القضاء التونسي يحقق مع عشرات المتهمين في «ملف تسفير الشبان إلى بؤر التوتر»

بينهم الغنوشي والعريض وأئمة مساجد... وقيادات أمنية ومحامون

السلطات التونسية قالت إن التحقيق سيستمر مع الغنوشي بشأن شبكات التسفير إلى سوريا (أ.ف.ب)
السلطات التونسية قالت إن التحقيق سيستمر مع الغنوشي بشأن شبكات التسفير إلى سوريا (أ.ف.ب)
TT

القضاء التونسي يحقق مع عشرات المتهمين في «ملف تسفير الشبان إلى بؤر التوتر»

السلطات التونسية قالت إن التحقيق سيستمر مع الغنوشي بشأن شبكات التسفير إلى سوريا (أ.ف.ب)
السلطات التونسية قالت إن التحقيق سيستمر مع الغنوشي بشأن شبكات التسفير إلى سوريا (أ.ف.ب)

أحال القضاء التونسي، اليوم، عشرات الأشخاص المتهمين في «ملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر» على النيابة العامة المختصة بمكافحة الإرهاب، وقدّرت مصادر حقوقية عدد المشمولين بالملاحقة في هذا الملف بنحو 40 متهماً، بينهم رئيس حكومة سابق، ورئيس حزب سياسي، وقيادات أمنية ووزير سابق، إضافة إلى محامين وأئمة مساجد وموظفين بارزين.
واستبعد مختار الجماعي، عضو هيئة الدفاع عن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وعلي العريض نائب رئيس الحركة ووزير الداخلية سابقاً، أن تصدر النيابة العامة قرار حفظ التهم الموجهة إليهما، ورجّح أن تحيل المشمولين بالبحث على قاضي التحقيق المختص. وفي هذا السياق، قال سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي ونائبه علي العريض، إنّ أغلب المعطيات التي وردت في ملف قضية التسفير كانت مجرد مراسلات وبيانات صادرة عن إحدى النقابات الأمنية التونسية، على حد قوله.
وأبقى القضاء التونسي اليوم على الغنوشي بحال سراح، بعد استنطاقه في ملف التسفير إلى غاية فجر أمس لمدة تجاوزت عشر ساعات، لكن التحقيق سيستمر معه في وقت لاحق بشأن شبكات التسفير إلى سوريا. كما تم إطلاق سراح حبيب اللوز، القيادي في حركة النهضة، بعد سماعه في الملف نفسه. في حين قررت النيابة العامة الاحتفاظ بعلي العريض بعد سماعه الاثنين الماضي.
ووفق ما تسرب من كواليس الأبحاث الأولية، التي أجرتها وحدة الأبحاث حول الإرهاب في هذا الملف، فقد تمت مجابهة العريض بعدد من التهم المتصلة ببعض الترقيات المهنية التي شهدتها وزارة الداخلية حين توليه قيادتها، وعلاقته بعدد من القيادات الأمنية التي تم الاحتفاظ بها في الملف نفسه، مثل فتحي البلدي المعتقل منذ فترة، ومحرز الزواري، المدير العام السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية الذي سلّم نفسه أمس لوحدة الأبحاث في جرائم الإرهاب.
ورداً على هذه الاتهامات، أكدت حركة النهضة تمسكها بموقفها الثابت ضد تسفير الشبان إلى بؤر التوتر ورفضها له، وذكرت في بيان، أن العريض كان أول من تم إخباره عندما كان وزيراً للداخلية سنة 2012 بخطر تنظيم أنصار الشريعة، وحتى قبل أن يتم تصنيفه تنظيماً إرهابياً ويعلن الحرب ضده، وأن دمه أُهدر على رؤوس الملأ في قناة تلفزيونية خاصة آنذاك. واعتبرت الحركة، أن ملف التسفير «فارغ لا يحتوي على أي أدلة تدين قيادات الحركة»، وحمّلت السلطات تبعات هذه الأساليب. منبّهة إلى أن «محاولات ضرب القضاء تهدف إلى تدجينه، وتوظيفه لتيسير تلفيق جرائم ضد الخصوم السياسيين، وإثارتها إعلامياً من أجل التغطية، والهروب من واقع الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة، التي عجزت حكومة الأمر الواقع على إيجاد حلول لها»، على حد قولها.
على صعيد متصل، نظمت عائلات الشباب الذين تم تسفيرهم إلى العراق وسوريا اليوم وقفة احتجاجية للمطالبة باستعادة أبنائهم المعتقلين في سجون عدة داخل سوريا وليبيا والعراق، كمحاولة لتسليط مزيد من الضغوط على حكومة نجلاء بودن. وفي هذا الشأن، دعا محمد إقبال بن رجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، الرئيس قيس سعيّد إلى إرسال لجنة خاصة مكونة من أمنيين وعسكريين وقضاة إلى كل من ليبيا وسوريا والعراق وإيطاليا؛ بهدف متابعة وضعية التونسيين الذين لهم علاقة بالتنظيمات الإرهابية في هذه البلدان، وإعادتهم إلى تونس للاستفادة من المعلومات التي يتوفرون عليها.
في سياق ذلك، دعت مباركة عواينية، زوجة محمد البراهمي النائب البرلماني الذي اغتيل عام 2013 على أيدي مجموعات متطرفة، إلى فتح تحقيق حول تصريحات نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، ومحاكمته فوراً حسب مقتضيات المرسوم الجديد الصادر منذ أيام، بحجة بث إشاعات وأخبار زائفة، وذلك بعد أن قال، إن من يريد أن يعرف حقيقة تسفير الشباب للقتال في سوريا «عليه أن يسأل مباركة البراهمي وكتائب البراهمي». في إشارة إلى تسفير بعض الأحزاب القومية التونسية أعداداً من الشبان التونسيين للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد ضد التنظيمات والمجموعات الداعية لإسقاط النظام السوري.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».