«مخلب النعامة» في قبيلة أفريقية يثير جدلاً علمياً

بعد أن اعتبره باحث مصري نموذجاً على آليات «التطور»

أعضاء من قبيلة «فادوما» في زيمبابوي (public domain)
أعضاء من قبيلة «فادوما» في زيمبابوي (public domain)
TT

«مخلب النعامة» في قبيلة أفريقية يثير جدلاً علمياً

أعضاء من قبيلة «فادوما» في زيمبابوي (public domain)
أعضاء من قبيلة «فادوما» في زيمبابوي (public domain)

لا يزال الحديث عن «التطور» يثير جدلاً علمياً، ينطلق بعضه من خلفية دينية، ويتفجر من حين لآخر في أوساط الباحثين والعلماء، وهو ما ظهر جلياً في ردود الفعل على تعليق كتبه باحث مصري على صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك»، اعتبر فيه أن عيباً جينياً يتوارثه أعضاء قبيلة أفريقية نموذج دالّ على آليات التطور.
وقال سامح سعد، رئيس برنامج أبحاث بيولوجيا الأورام في مستشفى سرطان الأطفال «57357»، إن «قبيلة في زيمبابوي اسمها (فادوما) يتوارث بعض أعضائها عيباً جينياً يجعلهم بإصبعين فقط (مخلب النعامة)، وهذ العيب أصبح ميزة عند حامليه، لأنه يساعدهم على تسلق الأشجار بسهولة، ولذلك يعتبرونه منحة سماوية». وتابع: «هكذا يتم توارث الطفرات الجينية إذا كانت مفيدة، وهذا نموذج دال على آليات التطور وانطباقها علي كل المخلوقات، بما فيها البشر».
وتباينت التعليقات على هذه الرؤية التي طرحها سعد، ما بين مؤيد يراها شرحاً مبسطاً لآليات التطور، وما بين رافض لها، ويعتبرها أبعد ما تكون عن التطور.
وكتب مؤمن سلامة، وهو كما عرّف نفسه صيدلي، تعليقاً طويلاً انتقد فيه تلك الرؤية التي طرحها سعد، وقال إن «من يعانون من العيب الجيني الذي يسبب (مخلب النعامة)، لديهم متلازمة تسمى (خلل التنسج الأديمي الظاهر)، وهذه المتلازمة تحدث بسبب خلل في طبقة الأديم الظاهر أثناء التطور الجنيني، وتؤثر على كل الغدد في الجسم تقريباً، ولذلك تكون مصحوبة بسلسلة من الأمراض».
واختتم تعليقه قائلاً: «سؤال بسيط، حضرتك أكيد فاهم التطور جيداً، فما هي الصفة التنافسية القوية التي تقدمها تلك الطفرة مقارنة بالقدم الطبيعية، حتى يستمر هذا الجين، وننشئ حولها قصة عن نجاح التطور».
ووصف تعليق آخر كتبه «أحمد هيكل» أن ما أشار إليه سعد أنه تطور، هو في الحقيقة «تشوه»، وقال: «مع كامل احترامي هذا تشوه، وليس تطوراً، وإلا نعتبر حينها أن أنيميا الخلايا المنجلية تطور!».
ومالت تعليقات أخرى إلى تأييد ما ذهب إليه سعد، واستخدم بعضهم مفردات ساخرة تحاول أن تخفف من سخونة الجدل العلمي، فقال سامح قطب: «الحمد لله إننا مش محتاجين شيء من الأشجار».
وداعب هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقارية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وأحد كبار المؤيدين لنظرية التطور، زميله سامح سعد قائلاً: «كشفت عن نفسك، يا دارويني (نسبة إلى مؤسس نظرية التطور داروين) يا أبو صفحة تطورية».
وبينما اكتفى سعد باستخدام وجوه ضاحكة تجاوباً مع هذه التعليقات، كان حريصاً على التعليق باستفاضة رداً على المنتقدين، وقال تعليقاً على ما كتبه الصيدلي مؤمن سلامة: «أكيد أنت فاهم أن استخدامي لهذا المثل لا يستدعي أن هذه الصفة التشريحية مصيرها الثبات بشكل حتمي في نوع جديد من البشر، ما قلته بغض النظر عن كون هذه جزءاً من متلازمة تنشأ عن خلل جيني، هو أن آلية التطور ماثلة أمام أعيننا عن طريق طفرات، معظمها ضار أو متعادل وأقلها مفيد، وقد يبدأ التحور الجيني في الإفصاح عن صفات تشريحية تشكل تحدياً للكائن الحي، وقد تكون مصحوبة بقدرات تساعده على البقاء واجتياح حيز أيكولوجي جديد، وتلك التحديات هي من يحدد الصفات الباقية».
وتابع: «في حالة قبيلة (فادوما) لا يرى الناس أن ذلك تشوه، وإنما هبة من السماء كما قلت، ولذلك يتزوجون من حامليها، وهي بالتأكيد لا تعيقهم عن حياتهم الطبيعية، بل تميز حامليها بقدرات تسلق خاصة، فما أردت قوله هو أن بقاء تلك الصفة وتمريرها إلى الأجيال القادمة وانحياز أفراد القبيلة لتلك الصفة هو خطوة في نشوء التنوع البيولوجي».
وردّ على ما أثاره أحمد هيكل قائلاً: «يوجد سوء فهم لمعنى كلمة تطور، لأنها لا تقضي بتحسين الشكل، ولكن الوظيفة، ولو أن ما تطلق عليه تشوهات كانت لها وظيفة تساعد على البقاء، لصارت جزءاً نافعاً يتم اختياره بشكل تلقائي».
ويرفض سعد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وصف تطرقه لمثل هذه القضايا، بأنه محاولة لإثارة قضايا جدلية، وقال: «أحاول دوماً من خلال تعليقاتي التطرق للحقائق العلمية، التي قد لا تروق للبعض ممن يتمسكون بالتفسير الحرفي للنصوص الدينية».
يقول سعد: «نحن نقبل بالتطور عندما يتعلق الأمر بالحديث عن تطور الفيروسات والبكتيريا، وظهور متحورات جديدة من الفيروسات، لكن عندما يتعلق الأمر بالإنسان، يرفض البعض ذلك، بسبب التفسير الحرفي لآيات خلق البشر». ويضيف: «أنا شخص مؤمن بالله، ولا أجد تعارضاً بين الدين والتطور، ويجب أن يكون تفكيرنا علمياً، لأننا لن ننهض إلا بالعلم».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.