«هتش» تحكم سيطرتها على عفرين شمال حلب

صمت تركي على اقتتال الفصائل الموالية لأنقرة

تعزيزات «هيئة تحرير الشام» إلى أطراف منطقة عفرين الخميس (أ.ف.ب)
تعزيزات «هيئة تحرير الشام» إلى أطراف منطقة عفرين الخميس (أ.ف.ب)
TT

«هتش» تحكم سيطرتها على عفرين شمال حلب

تعزيزات «هيئة تحرير الشام» إلى أطراف منطقة عفرين الخميس (أ.ف.ب)
تعزيزات «هيئة تحرير الشام» إلى أطراف منطقة عفرين الخميس (أ.ف.ب)

تواصلت المواجهات العنيفة والاشتباكات الدامية لليوم الرابع على التوالي، أمس، في شمال حلب، بين فصائل «الجيش الوطني السوري» المدعومة من أنقرة، وسط تقدم لـ«هيئة تحرير الشام» بالتحالف مع «فرقة الحمزة» و«فرقة السلطان سليمان شاه» والسيطرة على مدينة عفرين وعدد من القرى المحيطة بها. فيما دعت منظمات إنسانية بينها الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» إلى تجنيب المدنيين والنازحين الصراع، وتسهيل عمل فرق الإسعاف في تلبية نداءات المدنيين وإسعاف الجرحى.
وأفاد ناشطون في مدينة عفرين؛ التي تقع ضمن منطقة العمليات التركية «غصن الزيتون» شمال حلب، بدخول أرتال عسكرية مدججة بالأسلحة المتوسطة والرشاشات تابعة للتحالف الذي تقوده «هيئة تحرير الشام (هتش)»، بالاشتراك مع «فرقة الحمزة (الحمزات)» و«فرقة السلطان سليمان شاه (العمشات)»، مدينة عفرين، من دون مواجهة مع أي طرف، وتطويقها من كل الجهات وفرض سيطرتها على المدينة بشكل كامل.
وقد أعقب ذلك انسحاب «الجبهة الشامية»؛ التي تشكل فصائل «الفيلق الثالث» و«جيش الإسلام» نواتها الرئيسية، باتجاه مدينة أعزاز شمال مدينة عفرين، وسط جو يسوده ترقب حذر، في حين أعلنت فصائل عدة الحياد وعدم المشاركة في القتال لصالح أي طرف.
انسحاب «الفيلق الثالث» وحلفاؤه («جيش الإسلام» وفصائل «هيئة التحرير البناء»)، جاء بعد خسارة مناطق جنديرس والمعبلطي والترندة وقرزيحل وكفرشيل، ومناطق أخرى بمحيط مدينة عفرين وانسحابهم منها، الأربعاء، إثر معارك ضارية مع فصائل «هتش» وحليفيها، أدت إلى وقوع نحو 14 قتيلاً وعدد من الجرحى بين الأطراف المتصارعة، وسيطرة «هيئة تحرير الشام» على معبر «الحمام» بالقرب من جنديرس المحاذية لتركيا شمال غربي حلب.
- طمأنة العرب والأكراد
بعد سيطرتها الكاملة على مدينة عفرين، نشرت «هتش» بياناً على أحد معرفاتها في منصة «تلغرام»، أرسلت من خلاله رسائل تطمين للمواطنين بمختلف انتماءاتهم العرقية، قالت فيه إن «(تحرير الشام) تؤكد أن الأهالي العرب والكرد من أصل البلد أو المهجرين محل اهتمامنا وتقديرنا، ونحذرهم من الاستماع لأصحاب المصالح الفصائلية سواء بتخويفهم أو ترويعهم، ونخص بالذكر الإخوة الأكراد؛ فهم أهل تلك المناطق وواجبنا حمايتهم وتقديم الخدمات لهم».
في غضون ذلك، قال مؤيد النجار؛ وهو ناشط (معارض) في مدينة الباب شمال حلب، إن فصائل «تحرير الشام» و«العمشات» تمكنت من السيطرة على مناطق طريخم وزوغرة، ومعبر الحمران (التجاري) الذي يفصل بين مناطق المعارضة و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، جنوب مدينة جرابلس شمال شرقي حلب. في حين تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في داخل ومحيط مدينة الباب، ما أدى إلى وقوع قتيلين في صفوف المدنيين؛ أحدهما طفل، وإصابة عدد من المدنيين بجروح خطيرة، جراء سقوط القذائف على الأحياء السكنية وسط المدينة، فيما تواجه فرق الدفاع المدني وطواقم الإسعاف صعوبة في الوصول إلى المصابين، بسبب ضراوة الاشتباكات.
هذا؛ ولا تزال مئات العائلات محاصرة في الأحياء القريبة من دوار المروحة في مدينة الباب، جراء الاشتباكات بين «فرقة الحمزة» و«الفيلق الثالث»، وسط دعوات ومناشدات للسماح بخروج المدنيين حرصاً على سلامتهم. وقد نظمت الفعاليات المدنية في مدينة الباب وقفة احتجاجية ضد الاقتتال الدائر بين الفصائل، «وطالبت الجانب التركي بضرورة التدخل لوقف الاقتتال والعنف الحاصل في أكثر من منطقة خاضعة لنفوذه».
- خيانة الجيش الوطني
ويعدّ قادة في فصائل «الجيش الوطني السوري» المدعومة من أنقرة، أن تحالف بعض الفصائل المنضوية تحت هذا الجيش، مثل «فرقة الحمزة» و«فرقة السلطان سليمان شاه» وفصائل أخرى، مع «هيئة تحرير الشام»، «خيانة» لـ«مؤسسة الجيش الوطني السوري»؛ «ونسف لكل الجهود التي بُذلت لبنائه، ونشاطاته العسكرية وتضحياته ضد الأحزاب الكردية الانفصالية وتنظيم (داعش)».
في حين ترى الفصائل المتحالفة مع «هتش» أن دخول الأخيرة إلى مناطق «غصن الزيتون» وانخراطها في المواجهات الدائرة هناك، هو «إنهاء لمشروع (الفيلق الثالث) وحليفه (جيش الإسلام)، الذي يطمح إلى ابتلاع الفصائل الأخرى والسيطرة على القرار في مناطق العمليات التركية (درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام)، في تجربة سابقة مشابهة لـ(هيئة تحرير الشام)، عندما حاربت فصائل (الجيش الحر) في إدلب وأرياف حماة وحلب وأصبحت صاحبة قرار في تلك المناطق خلال السنوات الماضية».
ويتوقع قيادي في «الجيش الوطني السوري (الموالي لأنقرة)»، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «مصيراً مشابهاً لإدلب ينتظر مناطق شمال وشمال غربي حلب (في إشارة إلى مناطق المعارضة المدعومة من أنقرة)؛ إذ ستفرض (هتش) نفسها بالقوة على جميع الفصائل، وتتفرد بالقرار العسكري، بمشاركة (خجولة) من باقي الفصائل، بعدما دخلت بقوة عسكرية ضخمة إلى عفرين ومحيطها، والتي تعدّ بوابة المناطق المحررة شمال حلب وشرقها». ولا يستبعد المتحدث أن تفرض أيضاً «هتش» حكومتها (الإنقاذ)، على الجانب الإداري والخدمي والأمني في تلك المناطق، «الأمر الذي سيلاقي ترحيباً في أوساط المدنيين؛ إذ لطالما فشلت فصائل الجيش الوطني والمؤسسات الأخرى على مدار السنوات السبع الماضية، في ضبط وإرساء الأمن وفرض سلطة القانون على الجميع».
في الشأن نفسه، يرى مراقبون أن صمت تركيا وعدم اتخاذها موقفاً عسكرياً حازماً ضد انخراط «هيئة تحرير الشام» في الاقتتال الدائر بين فصائل المعارضة المدعومة من قبلها، ودخولها أولى مناطق عملياتها في شمال سوريا، يشير إلى قبول منها بالتدخل الحاصل. فيما يشير البعض الآخر إلى أن انخراط «هتش» في الاقتتال الذي ترافق مع صمت الجانب التركي، تمهيد لها للاقتراب من مناطق التماس مع «قوات سوريا الديمقراطية»؛ الأمر الذي يشكل رسالة تركية تحمل بين طياتها تهديداً يضع «قسد» وحلفاءها أمام خيار واحد؛ إما عملية عسكرية تركية، وإما عملية عسكرية من «هيئة تحرير الشام».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».