واشنطن تعمل على ضمان إعادة فرض العقوبات على إيران في حال انتهاكها أي اتفاق

إدارة أوباما قالت إنها سترفض أي اتفاق نهائي مع طهران إذا لم يضمن السماح بالدخول إلى المواقع العسكرية

واشنطن تعمل على ضمان إعادة فرض العقوبات على إيران في حال انتهاكها أي اتفاق
TT

واشنطن تعمل على ضمان إعادة فرض العقوبات على إيران في حال انتهاكها أي اتفاق

واشنطن تعمل على ضمان إعادة فرض العقوبات على إيران في حال انتهاكها أي اتفاق

قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أمس، إن بلادها تعمل على ضمان القدرة على إعادة فرض العقوبات على إيران، دون دعم من روسيا والصين، إذا انتهك الإيرانيون أي اتفاق نووي يتم إبرامه.
وأكدت سامانثا باور أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سترفض أيضا أي اتفاق نهائي مع طهران بخصوص خفض أنشطتها النووية، إذا لم يضمن السماح بالدخول إلى المواقع الإيرانية العسكرية.
وأشارت باور في جلسة أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إلى أن أوباما «كان واضحا جدا منذ البداية بأنه لا يمكننا أن نسمح بترك أي إجراء لإعادة فرض العقوبات في أيدي روسيا أو الصين».
وتجري إيران مفاوضات مع «مجموعة 5+1» المشكّلة من الدول الكبرى للتوصل إلى اتفاق لمنع طهران من تطوير قنبلة نووية مقابل رفع العقوبات عنها. وقد حددت المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق في 30 يونيو (حزيران) الحالي، لكن تظل مسألة رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن إيران من بين القضايا الشائكة والصعبة في المفاوضات الجارية، إذ تدعو إيران إلى الإنهاء الفوري للعقوبات، إلا أنه من المرجح أن ينص الاتفاق المزمع على رفع تدريجي لعقوبات معينة، مقابل تحرك طهران باتجاه تحقيق أهداف خفض قدراتها النووية.
وفي هذا الصدد يقول دبلوماسيون غربيون إنه يجري العمل حاليا على وضع لمسات نهائية على آلية لإعادة فرض العقوبات إذا انتهكت إيران الاتفاق. ويرجح أن تشمل الآلية تشكيل لجنة من الدول الست الكبرى وإيران، إلا أن الكثير داخل «مجموعة 5+1» لا يريدون أن ترتهن اللجنة للتصويت بالفيتو في مجلس الأمن، حيث يمكن لدولة واحدة أن تحبط التصويت.
وقالت باور بهذا الخصوص: «لن ندعم أية آلية أو اتفاقا يشتمل على آلية لإعادة فرض العقوبات تجعلنا في موقف ضعيف... وسنحتفظ بالقدرة على إعادة فرض العقوبات المتعددة الأطراف دون دعم روسي أو صيني». كما أكدت أن «الرئيس أوباما لن يقبل اتفاقا لا يمكننا من الدخول إلى المواقع الذي نحتاج إليه لضمان التزام إيران بالاتفاق».
وقال رئيس اللجنة النائب إد رويس: «يجب أن نضمن قدرة المفتشين الدوليين على الذهاب إلى أي موقع في أي وقت».
وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون إنه إذا توصلت إيران والقوى العالمية إلى اتفاق نووي فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيرجئ لمدة شهر على الأقل اتخاذ أي إجراء لرفع العقوبات الدولية عن طهران حتى يتسنى للكونغرس الأميركي مراجعة الاتفاق.
وقال مسؤولون غربيون، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن هذا التطور ليس محل ترحيب، لكنه ينطوي على ضرورة سياسية لأن الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون المعارضون لمفاوضات أوباما مع إيران لا يرغبون في أن تكون الكلمة لمجلس الأمن الدولي أولا، مضيفين أن الكونغرس سيعتبر ذلك حكما مسبقا على أي اتفاق يمنح إيران تخفيفا للعقوبات، في مقابل الحد من أنشطتها النووية الحساسة لمدة عشر سنوات على الأقل.
ومن المرجح، حسب عدد من الملاحظين، أن تقبل إيران على مضض هذا التأجيل. وقال مسؤول إيراني كبير اشترط عدم نشر اسمه «يبدو أنه لا يوجد أي خيار آخر.. هل نحن راضون.. بالطبع لا».
وكانت إيران ترغب في رفع كل العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فور التوقيع على اتفاق، لكن بعض المسؤولين الغربيين يقولون إنهم سيحتاجون إلى التأكد من امتثال الإيرانيين لأي اتفاق قبل تخفيف العقوبات، رغم أن تأجيل أي إجراء للأمم المتحدة من أجل مراجعة الكونغرس يعد عنصرا جديدا.
وكان قد تحدد يوم 30 يونيو الحالي كموعد نهائي للتوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى الكبرى. ويتوقع المسؤولون الغربيون أن تمتد المحادثات إلى شهر يوليو (تموز) المقبل.
وكان الرئيس أوباما قد وقع الشهر الماضي على قانون يمنح الكونغرس 30 يوما لمراجعة أي اتفاق قبل أن يعلق أوباما عقوبات الكونغرس الأميركي، شريطة أن يتسلم أعضاء الكونغرس الاتفاق بحلول الثامن من يوليو المقبل، وإذا تسلم الكونغرس الاتفاق بعد ذلك الموعد فستمتد فترة المراجعة إلى 60 يوما.
ويقول مسؤولون غربيون إن مجلس الأمن لا يحتاج إلى موافقة الكونغرس، لكن ليس من الحكمة سياسيا استباق الكونغرس. ومع ذلك فإنهم يقولون إن أي تأخير لمدة 60 يوما سيكون مبالغا فيه.
وسينطوي أي تصويت للأمم المتحدة على قرار لمجلس الأمن بإقرار الاتفاق وإلغاء كل القرارات السابقة المتعلقة بالعقوبات، في حين سيبقي على حظر السلاح وعلى قيود أخرى. ولا يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة إلا من خلال مجلس الأمن، كما لن يكون من السهل الحصول على موافقة الكونغرس على أي اتفاق.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.