بريطانيا تفتح باب الاستكشافات لتجنب «عتمة معممة»

استبعاد حملات لتوفير الطاقة رغم التهديد بانقطاع التيار الكهربائي

يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)
يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)
TT

بريطانيا تفتح باب الاستكشافات لتجنب «عتمة معممة»

يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)
يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)

فتحت الحكومة البريطانية أبوابها بقوة للاستكشاف النفطي والغازي، وذلك خشية «مصير مظلم» قد يسفر عن انقطاعات للكهرباء لساعات خلال الشتاء، بينما لا تريد الحكومة الدخول في معترك حملات ترشيد الطاقة، رغم هجمات نشطاء المناخ.
وعلى الرغم من خطر انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء، تستبعد داونينغ ستريت في الوقت الحالي، حملة إعلامية عامة حول توفير الطاقة، كما تفعل معظم الدول الأوروبية في مواجهة النقص الناجم عن الحرب في أوكرانيا.
وكان لتقرير صدر الخميس عن «ناشيونال غريد» مشغل شبكة الكهرباء البريطانية، وقع القنبلة من خلال التحذير من أنه في أسوأ سيناريو لتوقف واردات الغاز من أوروبا مع إنتاج محلي غير كافٍ، فإن انقطاع التيار الكهربائي لثلاث ساعات متتالية يمكن أن يطبق.
وكانت جميع الصحف البريطانية الصادرة الجمعة، عنونت صفحتها الأولى بعبارة «عتمة معممة». ولا تزال البلاد تتذكر أيام التقنين والأعطال والمرسوم الذي قيد استهلاك الشركات للكهرباء بثلاثة أيام في الأسبوع، وسط إضراب عمال المناجم في السبعينات.
وسعى وزير الدولة لشؤون المناخ غراهام ستيوارت للطمأنة الجمعة، في حديث لقناة «سكاي نيوز»: «كل شيء سيكون على ما يرام، لكننا نستعد لكل الاحتمالات». ورداً على سؤال لمعرفة ما إذا يتعين حث البريطانيين على التقشف في استهلاك الطاقة، قال إن الحكومة «لا تبعث بهذه الرسالة». وأضاف: «قد يفضل أشخاص الاستحمام السريع، لأن ذلك قد يخفض فاتورتهم... لكن لا تأثير لذلك على أمننا في مجال الطاقة».
وتؤكد رئيسة الوزراء المحافظة ليز تراس وفريقها باستمرار، أن إمدادات الطاقة في المملكة المتحدة كافية. وأعلن ستيوارت لـ«سكاي نيوز»: «نحن في وضع جيد مقارنة مع جيراننا الأوروبيين الآخرين. لا نعتمد على الغاز الروسي»، والمملكة المتحدة تنتج ما يقارب نصف استهلاكها من الغاز، وهي تصريحات مماثلة لتلك التي أدلت بها رئيسة الحكومة في قمة براغ الخميس.
لكنه أقر بأنه بسبب الحرب في أوكرانيا والقيود المفروضة على إمدادات الغاز الروسي جراء ذلك، فإن «هذا الشتاء يحمل مخاطر أكثر من فصول الشتاء السابقة». ولم يؤكد ستيوارت التقارير الواردة من صحيفة «تايمز» الجمعة، التي تزعم أن حملة التحفيز على توفير الطاقة أعدها وزير الأعمال والطاقة جايكوب ريس موغ ورفضتها ليز تراس في اللحظة الأخيرة. وكانت الحملة ستقترح على البريطانيين خفض درجة حرارة الغلايات أو المشعات في الغرف الفارغة أو المساكن في حالة الغياب عنها مع احتمال خفض الفواتير.
وتؤمن ليز تراس بتقليد محافظ بتدخل الدولة في الحد الأدنى. وقالت خلال مؤتمر لحزبها في برمنغهام قبل أيام: «لن أقول لكم ما عليكم فعله أو التفكير فيه أو كيف عليكم أن تعيشوا حياتكم». وأضاف ستيوارت لقناة «إل بي سي» الجمعة: «لسنا دولة تلعب دور الوصاية».
ورغم أن المملكة المتحدة أقل اعتماداً على الغاز الروسي مقارنة بالدول الأخرى في أوروبا مثل ألمانيا، «نحتاج إلى استمرار تشغيل مصادر التوريد الأخرى» - الترابط مع الاتحاد الأوروبي وتسليم الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة أو قطر - «وشتاء معتدل حتى لا نضطر إلى تقنين أو تكرار قطع الكهرباء مثل السبعينات»، كما يؤكد جون أندرهيل مدير مركز انتقال الطاقة بجامعة أبردين. وأشار إلى أن البلاد لديها سعة تخزين محدودة للغاز في حال كان الشتاء بارداً وقليل الرياح، ما سيؤثر على إنتاج طاقة الرياح، «من هنا أهمية حملة إعلامية لتشجيع خفض استهلاك الغاز»، كما قال رداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية.
من جهة أخرى، وفي محاولة لتخفيف أزمة طاقة واسعة النطاق، أطلقت الحكومة البريطانية جولة ترخيص جديدة للشركات من أجل التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، حيث قدمت لندن نحو 900 موقع للاستكشاف، ما يمكن أن يسفر عن منح ما يصل إلى 100 ترخيص.
وبينما تقول الحكومة إن الأزمة الأوكرانية وما أسفرت عنه من نقص إمدادات الطاقة، تدفعها لأن تكثف من استخراج الوقود محلياً، يرى نشطاء المناخ الغاضبون أن الخطوة تقوض من جهود مواجهة الاحترار.
ويقول هؤلاء إن مشاريع الوقود الأحفوري يجب إغلاقها وليس توسيعها، وإنه لا يمكن أن تكون هناك مشاريع جديدة إذا كانت هناك فرصة للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت 1.5 درجة مئوية، داعين الحكومة للبحث عن تدابير أخرى لمواجهة أزمة الطاقة، مثل تعزيز كفاءة الطاقة في المنازل البريطانية.
وفي مقابل الانتقادات، أكدت الحكومة البريطانية أن لديها إمدادات مصادر طاقة متنوعة، مشيرة إلى أنها لن تطلب من المواطنين ترشيد الاستهلاك، حيث تسعى إلى إبرام صفقات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال.
وتؤمن بريطانيا احتياجاتها من الغاز عبر اتفاقيات استيراد تلبي نحو نصف طلبها، مع تصدر النرويج لقائمة أكبر الموردين، حيث استحوذت على نحو ثلثي واردات البلاد العام الماضي، حسبما نقلت منصة «إس آند بي غلوبال» عن بيانات حكومية. وتأتي بقية واردات الغاز من الولايات المتحدة وقطر، فضلاً عن شحنات نادرة من كل من أستراليا وسلطنة عُمان وصلت الشهر الماضي، في وقت تسعى فيه أوروبا إلى تنويع إمداداتها عقب الحرب الروسية على أوكرانيا.
جدير بالذكر أن بريطانيا احتضنت العام الماضي مؤتمر المناخ (كوب26)، وتعد من أبرز الداعين للتوقف عن الاستثمار في النفط والغاز.
لكن بشكل براغماتي، قال وزير الأعمال والطاقة جاكوب ريس موغ في بيان: «غزو بوتين غير القانوني لأوكرانيا يعني أنه من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن نستفيد إلى أقصى حد من موارد الطاقة السيادية، وتعزيز أمن الطاقة لدينا الآن وفي المستقبل». وأضاف أن «ضمان استقلال الطاقة لدينا يعني استغلال الإمكانات الكاملة لأصولنا في بحر الشمال لتعزيز الإنتاج المحلي».
وفي الوقت الحالي، تم فتح الباب للمتقدمين للحصول على تراخيص في أربع مناطق جنوب بحر الشمال، حيث ترى الهيئة أن هذه البقعة بها أفضل فرصة للإنتاج السريع... إلا أن تحليلات من بيوت خبرة، على غرار «وود آند ماكنزي»، تعتقد أن الإنتاج الفعلي من هذه البقع قد يحتاج إلى نحو 10 سنوات.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.