25 عاماً على وفاة الأميرة ديانا... نظام ملكي بريطاني هشّ في مواجهة الفضائح

الأميرة ديانا وإلى جانبها نجلاها هاري وويليام (أ.ف.ب)
الأميرة ديانا وإلى جانبها نجلاها هاري وويليام (أ.ف.ب)
TT

25 عاماً على وفاة الأميرة ديانا... نظام ملكي بريطاني هشّ في مواجهة الفضائح

الأميرة ديانا وإلى جانبها نجلاها هاري وويليام (أ.ف.ب)
الأميرة ديانا وإلى جانبها نجلاها هاري وويليام (أ.ف.ب)

بعدما انتُقدت العائلة الملكية البريطانية على برودتها الظاهرة عند وفاة الأميرة ديانا، حاولت الأسرة الحاكمة تحديث وتلميع صورتها. غير أن الفضائح التي طالت بعض أفرادها مؤخراً كشفت عن هشاشة هذه المؤسسة وعجزها عن مواكبة التطورات المجتمعية.

فطرت وفاة الأميرة ديانا في 31 أغسطس (آب) 1997 في حادث سير في باريس قلوب البريطانيين، في حين بدت العائلة الملكية في منأى عن ذلك تماماً. حينها، لزمت الملكة وابنها البكر ولي العرش الأمير تشارلز، الذي كان طلاقه من ديانا قد تمّ قبل عام من وفاتها، الصمت في قصر بالمورال في أسكوتلندا، بعيداً عن العاصمة، قبل أن يعودا إلى لندن للمشاركة في الحداد الوطني. تداركت الأسرة الملكيّة أخطاءها وحاولت طي صفحة عشر سنوات مؤلمة بين حالات طلاق وشجارات عائلية وفضائح أخرى. غير أن هذه الجهود التي ساعدتها في استعادة جزء من شعبيتها، هزّتها تحديات مؤخراً بسبب سلسلة من الأزمات، بما فيها اتهامات بالاعتداء الجنسي استهدفت الأمير أندرو في الولايات المتحدة وكلفته ملايين الدولارات لإسقاط الدعوى بحقّه، إضافة إلى رحيل الأمير هاري وزوجته ميغان وانفصالهما عن العائلة.
يقول مؤرخ العائلة الملكية إيد أوينز لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانت وفاة ديانا إعصاراً اضطر الملكيّة إلى إعادة صياغة صورتها العامّة واعتماد صورة أحدث وتحسين حضورها من أجل اكتساب رضا الجمهور البريطاني». ويضيف أن قصة ديانا «تبقى حية من خلال ابنيْها»، لافتاً إلى أن «أوقات صعبة آتية».

بعد ربع قرن على المأساة، تدير العائلة الملكية البريطانية اتصالاتها بشكل أفضل، إذ وظّفت خبراء في العلاقات العامة وأصبحت أكثر استجابة وحضوراً على شبكات التواصل الاجتماعي كل هذا مع تولي تنظيم المناسبات الكبيرة مثل احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية التي تحظى بشعبية منقطعة النظير، في يونيو (حزيران) الماضي.
يتحدّث روبرت هاردمان في كتابه حول حياة الملكة إليزابيث الثانية «Queen of Our Times: The Life of Elizabeth II» عن «تطور» موزون في تعامل النظام الملكي البريطاني مع تسارع تدفق المعلومات المتواصل ونشأة شبكات التواصل الاجتماعي. ويعتبر أن النظام الملكي «يتغيّر ببطء وبشكل غير محسوس لكن بحزم وبتعقل».
بعد وفاة ديانا، كان الهدف إظهار صورة «إنسانية» أكثر للملكة إليزابيث الثانية التي يُنظر إليها أحياناً وكأنها تولي اهتماماً أكبر لكلابها وأحصنتها من اهتمامها برعاياها.
وتمّ العمل على صورة تشارلز الذي وُجهت إليه انتقادات واتهم بأنه جامد ومتعالٍ.
أمّا أبناه الأميران هاري وويليام فقد بهرا البريطانيين نظراً للعلاقة الوثقى بينهما ومن ثم خلال تنظيم زواجيهما في أجواء من الفخامة والأبهة.

يشير هادرمان إلى أن النظام الملكي البريطاني أصبح أكثر استجابة في مواجهة القضايا المثيرة للجدل، بعدما كان في الماضي «يخبئ رأسه في الرمال».
في مواجهة اتهامات هاري وميغان للعائلة الملكية بالتعامل بعنصرية حيالهما، ردّت الملكة في بيان أكّدت فيه أنها تأخذ القضية على محمل الجدّ وأن «ما يتم تذكره حيال موقف ما قد يختلف من شخص إلى آخر».
غير أن انتقال هاري وميغان للعيش في الولايات المتحدة في عام 2020 تسبب بأضرار، منها «حرمان النظام الملكي من أحد منقذيه»، أي هاري، بحسب أوينز.
ويشير هذا الأخير إلى أن «ميغان جسّدت أيضاً بعض الفضائل التي سعت ديانا إلى إبرازها»، مشدداً على طريقتها في التعبير عن مشاعرها وإظهار «تعاطفها مع هموم الناس العاديين وحياة الناس في الدول النامية».
ويعتبر أوينز أن «الخطأ الجسيم» الذي اقترفته الملكة إليزابيث الثانية (96 عاماً) في العقدين الأخيرين، هو إدارة الأزمة المتعلقة بالاتهامات التي وُجّهت للأمير أندرو الذي طالما قُدّم على أنه ابنها المفضّل.
في مارس (آذار) 2022. توصّل ثاني أبناء الملكة إلى تسوية كلفته ملايين الدولارات مع الجهة المدعية في قضية الاعتداء الجنسي ضده في الولايات المتحدة والتي تم إسقاطها. بعد شهر على ذلك، سمحت له والدته الملكة بمرافقتها إلى الكنيسة لإحياء الذكرى الأولى لوفاة زوجها الأمير فيليب.
يقول أوينز: «ربّما لم تتعلّم الملكة الدرس في أواخر التسعينيات مثلما يجب».
ويرى المؤرخ أن «مصاعب» مماثلة تعترض طريق الأمير تشارلز الذي وُجهت إليه انتقادات بسبب هبات مصادرها مثيرة للجدل تلقتها جمعيات يديرها أو مواقف اتخذها وعُدت غير لائقة بالنسبة لملك مستقبلي.
على عكس والدته، يفتقر تشارلز إلى «الحذاقة مما سيوقعه في المتاعب»، بحسب أوينز.


مقالات ذات صلة

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

أوروبا الأمير أندرو (رويترز)

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

تصدّر الأمير أندرو الذي استُبعد من المشهد العام عناوين الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية أمس (الجمعة)، على خلفية قربه من رجل أعمال متهم بالتجسس لصالح الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (رويترز)

الملكة إليزابيث كانت تعتقد أن كل إسرائيلي «إما إرهابي أو ابن إرهابي»

كشف الرئيس الإسرائيلي السابق، رؤوفين ريفلين، عن توتر العلاقات التي جمعت إسرائيل بالملكة إليزابيث الثانية خلال فترة حكمها الطويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يلتقي الأمير وليام في غرفة الصالون الأصفر بمقر إقامة سفراء المملكة المتحدة في باريس (أ.ف.ب)

ترمب: الأمير ويليام أبلغني أن الملك تشارلز «يكافح بشدة» بعد إصابته بالسرطان

صرّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن محادثات جرت مؤخراً مع وليام، أمير ويلز، ألقت الضوء مجدداً على صحة الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق وصول الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا لاستقبال السلك الدبلوماسي في القصر (أ.ب)

هاري يخيب آمال تشارلز بتصريحاته عن طفليه

تحدث الأمير هاري عن تجربته في تربية طفليه، آرتشي وليلبيت، مع زوجته ميغان ماركل في الولايات المتحدة، ما يبدو أنه خيَّب آمال والده، الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

الأمير هاري يسخر من إشاعات الطلاق

سخر الأمير هاري، دوق أوف ساسكس، من الإشاعات المتكررة حول حياته الشخصية وزواجه من ميغان ماركل. جاء ذلك خلال مشاركته في قمة «DealBook» السنوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.