قالت رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي على ضوء الاستفتاء المزمع في هذا البلد بشأن الاستمرار في عضوية التكتل الموحد وكيفية التعامل مع أي تداعيات لهذا الاستفتاء، سيكون في الأجندة الرئيسية للقمة الأوروبية المقررة في بروكسل يوم 25 من الشهر الحالي، بحضور قادة دول الاتحاد الـ28.
ويتزامن ذلك مع تقارير، تشير إلى التداعيات الاقتصادية لهذه الخطوة من جانب لندن، وذكرت صحيفة «صنداي تايمز»، إن الكثير من مديري أكبر الصناديق التي يوجد مقرها في لندن، يعدون خططا لنقل أرصدة يبلغ حجمها تريليونات الجنيهات وآلاف الوظائف إلى خارج بريطانيا إذا صوتت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء من المقرر إجراؤه بحلول نهاية 2017.
وتثير قضية الاستفتاء البريطاني جدلاً واسعًا في أروقة الاتحاد، خاصة في ظل التصاعد المطرد للتيارات المتطرفة والمتشككة بمستقبل أوروبا. كما أثار هذا الأمر ردود فعل مختلفة في عدة عواصم أوروبية، ومنها العواصم التي زارها رئيس الوزراء البريطاني مؤخرا للتباحث حول هذا الصدد، وعبر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، عن قناعته بأن إصلاح الاتحاد الأوروبي، يجب ألا يؤدي إلى تفكيك أوروبا، وجاء ذلك خلال استقبال ميشال لنظيره البريطاني ديفيد كاميرون، الذي زار بروكسل لحضور قمة الاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية. وتركز الحديث خلال اللقاء على الإصلاحات التي يريد المسؤول البريطاني إدخالها على الاتحاد الأوروبي قبل القيام باستفتاء حول مستقبل بلاده داخل هذا الاتحاد قبل نهاية عام 2017.
وقام كاميرون بزيارات وجولات على مختلف العواصم الأوروبية لشرح وجهة نظر بلاده. ووصف كاميرون لقاءه برئيس الوزراء البلجيكي مؤخرا بأنه كان لقاء جيدا.
من جهته، أكد شارل ميشال، أن النقاش كان صريحًا ومنفتحًا بشأن مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. «تطرقنا إلى إمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد، كما تحدثنا عن كيفية إصلاح التكتل الموحد ليصبح أكثر فاعلية وكفاءة»، وحول مجالات إصلاح الاتحاد الأوروبي، أكد ميشال وجود خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها، مشيرًا إلى أن نتائج الإصلاح يجب ألا تؤدي إلى تفكيك أوروبا.
وردًا على سؤال حول هذه الخطوط الحمراء، أوضح رئيس الوزراء البلجيكي أن الأمر يتعلق بحرية حركة المواطنين من دون أي تمييز، وبعدم إمكانية إعطاء البرلمانات الوطنية حق تعطيل أي تشريع أوروبي، كما ترغب لندن، «سيكون هذا الأمر نهاية أوروبا»، واختتم ميشال كلامه بالتأكيد على أنه لا يمكن استبعاد خروج بريطانيا من الاتحاد، إذا جاءت نتائج الاستفتاء على هذا النحو، مؤكدًا رفض بلاده أي «تعديل» يمكن بريطانيا من الحصول على امتيازات بسبب انتمائها للاتحاد، بينما تتنصل من مسؤولياتها تجاهه.
وحصل حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني على أغلبية غير متوقعة في انتخابات جرت الشهر الماضي ويسعى الآن لإعادة التفاوض على علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي قبل إجراء استفتاء. ولكن كاميرون يواجه صوتا قويا على نحو متزايد معارضا لأوروبا من داخل حزبه. وتوعد الجناح المتشدد المشكك بأوروبا في الحزب المحافظ الذي سعى ديفيد كاميرون إلى تهدئته مع الإعلان عن إجراء الاستفتاء، بأن يكون عقبة في طريق رئيس الوزراء إلى حين إجراء التصويت.
وحسب تقارير إعلامية، من المفترض أن يجري الاستفتاء أواخر عام 2017 على أبعد تقدير، لكن يمكن أن يتم في العام المقبل. كل شيء مرهون بمدى تقدم المفاوضات التي يعتزم ديفيد كاميرون إجراءها سعيا لتهيئة الظروف المواتية لانتماء بلاده إلى تكتل الدول الأوروبية الـ28. وتبدو معاودة التفاوض صعبة، لا سيما أن بعض المطالب البريطانية تتناقض مع المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي.
لذلك تبدو المعركة التي سيخوضها رئيس الوزراء داخل فريقه، لاحتواء أعضاء حزبه المشككين صعبة أيضا. إلا أن كاميرون المؤيد لبقاء بلاده في الاتحاد مع المطالبة بإدخال تعديلات على نظامه قبل الاستفتاء، ليس أول مسؤول محافظ يتعرض لهجمات المشككين بالبناء الأوروبي. ففي عام 1993 وصف جون ميجور ساخطا ثلاثة من وزرائه كانوا يعارضون معاهدة ماستريخت بـ«المعتوهين». وسيضطر كاميرون الذي أعيد انتخابه بغالبية 12 نائبا فقط في مجلس العموم، لمواجهة مجموعة النواب المتمردين المشككين بأوروبا.
وحذر سايمون أشروود البروفسور في جامعة سوراي في مقابلة صحافية بأنه «بإمكانهم أن يسببوا له صعوبات حقيقية وسيفعلون ذلك». ويطالب نحو 50 من النواب المحافظين الـ330 بانسحاب بلادهم من الاتحاد الأوروبي أيا تكن التنازلات التي يمكن الحصول عليها. ولدى الغالبية ميول مشككة، لكنها تنتظر نتيجة المفاوضات قبل أن تحسم قرارها للقيام بحملة من أجل البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وهكذا انضم أكثر من 90 نائبا إلى مجموعة جديدة باسم «المحافظون من أجل بريطانيا»، أنشئت لمناقشة الرد على حزمة الإصلاحات المحتملة التي ستخرج من إعادة التفاوض. وأكد ديفيد كامبل بانرمان المشارك في ترؤس المجموعة «لن نبدأ الحملة للخروج (من الاتحاد) نريد دعم رئيس الوزراء في إعادة التفاوض». لكن هذا النائب الأوروبي حذر في الوقت نفسه بأنه «إن لم تكن إعادة التفاوض مرضية بنظر أعضاء المجموعة فإننا مستعدون لخوض حملة من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي».
ويرغب أكثر المشككين تشددا في أن يكون من حق البرلمان البريطاني الاعتراض على أي تشريع يأتي من بروكسل، لكن وزير الخارجية فيليب هاموند المشكك هو نفسه استبعد هذا الاحتمال. وأظهرت أول مناقشة مخصصة لمشروع القانون حول الاستفتاء قبل أيام، حجم الانقسامات التي يثيرها الاتحاد الأوروبي لدى الطبقة السياسية البريطانية منذ دخول المملكة المتحدة في 1973 إلى هذا النادي الذي كان يسمى آنذاك بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية.. وقال جون ردوود أحد الوجوه البارزة للمشككين البريطانيين بأوروبا، إن الاستفتاء يوفر فرصة للناخبين لاستعادة «حقوقهم الثابتة». وقال بيل كاش، وهو أيضا من المشككين البارزين.. «إن ديمقراطيتنا وبرلماننا الوطني هما ما ناضل الناس وماتوا لأجله في الحربين العالميتين»، مستعيدا مقولة عزيزة على قلب الرافضين للاتحاد الأوروبي.
ورغم دعمهم لإجراء الاستفتاء فإن المشككين بأوروبا قلقون من الظروف المحيطة بالتصويت. فقد أثارت تصريحات لرئيس الوزراء الأسبوع الماضي فسرت على أنها دعوة للوزراء الرافضين إلى الانسحاب من الحكومة، عاصفة سياسية إعلامية. ما اضطر ديفيد كاميرون إلى «توضيح» تصريحاته، مؤكدا أنه لم يتخذ قرارا بشأن الموضوع. وقال النائب المشكك أوين باترسون محذرا بأنه إذا شعر الناخبون بأن الاستفتاء «مزيف» فإن النتيجة «قد تعتبر غير شرعية».
رئيس وزراء بلجيكا: الإصلاح لا يعني تفكيك أوروبا
قمة الاتحاد تبحث مستقبل العلاقات مع بريطانيا في مرحلة ما بعد «الاستفتاء»
رئيس وزراء بلجيكا: الإصلاح لا يعني تفكيك أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة