اهتمت الدولة السعودية الحديثة منذ تأسيسها على يد الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن، بالاعتناء ببيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وتأتي عملية غسل الكعبة المشرفة ضمن اهتمامات الدولة ليحرص قادة السعودية على الإشراف والمشاركة في غسل الكعبة.
ونيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تشرف الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، أول من أمس، بغسل الكعبة المشرفة، وبدا ولي العهد السعودي وهو ممسك قطعة قماش مبلولة بماء زمزم مع الورد يمسح جدران الكعبة المشرفة اقتداءً بسنّة النبي - محمد صلى الله عليه وسلم -، عندما تم فتح مكة، وقام والصحابة بغسلها من الداخل وتطهيرها من الأزلام والأصنام، وتحقيقاً لقوله تعالى «وَطَهِرْ بَيْتِي لِلطَائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُكَعِ السُجُودِ».
وتُغسل الكعبة المشرفة عادة من الداخل بماء زمزم المخلوط بماء الورد، بتدليك جدرانها من الداخل بقطع القماش المبلّل بالمخلوط الذي يُحضّر منذ وقت مبكر، ثم تتعطر بعطر العود الذي يتجاوز سعر الكيلو منه 10 آلاف دولار وتظل رائحة العطر بها حتى موعد غسلها الثاني، كما تُستخدم مكنسة يدوية لتنظيف الكعبة من الغبار والأتربة قبل الغسل، ومكنسة يدوية أخرى لتوزيع العطر الخاص بالكعبة المشرفة من دون أن تعيق حركة قاصدي المسجد الحرام، وماء الورد يُستخدم لتطييب الكعبة من الداخل كالأرضية والجدار الداخلي.
وتستخدم الرئاسة العامة في أعمال التطهير والتطييب بالمسجد الحرام مواد جُلبت خصيصاً لهذه الغاية، ويتم تجهيز المواد والأدوات اللازمة لأعمال التطهير، والتأكد من وجود المعدات التي ستستخدم داخل المنطقة المحيطة بالكعبة المشرفة قبل التطهير، ثم يستخدم ماء الورد لتعطير الملتزم والحجر الأسود والركن اليماني، ومقام إبراهيم - عليه السلام.
وتبدأ عادة مراسم غسل الكعبة بطواف المشاركين في عملية الغسل حول الكعبة 7 أشواط، وتسلم الحجر الأسود، ثم أداء ركعتي الطواف وبعدها يتقدم كبير سدنة بيت الله الحرام من آل شيبة إلى باب الكعبة ويخرج مفتاح الكعبة ويفتحه إيذاناً ببدء عملية الغسل.
وكان أول من أمر بتطييب الكعبة المشرفة بصورة منتظمة معاوية بن أبي سفيان وذلك بالخلوق والمجمر، وكان يبعث بالطيب إلى مكة مرتين في السنة، ثم اهتم عبد الله بن الزبير بتطييب الكعبة، وذلك عندما فرغ من بنائها مسح ظاهرها وباطنها بالمسك والعنبر من أعلاها إلى أسفلها ثم كساها، وكان يجمرها كل يوم برطل من الطيب وفي يوم الجمعة برطلين، كما كان عبد الملك بن مروان يرسل كل عام الكسوة للكعبة ويبعث أيضاً بالطيب والمجمر.