ولي ولي العهد السعودي يختتم زيارته إلى باريس بلقاء وزير الدفاع الفرنسي

بحثا تعزيز الروابط الثنائية في المجال الدفاعي وعدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك * إطلاق أول صندوق استثماري سعودي ـ فرنسي اليوم في وزارة الخارجية

جانب من اجتماع ولي ولي العهد السعودي مع وزير دفاع فرنسا في باريس أمس (واس)
جانب من اجتماع ولي ولي العهد السعودي مع وزير دفاع فرنسا في باريس أمس (واس)
TT

ولي ولي العهد السعودي يختتم زيارته إلى باريس بلقاء وزير الدفاع الفرنسي

جانب من اجتماع ولي ولي العهد السعودي مع وزير دفاع فرنسا في باريس أمس (واس)
جانب من اجتماع ولي ولي العهد السعودي مع وزير دفاع فرنسا في باريس أمس (واس)

اختتم ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، زيارة الأيام الثلاثة الرسمية الأولى إلى فرنسا بلقاء وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الذي زاره في مقر إقامته في العاصمة الفرنسية مصحوبًا بكبار مسؤولي وزارته من العسكريين والمستشارين ومن السفير الفرنسي لدى الرياض برتراند بيزانسينو. ويعد هذا اللقاء آخر النشاطات الرسمية للأمير محمد بن سلمان، غادر بعدها فرنسا عائدًا إلى الرياض.
واستعرض الاجتماع روابط التعاون الثنائي القائم بين البلدين، خصوصًا في المجال الدفاعي، والسبل الكفيلة بتطويرها وتعزيزها، بالإضافة إلى بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك. وأفادت مصادر فرنسية قريبة من الوفد الفرنسي أن الطرفين راجعا العلاقات الدفاعية والعسكرية القائمة بينهما وتناولا السبل الكفيلة بتطويرها، وعددًا من المشاريع اللاحقة التي أبرزها رغبة المملكة السعودية، وفق ما أعلنه وزير الخارجية لوران فابيوس، أول من أمس، عقب انعقاد اللجنة المشتركة، شراء 30 زورقًا سريعًا لخفر السواحل بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 500 مليون يورو، فضلاً عن ذلك، ثمة مشاريع أخرى يتم البحث فيها وعلى رأسها رغبة الجانب السعودي في الحصول على ست فرقاطات متعددة المهام من الجيل الجديد. وتقوم هيئة الصناعات البحرية الفرنسية ببناء هذا النوع من الفرقاطات ذات القدرات العسكرية والقيادية العالية التي تسمى «FREMM». ويرغب الجانبان في زيادة وتيرة التمارين العسكرية المشتركة التي تجرى في السعودية وفي فرنسا وتوثيق التعاون العسكري الذي يشكل أحد أسس العلاقات الاستراتيجية المميزة بين الطرفين، وفق ما تؤكده المصادر الفرنسية.
وفي بادرة تعكس رغبة الطرفين في ترجمة الاتفاقيات الموقعة إلى واقع ملموس، أعلنت الخارجية الفرنسية، في بيان لها مساء أمس، عن إطلاق أول صندوق استثماري فرنسي - سعودي مشترك بمناسبة لقاء سيحصل صباح اليوم في مقر الوزارة، وذلك بحضور الأمير الوليد بن طلال، رئيس شركة «المملكة القابضة»، وممثلين عن صندوق الودائع الفرنسي وآخرين عن الشركات الفرنسية المعنية.
ويريد الطرفان أمرين متلازمين: الأول، الدفع باتجاه زيادة الاستثمارات المتبادلة في البلدين.. والثاني، القيام باستثمارات مشتركة في العديد من القطاعات الواعدة. وفيما يدعو الجانب الفرنسي الطرف السعودي إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية المباشرة في الاقتصاد الفرنسي خصوصا أن قيمة هذه الاستثمارات ضعيفة للغاية إذ تزيد على 700 مليون يورو (مقابل 15 مليارا للجانب الفرنسي في السعودية)، فإن باريس تعول على استثمارات في القطاع الإنتاجي الفرنسي وليس فقط في سوق العقارات أو في العمليات المالية.
أما من الجانب السعودي فإن المطلوب، كما كشفت ذلك المناقشات التي حصلت أول من أمس بمناسبة انعقاد اجتماع مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي، أن تسهم الشركات الفرنسية الفائزة بعقود في المملكة أو تلك التي تتأهب للدخول إلى السوق السعودية، في عملية تدريب وتأهيل المواطنين السعوديين بما يسهل دخولهم إلى سوق العمالة وخفض نسب البطالة. وبحسب المصادر الفرنسية والسعودية على السواء، فإن موعدا مهما ضرب للجانبين وهو التئام المؤتمر الثاني السعودي - الفرنسي لفرص الأعمال الذي ستستضيفه الرياض يومي 13 و14 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والذي سيشهد مشاركة رسمية عالية المستوى، فضلا عن توقعات بمشاركة موازية للقطاع الخاص من الجانبين. وبهذه المناسبة أيضا سيعقد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة للبحث في السلة الثانية من المشاريع التي سيعمل الطرفان على تنفيذها.
وأمس، تناولت الصحافة الفرنسية زيارة الأمير محمد بن سلمان لفرنسا، وبشكل خاص العقود التي وقعت في قصر الإليزيه بحضور الرئيس هولاند وولي ولي العهد السعودي. وقالت صحيفة «لو فيغارو» إن الزيارة تبين أن العلاقات الفرنسية السعودية «وصلت إلى حالة من التميز خاصة منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس هولاند إلى السعودية». وترجع الصحيفة التقارب الشديد بين الطرفين لمواقفهما المتطابقة من بؤر التوتر في الشرق الأوسط، وإلى «التمايزات» التي برزت في المواقف بين الرياض وواشنطن، خصوصًا بشأن ملف إيران النووي. وعرضت الصحيفة الفرنسية لتفاصيل العقود التي أبرمت، أول من أمس، ولتنوعها والطابع الاستراتيجي الذي ترتديه ووصفت رغبة السعودية الساعية لتطويع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بـ«البرنامج الطموح».
من جانبها، أفردت صحيفة «لو باريزيان» صفحة كاملة للعلاقات السعودية الفرنسية معتبرة أن التوقيع على عقود تزيد على عشرة مليارات يورو في باريس خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، يبين أنها تعيش «شهر عسل». ونوهت الصحيفة برغبة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في «الإسراع» في ترجمة التقارب والعلاقة الاستراتيجية التي يسعى إليها الطرفان إلى اتفاقيات وعقود. وأضافت الصحيفة أن التقارب السعودي الفرنسي الظاهر له خلفية سياسية دبلوماسية مربوطة بالتطورات في الشرق الأوسط وبمواقف الإدارة الأميركية منها، خصوصًا بشأن ملفين اثنين: الأول، مصير المفاوضات حول برنامج إيران النووي. والثاني، مسار الحرب في سوريا ومصير نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتكيل الصحيفة المديح لوزير الخارجية فابيوس الذي أطلق مفهوم «الدبلوماسية الاقتصادية»، والذي كلفه الرئيس هولاند بمتابعة ملف العلاقات الفرنسية السعودية عبر المشاركة في ترؤس لجنة المتابعة المشتركة التي عقدت في العاصمة الفرنسية أول اجتماعاتها بمناسبة الزيارة الرسمية لولي ولي العهد إلى باريس.



«حل الدولتين» ينتظر دعماً من القمة الخليجية - الأوروبية

سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان كريستوف فارنو (الشرق الأوسط)
سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان كريستوف فارنو (الشرق الأوسط)
TT

«حل الدولتين» ينتظر دعماً من القمة الخليجية - الأوروبية

سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان كريستوف فارنو (الشرق الأوسط)
سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان كريستوف فارنو (الشرق الأوسط)

تفرض الأحداث في المنطقة، خصوصاً الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، «حل الدولتين»، نفسها على طاولة القمة الخليجية - الأوروبية التي تستضيفها بروكسل، الأربعاء المقبل، في حين يتوقع أن تقدم القمة دعماً لـ«التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» الذي أطلقته السعودية.

وأكّد كريستوف فارنو، سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعُمان، أن هناك توافقاً مشتركاً بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي حول ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

وتوقّع فارنو في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك موقف قوي وموحّد بين الجانبين الخليجي والأوروبي بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، خلال القمة الخليجية الأوروبية الأولى من نوعها في بروكسل، الأربعاء المقبل.

وفي حديث للصحافة، أشار فارنو إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه موقف موحّد فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية، بالإضافة للتوصُّل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، لافتاً إلى أنهم «على اتفاق مع الأصدقاء العرب والخليجيين في هذا الشأن».

«مسألة وقت»

وفي شأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي أعلن عنه عدد من الدول الأوروبية مؤخّراً، كشف فارنو لـ«الشرق الأوسط» عن «اتفاق مبدئي من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية»، لافتاً إلى أن اعتراف باقي الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية «مسألة وقت»، حيث اعترفت بعض الدول بالدولة الفلسطينية، وبعض الدول «تدرس الوقت المناسب لهذا الأمر».

وفي هذا الإطار، نوّه فارنو بإطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» الذي أعلن عنه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في 25 من سبتمبر (أيلول) الماضي، باسم الدول العربية والإسلامية والنرويج والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنه «يعبّر عن دعم الاتحاد الأوروبي لحل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية».

ولقي إعلان الوزير السعودي ترحيباً دوليّاً، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مؤخّراً، وثمّن الاتحاد الأوروبي على لسان جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد، الإعلان الذي جاء نتيجة لجهد عربي وأوروبي مشترك حسب وصفه، مشيداً خلال اجتماع وزاري لمناقشة الوضع في غزة ومستقبل حل الدولتين بجهود السعودية في قيادة وإطلاق التحالف الدولي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.

فيما أعرب وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، عن تشرّفه «برئاسة الاجتماع الحاسم مع السعودية والاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة، وبناء تحالف عالمي لحل الدولتين»، لافتاً إلى أن هذا الإعلان وحل الدولتين «الطريق الوحيد الموثوق به للسلام في الشرق الأوسط»، وأنه لتحقيق هذا الهدف النبيل فنحن «بحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية الآن».

تعزيز الشراكة الاقتصادية

وفي الشأن الاقتصادي، عرّج السفير الأوروبي على أنه تأكيداً على الاهتمام المتبادل بجعل الشراكة طويلة الأمد بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أكثر استراتيجية، جرى الاتفاق خلال الوزاري الخليجي - الأوروبي في مسقط، العام الماضي، على عقد هذه القمة المقبلة بين قادة الدول في الجانبين، لافتاً إلى أن القادة سيناقشون لمدة نصف يوم في بروكسل، الأربعاء المقبل، عدداً من القضايا، مع رغبة مشتركة بين الجانبين بتعزيز التعاون والشراكة، كما سيبحثون ملفات الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري الذي وصل بين الجانبين إلى 170 مليار يورو فيما يتعلق بالسلع فقط دون الخدمات.

جملة من القضايا على طاولة القمّة

ولفت فارنو إلى الحوار الأمني والتعاون بين الجانبين الخليجي والأوروبي في هذا الشأن، مشدّداً على أن الجانبين يعملان على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز الحوار والدبلوماسية من أجل إيجاد حلول للأزمات القائمة في المنطقة، وسيناقش القادة خلال القمة الأولى من نوعها كافة القضايا القائمة في المنطقة في غزة ولبنان والسودان والبحر الأحمر.

التزام بمفاوضات التجارة الحرة

وخلال حديث للصحافة، قال فارنو إن الاتحاد الأوروبي لديه التزام سياسي قوي بالتوصل إلى اتفاق حول اتفاقية التجارة الحرة في هذه المرحلة؛ «نظراً للعلاقات الاقتصادية القوية بين الجانبين»، وأردف أن هناك بعض الجوانب الفنية التي ينبغي التغلب عليها.

وحول ملف التأشيرات بين الجانبين، أعرب فارنو عن اهتمام أوروبي بتطوير التعاون بين الجانبين بما يحقق في المستقبل هدف الإعفاء من التأشيرات بين منطقة الشنغن ودول الخليج.

وتلتئم، الأربعاء المقبل، في العاصمة البلجيكية بروكسل، القمة الأولى من نوعها بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، وكان سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان، أجرى مشاورات وصفها بالإيجابية مع الجانب السعودي، الاثنين، ناقش خلالها الجانبان آخر التحضيرات للقمة، وأولويّاتها في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.