اهتمام «ميتا» بالأخبار يتراجع لصالح «اقتصاد المبدعين»

الصفحة الرئيسة لمنصة «بوليتن»
الصفحة الرئيسة لمنصة «بوليتن»
TT

اهتمام «ميتا» بالأخبار يتراجع لصالح «اقتصاد المبدعين»

الصفحة الرئيسة لمنصة «بوليتن»
الصفحة الرئيسة لمنصة «بوليتن»

ربما لم يكن إعلان شركة «ميتا»، مالكة «فيسبوك»، اعتزامها إغلاق منصة النشرات الإخبارية البريدية «بوليتن» (Bulletin) بعد 18 شهراً فقط من إطلاقها، مفاجئاً للعاملين في مجال الإعلام الرقمي، لا سيما أنه يأتي تزامناً مع اهتمام مضطرد من المنصة الزرقاء بدعم مقاطع الفيديو القصيرة «ريلز». إلا أنه في المقتبل أثار جدلاً بشأن تأثير ذلك على الصحافيين ومنتجي المحتوى، الذين وعدت «ميتا» بدعمهم من خلال المنصة، وهو ما عده خبراء «تراجعاً» في الاهتمام بالأخبار لصالح ما بات يسمى بـ«اقتصاد المبدعين».
الإعلان جاء مع نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عبر إفادة رسمية للمتحدث باسم «ميتا»، تناقلتها وسائل إعلام غربية، وجاء فيه أن «بوليتن» أتاحت لـ«فيسبوك» الفرصة «لفهم العلاقة بين صناع المحتوى والجمهور، والتعرف على الطريقة المثلى لدعمهم في تنمية مجتمعاتهم على المنصة الزرقاء». وتابع أنه «مع وصول (بوليتن) إلى محطة النهاية، فإن المنصة ما زالت ملتزمة بتعهداتها لدعم نمو صُناع المحتوى».
ترجع بداية «بوليتن» إلى أبريل (نيسان) 2021 في محاولة من «فيسبوك» للاستحواذ على حصة من سوق النشرات الإخبارية المتنامي، لا سيما مع نمو منصات مثل «سبستاك» (Substack)، التي سهلت التواصل بين الكتاب والجمهور، إضافة إلى استحواذ «تويتر» على منصة النشرات الإخبارية «ريفيو»، وكان ينظر إلى هذه النشرات باعتبارها وسيلة جديدة وإضافية تتيح لمنتجي المحتوى جني المال.
بالفعل جاء إعلان «ميتا» عن إطلاق النشرة العام الماضي مُحملاً بالوعود للناشرين المحليين الذين تضرروا من جائحة «كوفيد - 19» وأغلقوا منصاتهم. إذ لم يعِد الإطلاق فقط بتأمين منصة بديلة للصحافيين المتضررين، تمكنهم من التواصل المباشر مع الجمهور، بل أيضاً بإتاحة الفرصة لهم لتحقيق عوائد مالية. ويومذاك، خصصت «ميتا» مبلغ 5 ملايين دولار أميركي لتمويل الصحافيين المحليين (في الولايات المتحدة) وإطلاق «بوليتن».
خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، علقت ليلى دومة، الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، على قرار إغلاق «بوليتين»، قائلة إنه كان «متوقعاً»، قبل أن تشير إلى تأثيره «السلبي» على الصحافيين، لا سيما الذين «كانوا يعتمدون على تلك النشرة كمصدر موثوق ومهم للمعلومات». وشددت دومة على أن «النشرات الإخبارية البريدية المعروفة باسم (نيوزليتر) ما زالت تحظى بجاذبية لدى الجمهور، حتى مع تزايد شعبية الفيديو». وأردفت أن «المعلومة ستبقى مقسمة على أعمدة الاتصال الثلاثة (بودكاست) أو نشرة إخبارية أو مقطع فيديو، ولكل منها جمهوره الخاص».
وهنا، قد يكون التأثير السلبي الذي تحدثت عنه الباحثة الجزائرية مرتبطاً أيضاً بما تضمنه مشروع «بوليتن» من وسائل داعمة للصحافيين ومنتجي المحتوى المستقلين، بينها أدوات نشر ذاتية مجانية، وخيارات لتصميم مواقع ونشرات إخبارية بريدية، مع إمكانية عمل مجموعات على موقع «فيسبوك»، مع مؤشرات أداء لتقييم المحتوى ومدى تفاعل الجمهور معه، كما نص الإعلان الأول عن المنصة.
وواقع الأمر أن «بوليتن» اعتمدت في البداية على عدد قليل من النشرات. ومع نهاية عام 2021 كان على المنصة نحو 115 نشرة، تخطى نصف صُناعها الألف مشترك عبر البريد الإلكتروني، ووصل بعضهم إلى 5 و10 آلاف مشترك، وفق التقرير السنوي الذي أعلنته «ميتا» نهاية العام الماضي.
من ناحية ثانية، يدخل قرار إغلاق منصة «بوليتن» في سياق ما عده خبراء «تراجعاً في الاهتمام بالأخبار»، ذلك أن شركة «ميتا» عمدت في الأشهر الأخيرة إلى تقليص استثماراتها في قطاع الأخبار. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في تقرير نشرته خلال يوليو (تموز) الماضي، أن «ميتا» أعادت توجيه الاستثمارات التي كانت مخصصة لدعم «فيسبوك نيوز» و«بوليتن»، نحو «دعم اقتصاد المبدعين»، أو مقاطع الفيديو القصيرة «ريلز». وبالفعل، تركز منصة «فيسبوك» استثماراتها حالياً على اقتصاد المبدعين الذي يجلب من خلال مقاطع الفيديو القصيرة مزيداً من المشاهدات، والتفاعل، وفق مراقبين عدّوا قرار إغلاق «بوليتن» نتيجة طبيعية لانسياق «فيسبوك» وراء «ترند» مقاطع الفيديو القصيرة.
أسامة المدني، أستاذ الإعلام البديل في جامعة «أم القرى» السعودية ومستشار الإعلام الرقمي وتطوير الأعمال، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار كان متوقعاً»، لا سيما مع طبيعة «فيسبوك» التي «درجت على مطاردة (الترند) في الإعلام الرقمي». وأوضح أن «قرار إطلاق منصة (بوليتن) في حد ذاته كان في سياق ملاحقة (ترند) النشرات الإخبارية الذي شهد نمواً مطرداً لصناع المحتوى، وبناء علاقة مباشرة بين المبدعين والكتاب والصحافيين المستقلين والقراء».
وشرح المدني أنه «منذ إعلان (ميتا) التركيز على منتجات اقتصاد منشئي المحتوى المبدعين، أصبح هذا هو (الترند) الجديد الذي يحكم توجهات الشركة واستثماراتها المستقبلية». ولفت إلى أن «(ميتا) تواجه حالياً تحديات تقنية واقتصادية في إطار محاولاتها للسيطرة على عالم (الميتافيرس)، ما قد يتسبب في إغلاق مزيد من الخدمات التي تقدم عبر منصاتها المختلفة».
وحقاً، تثير ملاحقة «ميتا» لأحدث صيحات الإعلام الرقمي انتقادات لدى بعض المراقبين، خصوصاً بالنظر لتاريخ الشركة في الاهتمام بدعم منتجات، ثم التراجع عنها لصالح أخرى تطفو على سطح «الترند». وتأتي الانتقادات وسط مخاوف من أن تتكرر تجربة «بوليتن» ودعم النشرات الإخبارية، مع مقاطع الفيديو القصيرة، عقب ظهور «ترند» جديد أو تراجع اهتمام الجمهور بهذا النوع من الفيديو. وهذا الأمر يترك منتجيها بلا داعم، وقد يحتم على منتجي المحتوى والصحافيين تنويع استراتيجياتهم في التعامل مع هذه المنصات تفادياً لأي آثار سلبية لتراجع الاهتمام بمنتجهم.
جديرٌ بالذكر أن منصة النشرات الإخبارية «بوليتن»، المقرر إغلاقها رسمياً بداية العام المقبل، تتضمن إصدارات مجانية وإصدارات باشتراكات، وكانت بدأت نشاطها بالتركيز على أخبار الرياضة والبيئة والموضة. ومع إطلاقها، تعهدت «ميتا» بدعم الصحافيين ومنتجي المحتوى المستقلين و«مساعدتهم على الوصول للجماهير»، وتضمن المشروع، وفقاً لإعلان «ميتا»، تعاقدات مع صحافيين لمدة سنتين لإنتاج محتوى لمنصة «بوليتين».
وحسب تصريحات للناطق باسم «ميتا»، نشرها موقع معهد «نيمان لاب»، بداية الشهر الحالي، فإن 23 من أصل 25 كاتباً محلياً (في الولايات المتحدة) ما زالوا يستخدمون «بوليتن»، وسيحصلون على المدفوعات الخاصة بهم لعام آخر، كما تنص عقودهم. وشدد الناطق على «تعهد (ميتا) بتوفير مصادر تساعد هؤلاء الكتاب على تحديد خطوتهم التالية عقب إغلاق منصة (بوليتن)».


مقالات ذات صلة

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.