د. محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

راديكالية التغيير ورئيس «تويتر»

دخل أغنى أغنياء العالم إلى مدخل شركته الجديدة «تويتر»، حاملاً مغسلة وهو يوزع ابتساماته على عدسات الكاميرات بعد نجاحه في الاستحواذ على كبرى منصات التدوين التي حركت الرأي العام وأسقطت حكومات وأججت ثورات واعتصامات في شتى أرجاء المعمورة.
ما فعله إيلون ماسك، رئيس «تويتر» الجديد، الذي اشتراها بسعر 44 مليار دولار هو تصرف يرمز إلى راديكالية أو جذرية التغيير الذي سيقدم عليه. فلم تمضِ سوى بضعة أيام حتى أعلن عن اعتزامه تقليص عدد موظفي «تويتر» من 7500 إلى 2500 موظف، وهو ما يشكّل نسبة 75 في المائة. كما أنه تغيير لا شك سيهز أركان عملاق التواصل.
وبالفعل، فقد فصل عدداً من كبار القياديين على طريقة «تنظيف السلم يبدأ من الأعلى». وهذا الأسلوب في ظاهره منطقي، لكنه قد يؤدي إلى فقدان كفاءات في أسفل السلم الإداري الذي قد تصل له رسالة بطريقة خاطئة. فهناك من يرى بذلك الفعل توجهاً نحو استئصال «الحرس القديم» أو الإدارات السابقة، الأمر الذي يدفع بالكفاءات إلى قرار حفظ ماء الوجه والمغادرة قبل أن تطولهم سهام النقد أو الفصل أو الإدانة.
في أدبيات التغيير، ليس هناك نموذج واحد، فهناك التغيير الجذري، وهناك التدريجي الذي يحاول مع مرور الوقت التنقيب عن الكفاءات الحقيقية. فما أكثر الموظفين والقيادات الذين يبزغ نجمهم مع الإدارة الجديدة ليس لأنهم جوقة مطبلين ولكن الإدارة الجديدة وجدت فيهم مواهب مدفونة. ولذلك قد يكون التريث في قرار مغادرة مؤسسة أمراً محموداً للمخلصين الذين لم يتورطوا في مشكلات لائحية أو قانونية أو أخلاقية.
وهناك من يختار التغيير من أسفل السلم لاعتبارات اجتماعية أو لمحدودية صلاحياته على أمل أن ينشأ جيل من المؤهلين والمدربين لقيادة دفة السفينة. قد يكون ذلك جيداً في إدارات صغيرة، غير أن خيار الانتظار لعقدين من الزمان لتأهيل كفاءات في مؤسسة لم يعد مجزياً في عصر تتسارع فيه وتيرة التنافس ليس التجاري فحسب بل حتى الحكومي، مع ارتفاع حمى الإقبال على استخدام التطبيقات الهاتفية ورقمنة جل الخدمات التي يقدمها القطاع العام للمراجعين.
خلاصة القول إن من أبجديات التغيير التأني المدروس، وإشراك الكفاءات لأن المرء عندما لا يكون جزءاً من التغيير يجد نفسه نداً له.