رواية الهاربين: تحولنا إلى مخطوفين... وضاع جنى العمر

جهاد مشلاوي أحد الناجين من قارب الموت يأخذ سيلفي قبل غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس السورية (أ ب)
جهاد مشلاوي أحد الناجين من قارب الموت يأخذ سيلفي قبل غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس السورية (أ ب)
TT

رواية الهاربين: تحولنا إلى مخطوفين... وضاع جنى العمر

جهاد مشلاوي أحد الناجين من قارب الموت يأخذ سيلفي قبل غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس السورية (أ ب)
جهاد مشلاوي أحد الناجين من قارب الموت يأخذ سيلفي قبل غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس السورية (أ ب)

«أدركنا أننا تحولنا من راغبين في السفر إلى مخطوفين، وأرغمنا تحت تهديد السلاح على الصعود إلى المركب، ولم نذهب بإرادتنا»، يقول وسام التلاوي، أحد الناجين من زورق الموت الذي خرج من لبنان في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، وغرق قبالة السواحل السورية، وتحولت قصته إلى أكبر مأساة عرفتها الهجرة غير الشرعية من لبنان باتجاه أوروبا. فقد عثر على ما يقارب المائة جثة، ولم ينج سوى عشرين راكباً، وبقي العشرات في عداد المفقودين. وفقد التلاوي زوجته وأبناءه الأربعة الذين كانوا معه، ونجا وحده.
وكشفت شهادات القلة الناجية من مركب الموت هذا عن وجه آخر للهجرة غير الشرعية التي تخرج من شمال لبنان. «القصة تتجاوز رغبة عشرات اليائسين في ترك البلاد بسبب الأزمة المعيشية. ثمة عصابات أخطبوطية صار لها امتدادات، وبنية متكاملة، ونهج عمل، تصطاد البائسين وترسل بهم إلى الموت، بعد أن تنقض على آخر ما يملكونه»، يقول لنا أحد الصيادين، رافضاً الكشف عن اسمه، في بلدة ببنين في عكار (شمال لبنان) التي صارت مركزاً لتهريب البشر.
عن توريط اليائسين، ومنعهم من التراجع عن قرارهم، والزج بهم في البحر عنوة، تحدثت أيضاً لبنانية فقدت ابن عمتها وأولاده الثلاثة، على الرحلة المشؤومة نفسها ونجت زوجته ووالدها، ولا يزالان يعالجان في المستشفى في سوريا، حسب الشاهدة، فإن الراكب احتجز مع أولاده وزوجته لأيام قبل مغادرتهم. وعاد مصطفى وحده قبل الإبحار إلى منزل العائلة على عجل، حضر نفسه، وأخبر شقيقته فقط، أنه سيموت لا محالة، إما رمياً بالرصاص أو غرقاً في البحر، دون أن يفصح عن تفاصيل أخرى.
سلوكيات شرسة وتهديدات مسلحة، تمارسها عصابات التهريب على المهاجرين غير الشرعيين. كما روى الناجون حكايات تؤكد أنهم خضعوا للترهيب، وأرغموا على الصعود إلى المركب والمجازفة بأرواحهم وأبنائهم مع علمهم بأن موتهم شبه حتمي. وقال وسام التلاوي، الذي فقد زوجته وأبناءه الأربعة بسبب غرق هذا القارب لـ«الشرق الأوسط»، «نقلونا من البر في زوارق صغيرة ثلاثة إلى عرض البحر، حيث كان المركب ينتظرنا. كانت أعدادنا هائلة. حين رأيت أن المركب صغير ومكتظ وغير آمن، قررت العودة، ومثلي آخرون، لكنني سمعت أحد المهربين يهدد رجلاً طلب العودة بالقول للمسلحين الذين معه: ارموا أولاده بالبحر! فعلمت أن لا خيار لنا، وبأننا أصبحنا تحت رحمتهم. لم نعد في تلك اللحظة مهاجرين بإرادتنا، بل تحولنا إلى مخطوفين، نساق عنوة رغماً عنا، مع علمنا أننا ذاهبون إلى الموت». وتتفق روايات الشهود على أن تهديداً مماثلاً تعرض له قبطان المركب الذي أرغم على الإبحار بقوة السلاح.
أما وسام التلاوي فيقول: «أنا لم ألتق المهرب بلال سوى مرتين، علاقتي كانت مع ابن عمه. قيل لي إن المركب ركابه قلة، ويؤمن كل أسباب الراحة ومزود بالطاقة الشمسية، وأنني سأشرب النرجيلة، وأكون (في آي بي)، وهي كلمة لا أعرف معناها إلى الآن. هم يكذبون على الناس، ويتعمدون الترويج لنجاحاتهم في عمليات تهريب سابقة، ويتناقل الناس هذه الأخبار، ويشعرون بالأمان، لأنهم يسافرون مع أشخاص لهم باع ونجاح كبيران».
التلاوي الذي لم يكن من مال معه ليسدد 18 ألف دولار مقابل تهريبه مع زوجته وأربعة أولاد، تنازل للمهرب قبل شهرين ونصف الشهر عن منزل بدأ إعماره ولم يتمكن من إكماله. هكذا فقد آخر ما يملك، وبدأ بانتظار لحظة الانطلاق.
يوم السفر شعر التلاوي بالخوف بسبب جلافة المهربين «نقلونا في شاحنات نقل صغيرة مكتظة كالبهائم. ثم من البر بزوارق صغيرة فيها مسلحون إلى عرض البحر. أشاع المسلحون جواً من الرعب بين الركاب وهم يصرخون ويتوعدون. في العتمة كان ينتظرنا مركب صغير ومتهالك، بدا مكتظاً بمن فيه، ثمة من قرر عدم المغادرة، والرجوع. صاح أحد المسافرين: لا أريد السفر! عندها صرخ أحد المسلحين طالباً من مسلح آخر: ارم أولاده في البحر، وخلصنا منه»، يخبرنا التلاوي: «لحظتها عرفت أننا بتنا مخطوفين، وأن لا خيار لنا سوى الذهاب إلى الهلاك. كل الكلام على أنه كان يمكن العودة سباحة غير صحيح. كنا وسط البحر نرتجف برداً، وأسلحتهم موجهة ضدنا. عودتنا تعني أن نطالبهم باسترداد أموالنا. قالوا إنهم دفعوا لتأمين الطريق وضمان عدم اعتراضهم 90 ألف دولار، ولا مجال للتراجع».
«إنهم يصطادون الركاب كالطرائد»، يقول مصطفى خليل، الذي يرغب في السفر، لكنه يشعر بالرعب، مما يسمع «عرفت ممن سبقوني في التجربة، أن على المركب عادة فئات ثلاث: المساكين أمثالنا، وفئة أفضل تمنح الغرفة التي قد تكون الوحيدة في المركب مع كمية أكبر من الطعام، والمطلوبون للعدالة، وهؤلاء ممن عليهم أحكام قضائية ويريدون الفرار. وعلى المركب مسلحون لحل نزاعات قد تنشب، ولا يتوانى هؤلاء عن التخلص من أحد الركاب ورميه في البحر، في حال شكل خطراً أو افتعل مشكلة».
يتم تفتيش المهاجرين قبل نقلهم إلى المركب، يمنع عليهم اصطحاب أوراق ثبوتية، أو مأكل ومشرب، هذه احتياجات يؤمنها المهرب، الذي سرعان ما يهرب رجاله على متن زورق مطاطي عند أول إحساس بالخطر.
وشهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة، خروج أعداد من زوارق الموت غير مسبوقة، والحادث المأساوي للمركب مقابل السواحل السورية لم يمنع المهربين من المضي في رحلاتهم. فالركاب يدفعون سلفاً الأموال، يتقاسمها المروج والسمسار، والمهرب، وصاحب المركب، هذا غير الرشاوى الضرورية لتأمين الطريق، مما يخلق أجواء احتقان دائمة، وخلافات دموية. وبالتالي يجد الجميع أنفسهم متورطين لاستكمال الرحلات الجهنمية القاتلة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
TT

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)

يقود محامو حقوق الإنسان الجهود للعثور على أصول ثروات قامت عائلة الأسد بتخزينها على مدى نصف قرن من الحكم الاستبدادي، بغرض استردادها لصالح الشعب السوري، بحسب ما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وبنت عائلة الأسد شبكة واسعة من الاستثمارات والمصالح التجارية على مدى عقود، منذ استولى الأب حافظ الأسد على السلطة في عام 1970. ووفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين ومحامين ومنظمات بحثية حققت في ثروات العائلة الحاكمة السابقة، فقد تم رصد مشتريات دولية قام بها أقارب الرئيس المخلوع بشار الأسد، مثل عقارات رئيسة في روسيا وفنادق بوتيك في فيينا وطائرة خاصة في دبي.

وقال أندرو تابلر، المسؤول السابق في البيت الأبيض الذي حدد أصول أفراد عائلة الأسد من خلال العمل على العقوبات الأميركية: «ستكون هناك عملية مطاردة دولية لأصول النظام. لقد كان لديهم الكثير من الوقت قبل الثورة لغسل أموالهم. وكان لديهم دائماً خطة بديلة، وهم الآن مجهزون جيداً للمنفى».

وقال تقرير الصحيفة الأميركية، إنه لا أحد يعرف الحجم الدقيق لثروة عائلة الأسد، ومن هو تماماً العضو في العائلة الذي يسيطر على هذه الأصول. غير أن تقريراً صادراً عن وزارة الخارجية في عام 2022، ذكر أنه من الصعب تحديد رقم حجم الثروات، لكن التقديرات تقول إن ثروة عائلة الأسد تصل قيمتها العليا إلى 12 مليار دولار، وأقل تقدير لها قد يصل إلى مليار دولار.

جانب من الكبتاغون الذي تم العثور عليه (أ.ف.ب)

وقال التقييم إن الأموال تم الحصول عليها غالباً من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، وخاصة الأمفيتامين والكبتاغون، وإعادة استثمارها جزئياً في خارج نطاق القانون الدولي. واستمرت ثروة عائلة الأسد في النمو، في حين عانى السوريون العاديون من تأثير الحرب الأهلية في البلاد التي بدأت في عام 2011. وحسب البنك الدولي، فإن نحو 70 في المائة من السكان يعيشون في فقر، وذلك في عام 2022.

وكان العديد من أقوى الشخصيات في النظام الأمني من ذوي العقلية التجارية، ولا سيما زوجة بشار الأسد المولودة في بريطانيا، أسماء (الأخرس)، وهي مصرفية سابقة في «جي بي مورغان». وقال توبي كادمان، وهو محامٍ متخصص في حقوق الإنسان ويعمل في لندن، كما يعمل مع منظمة «غيرنيكا 37» للعدالة الدولية، والذي حقق في أصول الأسد: «كانت الأسرة الحاكمة خبيرة في العنف الإجرامي مثلما كانت خبيرة في الجرائم المالية».

صورة لأسماء الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

ومن المرجح أن يكون العثور على هذه الأصول وتجميدها أمراً صعباً. فقد شنت الولايات المتحدة حملة عقوبات مطولة ضد نظام الأسد، الأمر الذي أجبر رجاله على إخفاء ثرواتهم خارج الغرب ومن خلال الملاذات الضريبية.

وقد أمضى المحققون الذين قادوا عملية البحث عن المليارات التي خبأها الرئيس العراقي صدام حسين، والرئيس الليبي معمر القذافي، سنوات في ملاحقة الأشخاص المرتبطين بالديكتاتوريين، والتنقل بين الشركات الوهمية، ورفع الدعاوى القضائية الدولية لاستعادة الأموال، ولكن نجاحهم كان محدوداً، بحسب «وول ستريت جورنال» التي نوهت بأن من بين ما يقدر بنحو 54 مليار دولار من الأصول التي تراكمت لدى النظام الليبي السابق، على سبيل المثال، لم يتم استرداد سوى القليل جداً، بما في ذلك عقار في لندن بقيمة 12 مليون دولار، و100 مليون دولار نقداً في مالطا.

غير أن الفرق القانونية نجحت في تأمين تجميد بعض الأصول المتعلقة بثروة عائلة الأسد. ففي عام 2019، جمدت محكمة في باريس ممتلكات بقيمة 90 مليون يورو - أي ما يعادل 95 مليون دولار - في فرنسا يملكها رفعت الأسد، عم بشار الأسد الذي أشرف على حملة قمع وحشية للمعارضة في عام 1982. وقضت المحكمة بأن الأصول تم الحصول عليها من خلال غسل منظم للأموال العامة المختلسة.

رجل الأعمال السوري رامي مخلوف (فيسبوك)

وكان حافظ الأسد قد وضع صهره محمد مخلوف، الموظف المتواضع في شركة طيران آنذاك، ليكون مسؤولاً عن احتكار استيراد التبغ المربح في البلاد.

وأصبح ابنه رامي مخلوف فيما بعد الممول الرئيس للنظام بأصول في البنوك والإعلام والمتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية وشركات الطيران والاتصالات، وبلغت ثروته ما يصل إلى 10 مليارات دولار، وفقاً لوزارة الخارجية. وقد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على مخلوف في عام 2008 بسبب استفادته من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدته.

وقال بوردون، المحامي الباريسي الذي حقق في أصول الأسد، إنه من المتوقع أن آل مخلوف يجنون الأموال نيابة عن الرئيس، ويمولون النظام وعائلته الحاكمة عند الحاجة. وأضاف بوردون: «آل مخلوف هم أمناء سر آل الأسد».

وذكر رامي مخلوف في طلب للحصول على الجنسية النمساوية، حصل عليه «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد»، وهو منظمة غير ربحية لمكافحة الفساد، أن عائلة مخلوف اشترت أيضاً فنادق بوتيك بقيمة 20 مليون يورو في فيينا، وامتيازاً مرتبطاً ببار «بوذا»؛ الصالة الراقية في باريس.

موسكو سيتي... وهو حي ضخم فيه مساكن فاخرة ومقرات شركات لعائلة الأسد ويُعتقد أنهم يسكنون هنا

وبحسب تحقيق أجرته مجموعة مكافحة الفساد «جلوبال ويتنس» في عام 2019، فإن أفراد عائلة مخلوف يمتلكون أيضاً عقارات بقيمة 40 مليون دولار تقريباً في ناطحات سحاب فاخرة في موسكو. وفي عام 2020 توترت العلاقة الاقتصادية في قلب النظام السوري؛ فقد همّش بشارُ الأسد رامي مخلوف علناً. ولا تزال ظروف خلافهما غامضة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن أسماء الأسد وعائلتها جمعوا «ثروات غير مشروعة على حساب الشعب السوري من خلال سيطرتهم على شبكة واسعة النطاق غير مشروعة، لها روابط في أوروبا والخليج وأماكن أخرى». وقال بوردون، محامي حقوق الإنسان في باريس: «لدينا واجب استعادة الأموال للشعب السوري».