غاز الجزائر مقابل «تأشيرة» فرنسا خلال زيارة بورن المقبلة

باريس تريد تعهداً صريحاً بمنحها كمية الغاز التي تحتاجها وبالسعر الذي تتمناه

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر الشهر الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر الشهر الماضي (الرئاسة الجزائرية)
TT

غاز الجزائر مقابل «تأشيرة» فرنسا خلال زيارة بورن المقبلة

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر الشهر الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر الشهر الماضي (الرئاسة الجزائرية)

تبحث رئيسة وزراء فرنسا إليزابيت بورن، في التاسع والعاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في الجزائر، توريد كميات من الغاز لتعويض الغاز الروسي، في وقت تثار فيه تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة الجزائر على الوفاء بتعهداتها من الطاقة لأوروبا، خصوصاً إيطاليا، التي تم الاتفاق معها على إمدادها بكميات كبيرة من الغاز المسال.
وأكدت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، اليوم، أن باريس «تريد من خلال هذه الزيارة تعهداً صريحاً بمنحها كمية الغاز، التي هي بحاجة إليها وبالسعر الذي تتمناه، فيما يريد الجزائريون من فرنسا التخلي عن تشددها فيما يخص التأشيرة، أو ما يعرف سياسياً بحرية تنقل الأشخاص بين البلدين». وحسب المصادر ذاتها، فإن هناك «استعداداً مبدئياً لإيجاد مساحة يلتقي عندها الطرفان، تحقق لكليهما المنفعة التي يبحثان عنها». وتعاملت الجزائر باستياء بالغ العام الماضي مع قرار فرنسا تخفيض منح التأشيرات إلى النصف. وكان السبب، حسب وزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانان (ذو الأصول الجزائرية)، رفض القنصليات الجزائرية في فرنسا إصدار التراخيص، التي تسمح بترحيل 8 آلاف مهاجر جزائري غير نظامي، وشمل القرار نفسه المغرب وتونس.
وقالت رئاسة الحكومة الفرنسية، اليوم، إن بورن ستلتقي خلال زيارتها نظيرها أيمن بن عبد الرحمن، بـ«هدف تثبيت الشراكة»، التي اتفق عليها نهاية الشهر الماضي رئيسا البلدين. وأكدت أنه تماشياً مع الإعلان المشترك للجزائر «من أجل تجديد الشراكة بين الجزائر وفرنسا»، الذي تمخضت عنه زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر نهاية أغسطس (آب) الماضي «سيجتمع أعضاء الحكومتيْن الفرنسية والجزائرية لإعادة تأكيد عزمهم على تعزيز الصداقة بين فرنسا والجزائر، وتعميق التعاون الثنائي في مجالات المصلحة المشتركة».
وكان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، أوليفييه فيران، قد تحدث غداة زيارة ماكرون للجزائر عن إعلانات «قريبة» عن زيادة ممكنة لشحنات الغاز الجزائري المرسلة إلى فرنسا، في خضم أزمة الطاقة، الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت رئاسة الحكومة الفرنسية، إن بورن ستشارك رفقة عدد من أعضاء الحكومة الفرنسية في رئاسة «الدورة الخامسة للجنة الحكومية الرفيعة المستوى مع نظيرها الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن». وأوضحت أن اللجنة ستتطرق إلى «المسائل الاقتصادية والتحول البيئي». فيما أكد مختصون جزائريون في مجال الطاقة أن ماكرون لم ينجح خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر في الحصول على المكاسب، التي كان يتطلع إليها في ملف الغاز، خصوصاً ما يتعلق برفع حصة بلاده من غاز الجزائر، مبرزين أن الجزائر لم ترحب بزيادة مدة العقد الذي كان يجري الترتيب له، زيادة على خلافات تتعلق بالسعر الذي تريده فرنسا. غير أنه يبدو أن هناك مؤشرات إيجابية من جانب الجزائريين في هذا المجال، دفعت فرنسا إلى إيفاد رئيسة وزرائها للاتفاق على توريد الغاز، مع التفاوض حول الكمية والسعر، حسب المختصين نفسهم.
وكان الرئيسان تبون وماكرون قد اتفقتا على «التعاون معاً في مجال الانتقال الطاقوي، لا سيما من خلال التعاون في مجالات الغاز والهيدروجين. كما اتفقا على إطلاق برنامج بحث ابتكاري فني حول استعادة ومعالجة غاز الشعلة. وينبغي أن يفضي هذا الانتعاش إلى زيادة الاستثمارات»، حسبما تضمنته وثيقة «الشراكة المتجددة».
وفي سياق «تهافت» الأوروبيين على الغاز الجزائري، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، طرح الموقع الإلكتروني المتخصص «الطاقة» تساؤلات جوهرية عن مدى قدرة الجزائر على تلبية طلب شركائها الأوروبيين من الطاقة، علماً بأن الاستهلاك الداخلي يبلغ 50 في المائة من الإنتاج. وأكد «الطاقة» أن الغاز الجزائري «يواجه عدة تحديات من أجل تأمين الإمدادات الإضافية، البالغة نحو 9 مليارات متر مكعب إلى إيطاليا عبر خط أنابيب (ترانسميد)»، مشيراً إلى أن شركة «سوناطراك» للمحروقات «تبحث عن حلول عاجلة من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه شريكتها (إيني) الإيطالية، في وقت لم يشهد فيه إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي زيادة كبيرة».
وحسب الموقع الإخباري، فقد عقدت «سوناطراك» في غضون أسبوع واحد فقط «ثلاثة اجتماعات أزمة لمناقشة الحلول العاجلة التي تجعل من الممكن تجسيد التزامات صفقة الغاز الجديدة»، المبرمة بين الجزائر وروما في 19 يوليو (تموز) الماضي، خلال القمة الجزائرية - الإيطالية الرابعة في الجزائر العاصمة، مشيراً إلى أن الشركة الجزائرية «تكافح من أجل العثور على الكميات الإضافية من الغاز الطبيعي، التي وعدت الجزائر بتأمينها إلى إيطاليا».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
TT

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)

محطة جديدة من التوتر بين ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، والحكومة الفيدرالية، عقب قرار الإقليم تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، بعد خلافات زادت وتيرتها عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، وفوز أحمد مدوبي بولاية ثالثة، بالمخالفة لتشريع صومالي جديد يدخل حيز التنفيذ العام المقبل بالعودة إلى «الانتخابات المباشرة».

ذلك التعليق من جانب ولاية جوبالاند التي تقع على الحدود مع كينيا وإثيوبيا، جاء بعد إصدار سلطات الجانبين مذكرتي اعتقال لقيادة الإقليم والحكومة الفيدرالية، ويراه خبراء تحدّثوا مع «الشرق الأوسط» أنه قد يقود إلى «انفصال» للولاية عن مقديشو، ويفاقم من الصراع الأهلي، ويسمح لحركة «الشباب» الإرهابية التي ستستغل تلك الخلافات لزيادة تمددها.

وتُعد ولاية جوبالاند «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، ميناء مهماً من الناحية الاستراتيجية، وتحد ساحلها منطقة بحرية متنازع عليها بشدة، مع وجود مكامن نفط وغاز محتملة، و«يزعم كل من الصومال وكينيا السيادة على هذه المنطقة»، وفق «رويترز».

وجاء القرار في ظل أزمة انتخاب مدوبي الذي ترفضه مقديشو متزامناً مع إصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، الأربعاء، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وجاءت انتخابات جوبالاند، الاثنين، بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت الماضي، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي الذي يُعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

وكان الصومال يعتمد منذ عام 2000 على نظام انتخابات غير مباشرة مبني على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس، ولتجاوز هذا النظام توصّل «منتدى المجلس التشاوري الوطني» في مايو (أيار) 2023 إلى اتفاق يقضي بإجراء انتخابات مباشرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في عودة إلى آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، لكن لم تُنظم لعدم وجود قوانين للانتخابات، واتفق أعضاؤه على إجراء اقتراع مباشر في سبتمبر (أيلول) 2025، بعد وضع القانون الذي صدر قبل نحو أسبوع.

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «إصدار مذكرات اعتقال وتعليق العلاقات واعتبار انتخاب مدوبي غير قانوني انعكاس لتصاعد التوتر بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع السياسية وزيادة الانقسامات».

وسيكون خيار «احتمالية الانفصال» مطروحاً، حسب بري؛ «إذا استمرت التوترات»، موضحاً أن «جوبالاند قد تسعى إلى إعلان انفصال فعلي. لكن هذا يتطلب دعماً محلياً ودولياً، بالإضافة إلى استقرار سياسي داخلي».

و«ربما كانت مذكرتا الاعتقال المتبادلة بين الطرفين ليستا إلا ستاراً داكناً تجري من ورائه الرغبة في تحرير خطاب العداء المتبادل الذي يجتهد طرفاه في التغطية عليه بمفاهيم الشرعية الدستورية لطبيعة الانتخابات»، وفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج.

ويرى أنه لو أصبح الصومال على هذه الحالة من التنازع فسوف يتحول إلى «بؤرة جاذبة للنشاط الإرهابي»، ومسرح لعمليات عسكرية يكون مداها واسعاً حول عموم منطقة القرن الأفريقي.

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

وقبل أيام، نشرت الحكومة الصومالية الفيدرالية ما يقرب من 1000 جندي فيدرالي في منطقة رأس كامبوني جنوب البلاد التي تنتشر فيها قوات جوبالاند، بعد انسحاب قوات بعثة الاتحاد الأفريقي، لضمان الاستقرار ومواجهة حركة «الشباب». وعدّ إعلام صومالي محلي تلك الخطوة «تصعيداً كبيراً للخلاف بين الولاية ومقديشو».

بينما عدّت وزارة الأمن الداخلي في جوبالاند تلك الخطوة أنها «محاولة لتدمير النظام الفيدرالي وإثارة القلاقل السياسية والأمنية في الإقليم»، محذرة من «وقوع صدام بين تلك القوات وقوات الولاية الإقليمية».

وأزمة جوبالاند هي الثانية أمام مقديشو، في ظل استمرار توتر علاقاته مع إقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا مع الإقليم اتفاقاً مبدئياً، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (الرئيس الصومالي على «إكس»)

ويرى الحاج أن الصراع الذي بلغ «حد اللاعودة» بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وإقليم جوبالاند، يشير إلى فاعلية التدخلات الحدودية في محيط القرن الأفريقي؛ حيث يتشارك إقليم جوبالاند الحدود مع إثيوبيا، وهي ذات الدولة التي أضحت علاقاتها مع الصومال تسير على نحو مضطرب ومتوتر منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم أرض الصومال.

ويعتقد أن كل ما جرى من توترات بشأن الانتخابات في جوبالاند وحكومة الصومال ليس إلا بذرة خلاف لزعزعة وحدة الصومال، بعدما أثبتت التجربة الانتخابية في أرض الصومال نجاحها، و«ربما مُضيها في اتجاه الانفصال والاستقلال». ولا يستبعد «وجود أصابع إثيوبية تعمل على توجيه بوصلة مدوبي نحو تبني خيارات الانفصال والمطالبة بالاستقلال بعيداً عن هيمنة السلطة المركزية في مقديشو».

ويتفق معه بري على أن «إثيوبيا تلعب دوراً في دعم بعض المجموعات في جوبالاند؛ مما يعزّز مخاوف إمكانية حدوث انفصال جديد، خصوصاً أن التدخل الإقليمي يُعد عاملاً مهماً في الديناميات المحلية».

عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية الصومالية (أ.ب)

وبشأن إمكانية حدوث حل للأزمة، يرى الحاج أن «تخفيف مقديشو حدة الخطاب العدائي بين الصومال وأقاليمه ذات النزعة الانفصالية، يصبح هو الرهان الآن بغية تحييد الدور الإثيوبي ومنع نفوذها الساعي لاستغلال أوضاع المنطقة عموماً؛ لأجل تمرير مصالحها الحيوية دون الاكتراث لمستقبل القرن الأفريقي».

بينما أوضح بري أنه يمكن تدارك الأمور عبر إجراء الحكومة الفيدرالية وجوبالاند حواراً شاملاً لمعالجة القضايا العالقة، وتدخل وساطة دولية لتسهيل ذلك الحوار، مؤكداً أن الوضع في جوبالاند «يتطلّب خطوات عاجلة وفعّالة من جميع الأطراف المعنية، باعتبار أن الحوار والتعاون سيكونان المفتاح لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتجنّب تصعيد النزاع».