تقنية مبتكرة لتحويل مخلفات الدواجن إلى مادة متجددة

شركة ناشئة في «كاوست» تفوز بمليون دولار

التقنية تعمل على تحويل المخلفات إلى فحم حيوي
التقنية تعمل على تحويل المخلفات إلى فحم حيوي
TT

تقنية مبتكرة لتحويل مخلفات الدواجن إلى مادة متجددة

التقنية تعمل على تحويل المخلفات إلى فحم حيوي
التقنية تعمل على تحويل المخلفات إلى فحم حيوي

حصلت شركة «بوليمرون» على جائزة «الريادة الشاملة لتحدي الاستدامة»، التي تبلغ قيمتها مليون دولار.
و«بوليمرون» هي شركة ناشئة تخرجت في برنامج مسرعة الأعمال الناشئة (تقدّم) في عام 2020 الذي تنظمه جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في السعودية.
وكان وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، قد منح الشركة تلك الجائزة خلال احتفال أُقيم في الرياض في مارس (آذار) 2022.
جدير بالذكر أن شركة التنمية الغذائية، وهي شركة سعودية متخصصة في تربية وتوريد الدواجن، أطلقت التحدي كجزء من خطة استراتيجية تسعى لتعزيز دور الشركة الريادي من خلال تقديم حلول مبتكرة للتنمية المستدامة بما يتناغم مع رؤية المملكة 2030.
يقول ذو الفقار حمداني، الرئيس التنفيذي لشركة التنمية الغذائية: «نحن نفخر بالدور الذي نلعبه في تعزيز مسيرة الابتكار في المملكة نحو التميز في تربية الدواجن». يأتي كل ذلك تزامناً مع خطة توسعية طموحة لقطاع الدجاج اللاحم والخدمات المساندة في السعودية، وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة؛ بهدف رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن إلى 80 في المائة بحلول عام 2025 كمرحلة أولى لتحقيق الأمن الغذائي.


الدكتورة نور الزوري

تُعد مخلفات الحيوانات مصدراً رئيساً للغازات الضارة، ومسببات الأمراض، والروائح الضارة. ويخفف التخلص منها بشكل آمن كثيراً من إنتاج هذه الملوثات، ويعمل على حماية البيئة، كما يمكن استخدامها في صناعة الغاز الحيوي، أو السماد العضوي؛ المفيد جداً لزيادة أرباح المحاصيل، واستدامتها.
ارتكز التحدي على تقديم مقترحات ببعض الحلول التي ستساعد في معالجة مخلفات مزارع الدواجن بطريقة فعالة وآمنة من حيث التكلفة ومجدية على الصعيد التجاري؛ بهدف إحداث تأثير إيجابي على الشركة، والمجتمع البيئي السعودي، وصولاً إلى النظام البيئي العالمي.
وتم تقديم 93 مقترحاً، اختير 5 منها في القائمة القصيرة وتأهلت لنهائيات التحدي، وهي شركتان سعوديتان وواحدة صينية وواحدة من كوريا الجنوبية، والأخرى أميركية.
وحصلت شركة «بوليمرون» على الجائزة الكبرى، لابتكارها تقنية بإمكانها صنع مواد مركبة صديقة للبيئة وقابلة للتحلل عن طريق تحويل المخلفات إلى فحم حيوي، وهو منتج ثانوي مصنوع من نفايات نخيل التمر.
وبالتالي ستعالج هذه المادة المبتكرة كلاً من التلوث الناتج عن استخدام البلاستيك ومخلفات الدواجن، كما أنها ستُثري جودة التربة، مما سيسهم في تحقيق هدف الشركة في تقليل بصمتها الكربونية (تحقيق الحياد الكربوني).
والفحم الحيوي هو عبارة عن مادة صلبة يتم الحصول عليها من تحويل حراري - كيميائي للكتلة الحيوية في بيئة محدودة أو عديمة الأكسجين ويكون له ثبات أكبر من الكتلة الحيوية غير المفحمة. ويمكن أن يستخدم الفحم الحيوي مباشرة أو كمكون ضمن منتج تم خلطه وتكون له فوائد عديدة وتطبيقات متعددة لتحسين التربة.
وبمساعدة النظام البيئي لريادة الأعمال في مجمع الأبحاث والتقنية في «كاوست»، والتي تتخذ منه الشركة مقراً لها، أصبحت «بوليمرون» شركة مكتملة ذات ثقل عالمي، حيث تنتج في الوقت الحالي مواد بوليمرية قابلة للتحلل بنسبة 100 بالمائة عن طريق استخدام النفايات العضوية الناتجة عن صناعة التمور، مما يعمل على تقليل التلوث البلاستيكي ويسهم في حماية البيئة.
وتشير التوقعات في أسواق الشرق الأوسط إلى أن تكون لحوم الدواجن واحد من أكثر الخيارات المفضلة بين المستهلكين؛ بسبب تناول البروتينات بانتظام والمنتجات المتاحة بسهولة.
تقول نور الزوري، خريجة «كاوست» وعضو مؤسس لشركة «بوليمرون»: «يعدّ الحصول على هذا الاعتراف بمثابة تحفيز كبير لنا، فلقد أعطانا دفعة للأمام لنطرح مشروعنا في الأسواق، ونقوم بزيادة الوعي في المملكة حول النفايات البلاستيكية، وكيف يمكن للحلول الحيوية أن تسهم في تحوّل اقتصاد بلد كامل إلى الاقتصاد الدائري».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟
TT

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

ربما تتذكر وقتاً كنت فيه بحاجة إلى إجابة سريعة، لوصفة طبق للطعام، أو مشروع لتحسين بيتك.

من محرك «غوغل» إلى «جي بي تي»

قبل بضع سنوات، كانت غريزة معظم الناس الأولى هي البحث عن المعلومات على محرك «غوغل» للبحث، ومع ذلك، اليوم، مما كتب غاي يون تشونغ (*)، أصبح كثير من الناس أكثر ميلاً إلى استخدام «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، أداة الذكاء الاصطناعي والمحادثة من شركة «أوبن إيه آي»، التي تغير الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.

بدلاً من مجرد توفير قوائم بمواقع الويب، يُقدِّم «تشات جي بي تي» إجابات محادثة أكثر مباشرة.

مسألة الإبداع

ولكن هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» أن يفعل أكثر من مجرد الإجابة عن الأسئلة المباشرة؟ هل يمكنه بالفعل مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعاً؟

إني أدرس التقنيات الجديدة وتفاعل المستهلكين مع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شرعت أنا وزميلي بيونغ لي في استكشاف هذا السؤال: هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» مساعدة الناس حقاً على حل المشكلات بشكل إبداعي، وهل يؤدي هذا بشكل أفضل من محركات البحث التقليدية مثل «غوغل»؟

عبر سلسلة من التجارب في دراسة نُشرت في مجلة «نتشر-السلوك البشري (Nature Human Behaviour)»، وجدنا أن «تشات جي بي تي» يعزز الإبداع، خصوصاً في المهام العملية اليومية.

وإليك ما تعلمناه عن كيفية تغيير هذه التقنية للطريقة التي يحلُّ بها الناس المشكلات، ويتبادلون بها الأفكار ويفكرون بشكل إبداعي.

«جي بي تي» مبدع

«تشات جي بي تي» والمهام الإبداعية. تخيل أنك تبحث عن فكرة هدية إبداعية لابنة أخت في سِنِّ المراهقة. في السابق، ربما كنت تبحث على «غوغل» عن «هدايا إبداعية للمراهقين»، ثم تتصفح المقالات حتى تجد شيئاً يناسبك.

الآن، إذا سألت «تشات جي بي تي»، فإنه يولِّد استجابةً مباشرةً بناءً على تحليله للأنماط عبر الويب. قد يقترح مشروعاً مخصصاً أو تجربةً فريدةً من نوعها، وصياغة الفكرة في الوقت الفعلي.

لاستكشاف ما إذا كان «تشات جي بي تي» يتفوق على «غوغل» في مهام التفكير الإبداعي، أجرينا 5 تجارب، تعامل فيها المشاركون مع مهام إبداعية مختلفة.

توليد الأفكار

على سبيل المثال، قمنا بتعيين المشاركين بشكل عشوائي، إما لاستخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة، أو استخدام بحث «غوغل»، أو توليد الأفكار بأنفسهم.

بمجرد جمع الأفكار، قام الحكام الخارجيون، الذين لا يدركون الشروط المخصصة للمشاركين، بتقييم كل فكرة من حيث الإبداع. قمنا بوضع متوسط ل​​درجات الحكام؛ بهدف توفير تصنيف إبداعي عام.

كانت إحدى المهام تتضمَّن تبادل الأفكار حول طرق إعادة استخدام العناصر اليومية، مثل تحويل مضرب تنس قديم وخراطيم الحديقة إلى شيء جديد. وطُلبت مهمة أخرى من المشاركين تصميم طاولة طعام مبتكرة. وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد الناس على التوصل إلى حلول أكثر إبداعاً، مقارنة باستخدام محرك بحث على الويب أو مجرد خيالهم.

نتائج لصالح الذكاء التوليدي

وكانت النتائج واضحة: صنف الحكام الأفكار التي تم إنشاؤها بمساعدة «تشات جي بي تي» على أنها أكثر إبداعاً من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام عمليات البحث على «غوغل» أو دون أي مساعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأفكار التي تم إنشاؤها باستخدام «تشات جي بي تي» - حتى دون أي تعديل بشري - سجَّلت درجات أعلى في الإبداع من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام «غوغل».

وكانت إحدى النتائج البارزة هي قدرة «تشات جي بي تي» على توليد أفكار إبداعية تدريجياً: تلك التي تعمل على تحسين أو البناء على ما هو موجود بالفعل. وفي حين أن الأفكار الجذرية حقاً قد لا تزال تشكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، فقد تفوَّق «تشات جي بي تي» في اقتراح نهج عملي ومبتكر. على سبيل المثال، في تجربة تصميم الألعاب، توصَّل المشاركون الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» إلى تصميمات خيالية، مثل تحويل مروحة متبقية وكيس ورقي إلى مروحة تعمل بطاقة الرياح.

حدود الإبداع في الذكاء الاصطناعي

تكمن قوة «تشات جي بي تي» في قدرته على الجمع بين المفاهيم غير ذات الصلة في استجابة متماسكة.

وعلى عكس «غوغل»، الذي يتطلب من المستخدمين غربلة الروابط وتجميع المعلومات معاً. يقدم «تشات جي بي تي» إجابةً متكاملةً تساعد المستخدمين على التعبير عن الأفكار وصقلها بتنسيق مصقول. وهذا يجعل «تشات جي بي تي» واعداً بوصفه أداةً إبداعيةً، خصوصاً للمهام التي تربط بين الأفكار المتباينة أو تولد مفاهيم جديدة.

من المهم ملاحظة، مع ذلك، أن «تشات جي بي تي» لا يولِّد أفكاراً جديدة حقاً. إنه يتعرَّف على الأنماط اللغوية ويجمعها من بيانات التدريب الخاصة به، وبالتالي يولِّد مخرجات بتسلسلات أكثر احتمالية بناءً على تدريبه. إذا كنت تبحث عن طريقة لتحسين فكرة موجودة أو تكييفها بطريقة جديدة، فيمكن أن يكون «تشات جي بي تي» مورداً مفيداً. ومع ذلك، بالنسبة لشيء مبتكر، لا يزال الإبداع والخيال البشري ضروريَّين.

بالإضافة إلى ذلك، في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» توليد اقتراحات إبداعية، فإنها ليست عملية دائماً أو قابلة للتطوير دون مدخلات الخبراء. تتطلب خطوات مثل الفحص، وفحص الجدوى، والتحقق من الحقائق، والتحقق من السوق خبرة بشرية. ونظراً لأن استجابات «تشات جي بي تي» قد تعكس تحيزات في بيانات التدريب الخاصة بها، فيجب على الأشخاص توخي الحذر في السياقات الحساسة مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس.

كما اختبرنا ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد في المهام التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتطلب التعاطف، مثل إعادة استخدام العناصر العزيزة على أحد الأحباء. ومن المدهش أن «تشات جي بي تي» عزَّز الإبداع حتى في هذه السيناريوهات، حيث أدى إلى توليد أفكار وجدها المستخدمون ذات صلة، ومدروسة.

وتتحدى هذه النتيجة الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه المساعدة على المهام التي تحركها العواطف.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والإبداع

مع ازدياد إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي المماثلة، فإنها تفتح إمكانات جديدة للمهام الإبداعية. سواء في مكان العمل أو في المنزل، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الشحذ الذهني وحل المشكلات وتعزيز المشروعات الإبداعية.

ومع ذلك، يشير بحثنا أيضاً إلى الحاجة إلى الحذر: في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» تعزيز الإبداع البشري، فإنه لا يحلُّ محلَّ القدرة البشرية الفريدة على التفكير الجذري حقاً خارج الإطار المألوف.

يمثل هذا التحول من البحث على «غوغل» إلى سؤال «تشات جي بي تي»، أكثرَ من مجرد طريقة جديدة للوصول إلى المعلومات. إنه يمثل تحولاً في كيفية تعاون الناس مع التكنولوجيا للتفكير والإبداع والابتكار.

* أستاذ مساعد في إدارة الأعمال بجامعة رايس الأميركية - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً