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة. من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضاً في هذه المبادرة.

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

«كوب 29» يرحب بالمؤشّرات الإيجابية

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان المجموعة في ريو بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو. ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني المتطرف، خافيير ميلي، ركزت المجموعة على تغير المناخ مع ختام القمة، وأعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فاعلية على فائقي الثراء، وأكدوا الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

ولم يتطرّق بيان ريو إلى مسألة الخروج التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.

وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيدي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، الثلاثاء، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم». وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت عدّة فقرات من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النموّ.

وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال بمجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».

وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها عدّة منظمات غير حكومية، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا.

وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية المعروف باسم «مجموعة السبع والسبعين+الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ لرفعه من مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو.

وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بألف مليار في السنة. غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.

وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى على الرغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.

وقال محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي». غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29»، إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو والقائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.

وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أنه بدأ العمل يوم الثلاثاء، ككلّ المشاركين في «كوب 29»، بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة «كنّا ننتظر زخماً كبيراً ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».

وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّة بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذ حذوها».

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو». واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».

ولفتت تيسن إلى أن «الصمت بشأن الهدف الجديد لتمويل مكافحة التغير المناخي وبشأن التخلّي التدريجي عن الوقود الأحفوري غير مقبول من أكبر الاقتصادات وأكبر الملوّثين». وعدّ هارجيت سينغ من المبادرة من أجل اتفاق لعدم انتشار الوقود الأحفوري أن «القادة العالميين الملتئمين في قمّة مجموعة العشرين أظهروا نقصاً فادحاً في الحسّ القيادي وغفلوا عن إعادة التأكيد على التزامهم بالتخلّي عن الوقود الأحفوري، وهو محور رئيسي من العمل المناخي العالمي».

الشرق الأوسط

وأعرب الإعلان الختامي عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، ودعت القمّة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار.

وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على «حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

لافروف مع نظيره الصيني (أ.ف.ب)

ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة «حماس» و«حزب الله»، اللذين تخوض إسرائيل حرباً ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي. وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

أعلنت دول المجموعة في بيان مشترك صدر الاثنين أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان. وقال قادة الدول العشرين في بيانهم: «نحن متّحدون في دعم وقف شامل لإطلاق النار في غزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وفي لبنان بما يمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق» الذي يقوم مقام خط الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف القادة في بيانهم الختامي: «إنّنا وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان، فإنّنا نؤكّد على الحاجة الملحّة لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيّين».

وتابعوا: «نحن نسلّط الضوء على المعاناة الإنسانية والآثار السلبية للحرب» في قطاع غزة، و«نكرّر التزامنا الثابت بحلّ الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الكوريتين

وفي ظلّ هذه التطوّرات، رحّبت المجموعة «بكلّ المبادرات الوجيهة والبنّاءة التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا. وفي البيان الختامي قال القادة إنّهم «يرحّبون بكلّ المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم» في أوكرانيا يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة ويشيع علاقات «سلمية وودّية وطيّبة» بين الدول المتجاورة. لكن كما الحال في القمم السابقة للمجموعة، لم يأت البيان على ذكر الغزو الروسي. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جانبه بالخطوة «الجيّدة» التي صدرت عن بايدن بخصوص الصواريخ البعيدة المدى.

الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت «قراراً جيداً» بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب داخل روسيا.

وعلى هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، قال ماكرون إن دعوة إدارة بايدن جاءت بسبب تدخل جنود من كوريا الشمالية في أوكرانيا، ووصف قرار روسيا في هذا الشأن بأنه «تصعيدي». غير أن المستشار الألماني أولاف شولتس أكّد أنه لن يتأثّر بخطوة بايدن وتمسّك بموقفه بعدم تسليم كييف صواريخ متطوّرة ألمانية الصنع. وعلى هامش القمّة، اجتمع شولتس بالرئيس الصيني في لقاء ثنائي للتطرّق إلى مسائل عدّة منها، العلاقات بين البلدين، لا سيما في المجال التجاري، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وبحث وزيرا خارجية الصين وروسيا الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الكوريتين خلال لقاء على هامش القمة، وفق ما أوردت «القناة التلفزيونية الصينية» الرسمية، الثلاثاء. واجتمع وانغ يي وسيرغي لافروف في ريو دي جانيرو، و«تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في أوكرانيا والوضع في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب قناة «سي سي تي في». ونقلت القناة عن وانغ يي قوله إن الصين «مستعدة للعمل مع الجانب الروسي من أجل تعزيز التعاون والتحالف الاستراتيجي».

وقال لافروف، الثلاثاء، إن شن أوكرانيا هجمات بصواريخ أميركية الصنع على منطقة بريانسك الروسية إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع. وأضاف لافروف: «حقيقة استخدام صواريخ أتاكمز مراراً في منطقة بريانسك خلال الليل هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد». وتابع: «من المستحيل استخدام هذه الصواريخ المزودة بتكنولوجيا متطورة من دون الأميركيين، مثلما قال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مراراً وتكراراً». غير أن لافروف قال إن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لتجنب اندلاع حرب نووية. وذكر للصحافيين أن الأسلحة النووية ستمثل رادعاً عن شن حرب نووية. وقالت روسيا إن أوكرانيا أطلقت ستة صواريخ أتاكمز أميركية الصنع صوب منطقة بريانسك غرب البلاد.

ووجهت دول غربية حليفة لكييف انتقادات إلى بكين على خلفية عدم إدانتها الغزو صراحة. لكن بعض الخبراء يرون أن بكين لا تشعر بالارتياح إزاء قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا بهدف احتمال نشرها في أوكرانيا، خشية عواقبها على الأمن في شرق آسيا، بسبب اتفاقية الدفاع الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ. والصين حليف دبلوماسي تقليدي لكوريا الشمالية، وتقدم لها الدعم الاقتصادي الحيوي. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم يواجه مرحلة جديدة من «الاضطراب»، مشدّداً على ضرورة «تجنّب التصعيد في الحروب وتأجيج النيران».